اختيار الوزراء في مصر يتم بطريقة عشوائية وخاطئة وفي لحظات فارقة منذ سنوات فهل يعقل ان تشكيل حكومة في 3 أيام كما حدث في الحكومة الجديدة وتمت مقابلة المرشحين في فترة محدودة للغاية. هذا الاختيار خاطيء بكل المقاييس ولا يستند إلي أساليب علمية متحضرة فمعظم الوزراء الجدد تم اختيارهم في ساعة الصفر مجرد سد خانة لمنع البلبلة وغلق الباب أمام الاعتراضات التي ظهرت في العديد من القطاعات والوزارات والمؤسسات حيث تم اجراء تعديل في الأسماء التي تم طرحها استجابة للاعتراضات دون التعرف علي كفاءات هؤلاء الوزراء. المفروض ان نظام اختيار الوزراء يخضع لمعايير دقيقة تحددها لجنة من الخبراء أو هيئة عليا في كل المجالات. هذه الهيئة أو اللجنة العليا تكون تابعة لرئاسة الجمهورية مباشرة وتكون بمثابة كشف هيئة لإعداد الوزراء واختيارهم بدقة من الآن وذلك من خلال الاعلان عن التقدم لمنصب الوزير ويتم وضع أسس وشروط محددة للتقدم إلي هذا المنصب وتقوم اللجنة بفحص السيرة الذاتية لكل مرشح تنطبق عليه الشروط والتعرف علي خبراته السابقة في الوزارة الذي يعمل بها ورؤيته المستقبلية لتطوير هذا القطاع وما هي المشاكل التي تعترض هذه الوزارة وكيفية حلها بسرعة. بالإضافة إلي ان هذه الشخصيات المرشحة لابد أن تتمتع بحب واحترام بين العاملين في الوزارات ويكون مشهودا لها بالكفاءة والتفاني في العمل والتواضع وحسن التصرف في الأزمات. من هذا المنطلق يتم اختيار الوزراء واعدادهم للمراحل الحاسمة في حالة تشكيل وزاري جديد ويتم اختيار أكثر من شخصية في كل وزارة لاختيار من هو مناسب منهم لكل مرحلة أو في حالة وفاة وزير أو اقالته بحيث لا يدركنا الوقت ونفاجأ بتغيير وزاري وتبدأ الاعتراضات والمجاملات علي حساب المواطنين نظرا لضيق الوقت في الاختيار. معظم الوزراء الذين تم اختيارهم في الحكومة الجديدة ظهروا لنا في ساعة الصفر وقبل اعلان التشكيل النهائي بساعة مما جعل البعض يعترض وآخرون يشككون في اسلوب الاختيار لاعتقادهم ان المجاملات هي التي حسمت الموقف ولقيت دورا كبيرا في ترشيح الوزراء. الكثير من الوزراء الذين تم اختيارهم في الحكومات السابقة والحالية بهذه الطريقة العشوائية لم تشاهد لهم بصمات واضحة في الأداء بل اعتمدوا علي خطط واستراتيجيات سابقيهم حتي انهم أغرقوا الوزارات وعطلوا مصالح المواطنين وكانت رؤيتهم محدودة في القطاعات التابعة لهم وعادوا بنا إلي الوراء سنوات طويلة مما أدي إلي تهلهل وزاراتهم واتسم أداؤهم بالضعف وخلفوا من بعدهم قيادات ضعيفة في العديد من الإدارات وانعكس هذا بالسلب علي المواطنين. في الواقع ان ما تمر به الآن ليس بسبب أزمات اقتصادية بل هي أزمة إدارية أولا لأن الوزارات في مصر لا تتحمل تجارب بل تحتاج إلي عقليات فائقة تستطيع أن تتجاوب مع مشاكل المواطنين بسرعة وأن يلمس المواطن المصري تحسنا ملحوظا في الأداء في أقل وقت ممكن بعيدا عن الوعود البراقة والمسكنات التي لا تعالج الأمراض الحقيقية التي تعاني منها علي مر الزمن. صدقوني ان كل وزير جديد يتسلم عمله في وزارة ما يجد نفسه غارقا في المشاكل المستعصية التي لم تخطر علي باله والتي هي أكبر من قدراته الذهنية وعندما يفشل في حلها يعلق فشله علي شماعه الامكانيات المالية ويؤكد لنا ان هذا خارج عن قدراته. لكن المشكلة الحقيقية ليس في الامكانيات المالية بقدر ما هي امكانيات ذهنية والمصيبة الكبري اننا نعتمد علي غير الكفاءات المهنية في تسيير سفينة العمل خاصة القيادات المعاونة للوزير فقد وصل بنا الأمر إلي اختيار قيادات في الوزارات لا تصلح لإدارة محل بقالة أو سوبر ماركت مع ان الوزير يعتمد عليهم اعتمادا كليا في تسيير العمل بالوزارة. في الحقيقة ان الوزير الضعيف يختار قياداته هزيلة وهابطة لا رؤية لهم ولا حلول وهؤلاء هم الذين يستمرون في عملهم من خلال المراهنة والنفاق للوزير الضعيف حتي يرضي عنهم ويكونوا ضمن حاشيته. لكن الكفاءات المحترمة التي لديها من القدرات الفكرية ما يجعلها قادرة علي تغيير المنظومة بأكملها إلي الأفضل ليس لها بيننا مكان أو تقدير فهؤلاء يتم وضعهم علي الرف ويتحولون إلي براويز في الوزارات لأنهم لا يجيدون المراهنة أو النفاق. هذه القيادات أصبحت عملة نادرة في بلدنا لأن الوفاء والاخلاص والكفاءة ليس هو المقياس الحقيقي للابقاء علي المتميزين بل اصبح النفاق والتدليس هو السائد في كل المجالات لأن الاختيار الخاطيء للوزير الضعيف هو الذي يتسبب في الوضع الحالي الذي نعيشه الآن في كل الوزارات. عموما ليس لنا أمل في أي اصلاح حقيقي نلمسه علي أرض الواقع فكل ما يحدث من الوزراء الحاليين مجرد حماس زائد ومسكنات لا تؤدي لحل مشاكلنا المتوارثة وسوف تهبط مع الأيام وتقل الهمم والعزيمة بعد الاصطدام بالواقع دون أن يتحقق أي اصلاح وأذكركم بقول الله تعالي في سورة مريم الآية "59" "فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا" صدق الله العظيم.