لم استغرب رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي علي اتفاق المصالحة الذي تم بين حركتي فتح وحماس مؤخراً وأسفر عن الاتفاق علي تشكيل حكومة توافق وطني.. حيث أغضب هذا الاتفاق كلاً من واشنطن وتل أبيب وأعلنا الحرب عليه بالتهديد والوعيد.. أمريكا اعتبرت أن هذا الاتفاق سيعرقل جهود السلام بشكل خطير وأعربت عن خيبة أملها من هذا الاتفاق بل وهددت بإعادة النظر في مساعدتها للفلسطينيين في حال تشكيل حكومة توافق وطني بين حركتي فتح وحماس!! إسرائيل من جانبها اعتبرت اتفاق المصالحة الفلسطينية يعني تجميد مفاوضات السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية وكأن مفاوضات السلام أثمرت أصلاً عن أي تقدم لحل القضية الفلسطينية حيث كان أول ردود الفعل الإسرائيلية هو إلغاء اجتماع كان مقرراً مع الجانب الفلسطيني بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقال افيغدور ليبرمان وزير خارجية تل أبيب إن الاتفاق بين فتح وحماس علي تشكيل حكومة يعني نهاية المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل فلا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تصنع السلام مع إسرائيل ومع حماس في آن واحد.. إسرائيل لم تكتف بالتهديد بوقف مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية فقط بل قامت علي الفور بتصعيد عملياتها العسكرية علي قطاع غزة حيث قامت قواتها بقصف القطاع وذلك تزامناً مع المصالحة وإنهاء الانقسام بين فتح وحماس لأنها أول من يعلم أن إنهاء حالة الانقسام بين الفلسطينيين سوف يدعم الموقف الفلسطيني خلال أي مفاوضات مستقبلية مع الجانب الإسرائيلي وهذا هو ما يخيف تل أبيب التي ظلت لسنوات تعمل علي تقطيع أوصال القضية الفلسطينية فهي صنيعة هذا الانقسام وهي التي تغذيه حتي تطمس معالم الدولة الفلسطينية لتبقي القضية الفلسطينية أسيرة الصراع بين حركتي فتح وحماس علي السلطة!! إذن ليس غريباً رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي علي اتفاق المصالحة الفلسطينية لأنه من مصلحتهما أن يبقي الوضع علي ما هو عليه من انقسام فلسطيني حتي تظل الدولة الفلسطينية مبتورة الأجزاء.. السلطة الفلسطينية تدير الدولة من الضفة الغربية فقط بينما تسيطر حماس علي قطاع غزة.. هذا هو المخطط "الصهيو أمريكي" الذي ظلت إسرائيل وأمريكا تعملان عليه منذ سنوات.. وهو نفس المخطط الذي يعملان علي تطبيقه في المنطقة العربية حالياً حيث وجدت كل من واشنطن وتل أبيب ضالتهما للسيطرة علي المنطقة العربية عن طريق انقسام الشعوب ما يؤدي في النهاية إلي تفتيتت تلك الدول وتقسيمها إلي مجرد دويلات لا خوف منها ولا تأثير لها!! لست من هواة التشاؤم إلا أنني أخشي أن يكون مصير هذا الاتفاق نفس مصير الاتفاقات السابقة التي جرت بين حركتي فتح وحماس مجرد "شو" إعلامي ومصافحات وابتسامات أمام الكاميرا لتعود ريما في النهاية لعادتها القديمة ويكون مصير الاتفاق ادراج المكاتب مثل سابقيه.. هذا التشاؤم يصيب الفلسطينيين أنفسهم الذين يرون أن هذا الاتفاق هو فقط للاستهلاك المحلي والإعلامي ومن أجل تحقيق أهداف لكلا الجانبين.. عموماً أقول للفلسطينيين لا تتشائموا وأقول لقيادات فتح وحماس أنظروا جيداً إلي الغضب الإسرائيلي والأمريكي من هذه المصالحة حتي تدركوا جيداً حجم النجاح الذي حققتموه.. فلا تخذلوا أنفسكم ولا تخذلوا العرب معكم واتحدوا!!