لاشك أن هناك العديد من الصناعات القديمة مهددة بالاندثار في مصر.. مما يمثل خسارة كبيرة الأمر الذي يتطلب ضرورة التحرك بسرعة لانقاذ هذه الصناعات.. وقد قررت جمعية نهوض وتنمية المرأة التعاون مع جمعية ساويرس للتنمية تنفيذ مشروع جديد تحت عنوان "صناعات تندثر دعونا ننقذها" وذلك بمنطقة مصر القديمة بهدف دعم الشباب والسيدات المعيلات اقتصاديا وقانونيا وتعليميا وصحيا وامدادهم بالتدريبات المختلفة. تؤكد د. ايمان بيبرس رئيس جمعية نهوض وتنمية المرأة أن حوالي 100 ألف أسرة بمنطقة المدابغ تعمل بهدف حماية صناعتي الدباغة والفواخير من الاندثار وتطويرها وحماية العاملين فيهما من فقد وظائفهم وفتح آفاق جديدة لتصديرها. أضافت أن هذا المشروع يتوجه لفئة جديدة وهي ابناء وازواج السيدات اللاتي يعملن بحرفتي الفواخير ودباغة الجلود حيث ان هذه الصناعات علي وشك الاندثار مما يتسبب في فقدان العاملين بها لمهنتهم. أشارت إلي أن هذا المشروع يعد نموذجاً مجتمعياً تتضافر فيه كافة الجهود وتشارك فيه كافة أطراف المجتمع "عمال- أصحاب ورش- رجال أعمال- حكوميين- مجتمع مدني" حيث يتم تنفيذه بالشراكة مع الهيئات الحكومية المهتمة وجهاز شئون البيئية والغرفة الصناعية وحتي مصر القديمة ليصبح نموذجاً يمكن تطبيق في مجتمعات أخري لخلق فرص عمل جديدة للشباب ويحافظ علي صرف أخري من الاندثار. تقول ناهد يسري مسئولة المشروعات بمؤسسة ساويرس إن المشروع يهدف لتدريب العاملين الموجودين حالياً بحرفتي الفواخير ودباغة الجلود من خلال أكاديميين متخصصين بالتعاون مع مركز الفسطاط لتطوير صناعة الفخار وذلك لرفع تقنية التنفيذ في كل صناعة علي حدة وعمل تصميمات حديثة وسيتم اتباع منهجية التدريب بالمعايشة حيث ستتم إقامة هذه التدريبات في الورش والمصانع الصغيرة الموجودة بالفعل في المجتمع وسيستخدم المعدات والخامات الموجودة في الصناعة بالفعل وليس موارداً بديلة. أضافت أنه سيتم تدريب مجموعة من الشباب علي كيفية صيانة آليات التصنيع في المدابغ والورش والمصانع لضمان كفاءة تشغيل تلك الصناعات. أكدت ان الجمعيات الأهلية تعتبر نموذجاً ناجحاً لتنمية المرأة ودورها في المجتمع وخلق فرص عمل للشباب وان صناعة الجلود تعتبر من أهم الصناعات التي لها سوق للتصدير. تقول نرمين فؤاد- مدير الجمعية: تم وضع معايير لاختيار الفئة المستحقة وهي أن يكون مقيما بمنطقة مصر القديمة أو مناطق مجاورة وان يكون عمره يتراوح ما بين 18 إلي 45 عاماً وان يجيد القراءة والكتابة وسيتم تدريب الآميين طبقاً لاحتياج المجتمع وأن يعول أسرة أو علي الأقل يساهم في مصروفات الأسرة وان يكون موقفه من التجنيد واضحا ومحدداً. يقول أشرف أديب- مسئول التنمية الاقتصادية بالجمعية انه من خلال الدراسات الميدانية التي تم القيام بها لرصد أوضاع صناعتي الفخار ودباغة الجلود في منطقة مصر القديمة توصلنا إلي أهم المشاكل التي تواجه تلك الصناعات وهي علي الوجه التالي: أولا: فيما يتعلق بصناعة الفواخير فهناك مشكلات خاصة بالتصنيع منها ضعف جودة المنتج وذلك نتيجة عدم حرقه بالصورة المطلوبة حيث يتم الحرق بصورة غير معلنة ولمدة قصيرة خوفاً من جهاز البيئة وتقوم البيئة بتحرير محاضر بصفة مستمرة لهذه الورش. أضاف أن هناك مشكلات خاصة بالعمالة مثل هدم عدد كبير من الورش جعل عدداً كبيراً من العاملين في هذه المهنة عاطلين مما دفعهم إلي البحث عن مهن أخري. أوضح أن هناك مشاكل تتعرض لها صناعة دباغة الجلود منها مشكلات تتعلق بالعمالة مثل هجر معظم العمال المهرة تلك الصناعة لعدم استقرارها وعدم وجود سيولة نقدية منذ التسعينيات ومشكلات صحية متعلقة بالصناعة حيث ينتج عن عملية تصنيع الجلود والغراء انتشار بعض الامراض مثل حساسية الصدر والعين وبعض الامراض الجلدية. تقول هالة عبدالقادر- مسئولة تنمية الأسرة بالجمعية انه سيتم تقديم تدريبات علي كيفية ادارة المشاريع وكيفية عمل دراسات جدوي وطرق التخزين وكيفية الاشتراك في المعارض وذلك تمهيدا لمنح هؤلاء المشاركين قروضاً لتطوير مشروعاتهم وورشهم كما سيتم منح أصحاب المشروعات قروضاً لشراء خامات ومعدات بشرائح مالية تصل إلي 10 آلاف جنيه للورشة الواحدة كما سيتم توقيع بروتوكولات تعاون مع جهاز شئون البيئة والغرفة الصناعية وهي مصر القديمة وسوق الفسطاط وذلك لتسهيل اقامة معارض في الاسواق المجاورة لمنطقة كنائس مصر القديمة وسوق الفسطاط الأثري. يقول عبدالحكم سيد- مدير مركز الفسطاط للخزف انه سيتم ايضا تدريب الشباب والفتيات علي صناعة أخري وهي انتاج "القلل" المطعمة بالخزف بهدف تصديرها للخارج خاصة أنها من الصناعات التي يحتاجها السوق التصديري خاصة في أوروبا.. مشيراً إلي أن هناك مشروعا بقرية المثلثة ببطن البقرة علي مساحة 3 أفدنة بالتعاون مع الحكومة الايطالية وبتكلفة 13 مليون جنيه بهدف تطويرها بالاضافة إلي توفير 25 ألف فرصة عمل داخل مدينة بدر. يطالب مصطفي كامل- خبير بصناعة الجلود بتنظيم حملة اعلامية تستهدف لفت نظر صناع القرار وخاصة جهاز شئون البيئة للمساعدة في ايجاد حلول بديلة لضمان عدم انه ثار تلك الصناعات. علي ان يتم من خلال المشروع تقديم مجموعة من الخدمات المباشرة للعملاء مثل استخراج الأوراق القانونية مثل بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد وذلك لدمج هؤلاء العمال بالمجتمع ومنحهم اساسيات الحقوق المدنية المكفولة لهم من خلال تمكينهم القانوني والاجتماعي. ويقول نسان دوس- فنان تشكيلي بقرية الفخارين ومسئول عن تنظيم وتنسيق المشروعات مع الجمعية ان عدد الأسر التي تعمل في صناعة الفواخير 1900 أسرة منهم 1200 أسرة في منطقة مصر القديمة. أشار إلي أن مشكلة هذه الصناعة هو تسرب عدد كبير من العمالة نتيجة استخدام الأفران التقليدية في عمليات الحرق مؤكدا علي ضرورة تحويل هذه الافران إلي افران البوتاجاز صديقة للبيئة وذلك علي مدي خطة واضحة ولها جدول زمني محدد.