يبدو أن أثيوبيا ستضعنا أمام الأمر الواقع ونجد أنفسنا عاجزين عن الدفاع عن حقوقنا في مياه نهر النيل والحفاظ علي حصتنا التاريخية من هذه المياه!!. أثيوبيا ماضية بطريقة جادة في بناء سد النهضة تعاونها دول كثيرة إما معادية لمصر وإما صاحبة مصالح مادية من خلال مشاركتها فنياً ولوجيستياً في عملية البناء. لاحظنا أن حكومة المهندس إبراهيم محلب صمتت تماماً عن الحديث في هذا الموضوع. ولم نسمع عنه سوي خبر عن لجنة برئاسة رئيس الوزراء لمتابعة تطورات الموقف. وتصريحاًً بأن المباحثات مع أثيوبيا لم تنقطع. ولكننا لم نر ولم نسمع جديداً بعد ذلك. أثيوبيا من جانبها تستخدم معنا أسلوب تخدير الأعصاب فخففت من لهجة التحدي. وبدأت تسلك سياسة ناعمة مع مصر علي أساس العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين وأن أثيوبيا لا يمكن أن تتسبب في أي ضرر لمصر أو أن تنتقص من حصتها في مياه نهر النيل نتيجة لإقامة سد النهضة. وآخر التصريحات الناعمة والمخدرة التي اطلقتها أثيوبيا جاءت علي لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأثيوبية السفير دينا موفتي حيث قال إن مشروع سد النهضة هو مكسب للطرفين المصري والأثيوبي حيث يفترض أن يصبح أكبر مولد للطاقة الكهرومائية في القارة الأفريقية. وقال إننا نتمني أن تدرك مصر أهمية ذلك كما أدركته السودان التي تساند بناء السد بشكل كبير!!. هنا لابد أن نلاحظ أمرين: أن نقارن أولاً بين لغة العناد التي كانت تتحدث بها أثيوبيا من قبل وبين اللغة اللينة التي تتحدث بها حالياً بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في بناء السد. والأمر الثاني هو تخلي السودان عن مصر. وضربها عرض الحائط بالمصالح المشتركة والعلاقات التاريخية بين البلدين.. وهذا غير مستبعد في سياسة السودان منذ أن تولي عمر البشير المسئولية فيه. شبكة "بي.بي.سي" الاخبارية البريطانية ذكرت في تقرير لها أن أثيوبيا انجزت الجزء الأصعب من المشروع وهو يتمثل في تحويل مجري النيل الأزرق وتقوم الآن بفرش قاع النهر الذي تحولت عنه المياه بطبقات من الأسمنت ستشكل الجزء الأساسي من السد. السد يقام علي مساحة 1800 كيلو متر مربع ويبلغ ارتفاعه 170 متراً ويعمل به 8500 شخص علي مدي 24 ساعة يومياً وتموله الحكومة الأثيوبية ب 4 مليارات و700 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب.. ومن المقرر أن تستغرق عملية بنائه 3 سنوات. لم تنس الشبكة الاخبارية البريطانية أن تذكرنا أن المشروع الذي بدأ الاعلان عنه عام 2011 يسبب لمصر قلقاً لأنه يقلل من حصتها في مياه نهر النيل.. وأقرت الشبكة حقيقة سكتنا عنها فجأة.. ولا أدري لماذا وهي أن كل محاولات تقريب وجهات النظر بين البلدين قد فشلت خاصة بعد انحياز السودان للجانب الأثيوبي!!. الآن.. ما هو موقفنا؟! وماذا يمكن أن نفعل؟! وقد خيم علينا صمت رهيب في الفترة الأخيرة.. ولا أعتقد أن بعض التحركات والزيارات التي قام بها السيد نبيل فهمي وزير الخارجية لبعض دول حوض النيل في الفترة الأخيرة قد أتت بجديد ولا أعتقد أنها ستحرك ساكنا!!. المهندس إبراهيم محلب مشغول بحل المشكلات الداخلية وهو ووزراؤه يجوبون مصر طولاً وعرضاً لحل المشاكل الداخلية.. ونحن علي أبواب انتخابات رئاسية.. ومن بعدها انتخابات برلمانية.. والسد يجري بناؤه علي قدم وساق.. وعلينا الا ننسي التحذيرات الكثيرة التي سبق أن حدثنا عنها خبراؤنا في الموارد المائية وما يسببه لنا هذا السد من أضرار بالغة.. والغريب أننا بدأنا نسمع أصواتاً خافتة حول عدم تأثرنا ببناء هذا السد!!. الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية الأسبق قال إنه اعد دراسة كاملة ومتكاملة عن سد النهضة وفيها حلول للمشكلة وإن هذه الدراسة في طريقها إلي رئاسة الجمهورية. والدكتور مفيد شهاب قامة قانونية لا شك في ذلك.. وأعتقد أن دراسته تنصب علي هذه النواحي القانونية التي تحفظ لمصر حقوقها التاريخية طبقاً للمعاهدات الدولية في مياه نهر النيل. وإذا كان من الواجب الاستفادة بكل رأي وكل عمل يحقق مصالحنا في هذه المشكلة فإنه من باب أولي أن نستفيد بدراسة الدكتور مفيد شهاب.. وكل الدراسات التي تساعدنا من النواحي القانونية والفنية. نحن الآن نمر بحالة صمت مريبة.. وندعو الله الا يسكت لنا صوتاً خاصة في موضوع سد النهضة.