هل يعوزنا أحياناً التخلي عن المبدأ الذي نصفه دائماً بأنه لا يتجزأ؟!! أم أن المصالح تفرض علينا وتقتضي أن نُغَلِّبها عليه. عملاً بالضرورات تُبيح المحظورات؟!! وليس هناك من حدث مهم في مصر تُسلط عليه الأضواء في الوقت الحالي. سوي الانتخابات الرئاسية. ويُتابعها العالم بعيون مفتوحة علي مصراعيها. يراقب ويحلل برامج فَرَسيّ الرهان. ويرصد فرصة فوز كل منهما. غير أن السيسي كان هو الشخصية التي يدور حولها الجدل الحاد والأشد!! فالكاتب الإنجليزي روبرت فيسك. يذكر في مقاله ب"إندبندنت" البريطانية أن السيسي سيفوز بنسبة 82% من الأصوات غير أنه يصف نجاحه بأنه حماية للمؤسسة العسكرية واقتصادها. بالإضافة إلي أنه لن يسمح للمدنيين بالاطلاع علي ميزانية الجيش!! إن "فيسك" يلوي عنق الحقيقة. ويخلط المفاهيم. يتناسي أن مصر تحتاج في الوقت الحالي إلي رجل قوي يستطيع القضاء علي الإرهاب. ويعيد إليها أمنها المفقود. ويقيم اقتصادها من عثرته ويدفعه إلي الأمام. ويحافظ علي وحدة أراضيها. فيسك الذي يؤمن بمبدأ ديفيد كاميرون "لتذهب حقوق الإنسان إلي الجحيم. حينما يتعلق الأمر بالأمن القومي". يأخذ علي السيسي أنه يحارب الإرهاب الذي ولَّده عزل مرسي. أيضاً لا يري غضاضة أن يضيع وطن في سبيل شخص وبعض من أنصاره!! أما العجوز "كاترين آشتون" وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فهي تتغزل في السيسي وتصفه بأنه "المرشح الأوفر حظاً".. وتقرر أن الاتحاد سيدعم مصر لإعادة بناء اقتصادها. وسيدعمها في مكافحة الإرهاب. لم يكن هذا رأي آشتون في مصر. ولا سيما في السيسي. عقب بيان 3 يوليو. إذ أنها وصفته بقائد الانقلاب العسكري علي الشرعية. خشية منها علي أوروبا ومصالحها التي كان يرعاها الإخوان. ولأن برجماتية الغرب ونفعيته. تجعله ينسف أي مبدأ علي الفور. ولا يتمسك به. فبعد أن تيقن أنه من المستحيل عودة مرسي إلي الحكم مرة أخري. وبعد ان اتهم مصر بالإرهاب. عاد وأيدها في حربها ضده. واقتنع أن مصلحته مع النظام الجديد. حتي لو قاده السيسي!! وفي مقابل فيسك. وآشتون. نجد الإعلامي الكبير حمدي قنديل عينه علي السيسي. ولكن قلبه مع حمدين. فهو يتبني مبادئ حمدين جملة وتفصيلاً. ولكنه سيمنح صوته للمشير. نظراً لظروف البلد الحالية التي لا تتطلب إلا رجل ذو خلفية عسكرية!! الأستاذ قنديل يتغزل هو الآخر في السيسي. واصفاً إياه بالثعلب الكبير. والمهذب. والمتواضع. والمتدين. وشعبيته تماثل شعبية عبدالناصر. هو نفسه الذي وضع يده في يد مرسي. وقال فيه من الشعر ما يملأ دواويناً. ودعا المصريين لاختياره نكاية في شفيق المرشح العسكري وهو نفسه الذي يصف مرسي الآن بأنه أسوأ رئيس جمهورية أتي بعد ثورة قام بها الشعب طلباً للحرية. المبادئ مازالت تتغير بتغير المواقف. والمصالح. ولا أحد يتبني وجهة نظره للنهاية ويتمسك بها. ولكنه يغيرها في لحظات كما يغير ملابسه. ويعيش بين الناس دون أدني تأنيب من ضمير علي تلك المبادئ التي تتجزأ وتهترئ!!