أثناء متابعتي يوم الاثنين الماضي لردود الأفعال عقب الحكم بإعدام 37 متهماً إخواياً في أحداث العنف بالمنيا لفت نظري أن إحدي القنوات الفضائية نقلت بثاً مباشراً من أمام المحكمة مع احدي المواطنات التي كانت تصرخ وتولول وتلطم الخدود.. فسألها المراسل ما هي قصتك؟!.. فقالت: ابني ميت من 3 سنوات وجعلوه متهماً والقاضي الظالم أصدر حكماً اليوم بإعدامه. هل هذا يرضي الله؟!.. فعاد المراسل يسألها كيف هذا. ألم يطعن المحامي ويقدم للقاضي مستندات الوفاة؟!.. فردت السيدة: هو القاضي الظالم ده بيسمع لحد وانهمرت في البكاء وهرولت مسرعة!!.. هذه اللقطة التي أذاعتها القناة الفضائية تناقلتها عدة قنوات ومواقع وردد مضمونها العديد من المعلقين علي الأحكام في الداخل والخارج.. ولم يسأل أحد نفسه هذه الأسئلة: * لماذا تصرخ السيدة وتولول لصدور حكم بإعدام ابنها الميت أصلاً كما تقول منذ ثلاث سنوات؟!.. ماذا يفيد في ذلك؟!.. وكيف علمت أن ابنها متهم في القضية؟!.. ولماذا حضرت جلسات المحاكمة وقامت بتوكيل محام؟!.. ثم وهذا هو السؤال الأهم ما هو اسم هذا الميت الإخواني الذي صدر الحكم بإعدامه؟!! الإجابة عن هذه الأسئلة تفسر مقصودي من هذا المقال.. إن راسمي السيناريو أرادوا توصيل رسالة للمشاهدين في مصر وخارجها مؤداها أن القاضي ظالم وأصدر أحكاماً بصورة عشوائية والإخوان أبرياء. وأن المتهمين لم تتوفر لهم محاكمة عادلة.. هذه هي الرسالة التي أرادوا توصيلها واختاروا منفذيها بعناية معتمدين علي غياب العقل أثناء متابعة ردود الفعل لمثل هذه الأحكام وتغليب الناس للعاطفة.. فمن سيفكر في الأشياء بالمنطق عندما يجد إنسانة تولول وتلطم الخدود عقب صدور أحكام بالإعدام. للأسف غياب المنطق والعقل أصاب الكثيرين وهو الأمر الذي نعاني منه هذه الأيام وسبق أن أكدت أن سنوات حكم مبارك أصابت معظم المصريين بانفصام الشخصية وهي الجريمة التي يجب محاسبته عليها. حيث جعلت البعض يقول الشيء ونقيضه في نفس الوقت.. مثلاً يطالب بقانون للتظاهر وعندما يصدر القانون يعارضه.. مثلاً مثلاً يطالب بأحكام رادعة ضد مرتكبي أعمال العنف والإرهاب بل ويتهم القضاء بالتقاعس عن إصدار أحكام سريعة ورادعة وعادلة.. وعندما تصدر الأحكام ينتقدها بل ويتهم القضاء بالإساءة إلي صورة مصر في الخارج.. مثلاً مثلاً يطالب بضرورة خضوع الجميع للقانون وسيادة الدولة وعندما يصدر حكماً بحظر حركة 6 ابريل لمخالفتها القانون. ويسارع البعض ليهاجم القضاء ويدافع عن الحركة وبدلاً من أن يطالبها بالخضوع للقانون لأن ممارسة السياسة لا تتم إلا عبر قنوات شرعية مثل الأحزاب أو حتي الجمعيات فإنه يعلن وقوفه مع الحركة ضد القانون.. هذه الحركة التي ترفض الاعتراف بالقانون أي قانون وكأنه كما قال لي أحد قادة الأحزاب علي رأسهم ريشة لا يريدون رقابة من الدولة والأجهزة المعنية علي الوارد من الخارج والداخل.. ولا يريدون عملا في "النور" وكأن هناك مواطناً عادياً وآخر مميز.. هذا شخص والآخر ثوري. البعض يسمي تلك المواقف بالانتهازية أملاً في تحقيق مكاسب خاصة ولكني بكل صراحة ووضوح سئمت من ميوعة ما يطلق عليها النخبة المصرية.. أولئك الذين يصدعون رءوسنا ليل نهار في الفضائيات بالمواقف المزدوجة حتي حيرونا وحيروا الملايين وجعلوا الكثيرين يفقدون الثقة في كل شيء. أما أولئك الذين "حبكوا" واقعة إعدام الإخواني الميت كما "حبكوا" وقائع أخري كثيرة لإيهام البعض في الداخل والخارج بأنهم أبرياء وأن القضاء منحاز.. فأقول لهم وللجميع شاهدوا مقاطع الفيديو لجرائم هؤلاء المتهمين واحكموا علي أفعالهم وطبقوا الشرع وأحكام الشرع التي وردت في القرآن الكريم علي المفسدين في الأرض.. ووجهوا النصيحة للجميع وذكروهم بالحديث الشريف الذي يقول: "كل المسلم علي المسلم حرام.. دمه وماله وعرضه". حمي الله مصر وحفظها من كل سوء