منذ سنوات وصناعة الدواء تواجه تحديات جمه وتفاقمت المشاكل بصورة كبيرة بعد اندلاع الثورة لذلك قررت نقابة الصيادلة الدخول في اضراب جزئي بداية من اليوم بالمشاركة مع اعضاء اتحاد المهن الطبية علي الرغم من مطالبات الحكومة بايقاف حالة الاضرابات في الوقت الحالي لكن الصيادلة بصفة خاصة يرون ان التأخير في تنفيذ مطالبهم يسبب اضراراً بالغة لواحدة من اهم الصناعات علي مستوي العالم ويضرب سمعه الدواء المصري في مقتل وفي نفس الوقت حل هذه القضايا الشائكة تحتاج فقط إلي قرارات تنفيذية وقدرة علي اتخاذ القرار الحاسم ولن تكلف الدولة اية اعباء اضافية في هذه المرحلة الحرجة. "المساء الاسبوعية" التقت د. محمد سعودي وكيل نقابة الصيادلة وأجرت معه حواراً حول العديد من القضايا. * سألنا في البداية: هل انتهت مشاكلكم كنقابة مع وزارة الصحة برحيل د. مها الرباط؟ ** بداية أحب أن أقرر أنه لم يكن هناك خلافاً شخصياً مع الوزيرة السابقة التي التمس لها بعض العذر لأنها لم تكن مستوعبة لحجم مشاكل الصيادلة المتراكمة وأيضاً خلافنا ليس مع وزارة الصحة ولكن الخلاف بين النقابة والدولة التي تركت المشاكل تتراكم منذ عصر مبارك حتي الان لانها ببساطة لا تدرك قيمة مهنة الصيدلة ولا قيمة الدور الذي يبذله الصيدلي في اطار المنظومة الطبية وتتعنت معنا في الكثير من القضايا وترفض الاستجابة بمطالب جموع الصيادلة. * وهل لقاؤكم بوزير الصحة الجديد د. عادل العدوي يمكن ان يؤدي إلي ارجاء دخولكم في الاعتصام؟ ** اللقاءكان مثمراً وجيداً لانه لديه خبرة في العمل بالوزارة ولكننا في نفس الوقت ننتظر ترجمه علي الأرض لطلباتنا خاصة انها لا تحتاج سوي إلي قرارات وليس لميزانيات جديدة.. ونحن كنقابة سوف نلتزم بما تم الاتفاق عليه في اتحاد المهن الطبية من تنظيم احزاب جزئي يبدأ اليوم. * لكن الا يتعارض ذلك مع مطلب رئيس الوزراء بضرورة منح الحكومة فرصة بالتوقف عن التظاهر والاعتصام؟ ** نحن هنا لن نعطل أن نقطع طريق ولن نعطل العمل ايضاً ولكن نعبر فقط عن رأينا ومطالبنا بحل مشاكلنا بدون تحمل الدولة أي اعباء مالية فنحن نسعي لالغاء القانون 14 لسنة 2014 المسمي قانون الحوافز وسحب قانون الكادر حتي نصل إلي اتفاق بشأنهما. مشاكل القطاع * نريد تحديداً أكثر للمشاكل التي يعاني منها قطاع الصيدلة ككل؟ ** القطاع ينقسم إلي قسمين اساسيين الأول الصيدلي الحكومي والثاني القطاع الأهلي الذي تمثله الصيدليات الخاصة.. والقسم الأول يعاني من التهميش الشديد وتحول دوره في المؤسسات الطبية من صيدلي اكلينكي إلي مناول وحامل لكراتين الادوية بعد ان درس لمدة 5 سنوات متواصلة دراسة صعبة وانفقت عليه الدولة الكثير.. ولا علاج لذلك الا بتطبيق النظم العالمية في هذا المجال تدريجياً بمعني ان يعود الطبيب إلي مهنته الاساسية وهي تشخيص المرض والداء ثم يتولي الصيدلي تحديد الدواء وبالجرعة المناسبة التي تتوافق مع الحالة المرضية للشخص وهذا سوف يؤدي إلي تطوير الخدمة الصحية ككل وتقليل التكلفة وعدم التضارب بين أنواع الدواء المختلفة الذي يمكن ان يؤدي إلي التسمم أو الوفاة. * وماذا عن مشاكل القطاع الأهلي أو الصيدليات الخاصة؟ ** المشاكل لا حصر لها مع أننا المكان الوحيد الذي يشترط لإدارته الحصول علي مؤهل عال وهذا يمثل قيمة مضافة للمجتمع كما ان الصيدلي يمثل خط الدفاع الأول عن المرض فنحن نقدم خدمات عديدة للمواطن مثل قياس الضغط والسكر وقراءة التحاليل واعطاء الحقن وكل هذا مجاناً استشعاراً لحاجة الناس وتراجع المستوي الاقتصادي للمواطن ومع ذلك فنحن كصيدليات خاصة تخضع لرقابة وتفتيش ما يزيد عن 25 جهة مختلفة منها علي سبيل المثال التأمينات والدمغة والموازين وادارة اليفط والاعلانات بالاحياء والتفتيش الصيدلي والغرف التجارية بجانب المحاسبة علي اسعار المرافق كالمياه والكهرباء باسعار تجارية رغم اننا نشاط مهني وليس تجاري ناهيك عن تعسف الضرائب معنا والمغالاة في تقدير الضريبة. الصيادلة والضرائب * لكن هناك اتفاقية 2005 بينكم كصيادلة وبين مصلحة الضرائب يمكن أن تتلافي الكثير من المشاكل فلماذا لا يتم تطبيقها؟ ** عندما وقعت الاتفاقية وتم تنفيذها لبعض الوقت تراجعت المشاكل بشكل كبير ثم عادت الضرائب لسياسة التقدير الجزافي حسب هوي مأمور الضرائب رغم ان هذه الاتفاقية تنظم الأمر فنحن الجهة الوحيد التي نسدد الضرائب مقدماً من خلال خصم 1% من مستحقاتنا تحت حساب الضريبة العامة ومع ذلك المشاكل مع الضرائب في تصاعد ويتناسون ارتفاع مصاريف التشغيل من عمالة وكهرباء ومياه في ظل ثبات سعر الدواء في كثير من الاصناف وثبات نسبة الربح منذ عام 1986 بمتوسط ربحيه 4.14% فالمكسب في الدواء يتراوح من صفر إلي 20% حيث يوجد اصناف تباع بنفس السعر الذي نحصل عليه من المصنع ونحن الآن نمر بمرحلة مفاوضات شاقة مع الضرائب من أجل العودة لاتفاقية 2005 وان يكون الفحص من خلال عينه منتدقاه وليس لكل الصيدليات حيث ادي هذا الاسلوب إلي ان هناك اكثر من 16ألف صيدلي يعانون من مشاكل ما بين تهرب أو الدخول في لجان طعن أو الاحالة للكسب غير المشروع.. فكيف للصيدلي ان يؤدي عمله في ظل هذه المشاكل. مرتجعات الدواء * وما هي اخر التطورات في الخلاف بين النقابة والشركات المنتجة فيما يتعلق بمرتجعات الادوية؟ ** المشكلة تتمثل في انه لا توجد جهة رقابية تستطيع ان تلزم الشركات بقبول المرتجعات وثانيا جشع الشركات التي تتفنن في تقديم الاغراءات والخصومات للصيادلة ليتقوموا بطلب كميات كبيرة من الادوية ثم ترفض ارجاع المنتهي الصلاحية ويكون الصيدلي هو الضحية حيث انه في حالة اكتشاف ادارة التفتيش وجود ادوية منتهية الصلاحية في احدي الصيدليات تقوم بتحرير محضر واعداد قضية ضد الصيدلي وقد تصل العقوبة إلي السجن اذا ادي الدواء إلي وفاة احد ورغم ذلك فان الشركات تتعنت في التعامل مع الصيدلي وترفض هي أو من خلال موزعيها استلام الادوية منتهية الصلاحية بسبب عدم وجود قانون ينظم ذلك ولذلك قررنا ان نخصم قيمة المرتجعات من الاموال المستحقة للموزعين لدينا دون الالتزام بنسبة من 2% إلي 3% من قيمة الادوية المشتراه خاصة اننا لسنا السبب في المشكلة ولكن السبب يعود في الاساس إلي الركود في سوق الدواء ووجود اكثر من صنف وبديل قد يصل إلي 14 صنفا للدواء الواحد بنفس التركيز ونسبة المادة الفعالة مما يزيد من نسبة المرتجع. احترام القوانين * وما هو الوضع في العالم؟ ** كل الشركات في العالم تحترم القواعد والقوانين وتحافظ علي صحة المريض حيث توجد نسب متعارف عليها يتم ارجاعها ومن ثم لا يوجد مشكلة في الامر لان الشركات هي التي تتحمل المسئولية الاولي وليس الموزع أو الصيدلي فالموزع لا يستطيع قبول ارجاع ادوية فهويعلم ان الشركات المنتجة لن تلتزم بخصهما من حساباته معها وايضا الصيادلة وخاصة الصغار منهم هم اكثر المتضررين لان نسبة المرتجع لديهم تكون اعلي وتكون الخسارة اكبر. دور سلبي * وأين دور الوزارة في حل هذه المشكلة؟ ** الوزارة لعبت دوراً سلبياً في هذا المجال حيث لم تقم بالزام الشركات بقبول المرتجعات في الوقت التي تحاسبنا كصيادلة في حالة اكتشاف وجود ادوية منتهية الصلاحية ولم تتحر العدالة والدقة واعلنت ان القضية لا تخرج عن كونها مشكلة تجارية بين الموزعين والصيادلة وعليهم الوصول لحلول بشأنها. * هل القرارات الوزارية التي تتعلق باختصار اجراءات تسجيل الدواء اتت ثمارها؟ ** للأسف لم يحدث هذا حيث مازلنا نعاني من طول فترة التسجيل وغياب التنسيق بين المسئولين والاطراف المعينيين بالقضية بجانب وجود اكثر من 12 خطوة يجب اتخاذها قبل الحصول علي تسجيل الدواء ويكفي ان نعلم ان اجراءات التسجيل في الخارج لا تزيد عن 9 أشهر فقط أما في مصر فمن الممكن أن تستغرق 5 سنوات أو اكثر مما أدي إلي وجود اكثر من 80 صنفا ومستحضرا لم يتم تسجيلها حتي الان. * مع انتشار ظاهرة الدواء المغشوش في مصر كيف ترون السبيل لمواجهة هذه المشكلة؟ ** السبب الرئيسي وراء تفشي الظاهرة يعود إلي ضعف العقوبات فأقصي عقوبة علي الغش أو انتحال مهنة الصيدلة لا تتجاوز سنتين حبس وغرامة من 20 إلي 50 ألف جنيه وهو ما شجع الكثيرين علي التلاعب والغش وظهور مافيا الدواء التي تروج لادوية مجهولة المصدر مثل الادوية التي يتم توزيعها من خلال التليفزيون وهو ما لا يحدث في أي دولة من دول العالم ولا سبيل للمواجهة الا بتشديد العقوبات حتي يرتدع الجميع. هيئة مستقلة * طالبتم كنقابة بانشاء هيئة مستقلة للدواء فما يمكن ان تحقق؟ ** هذه ليست بدعة فهي مطبقة في الكثير من دول العالم منذ عشرات السنين وتحقق فوائد عديدة حيث ستقضي علي مشكلة التسجيل والتسعير وتضع حدوداً واضحة لها دون أن يضطر المصنع إلي دفع عمولات أو رشاوي والأهم أنها ستساعد علي زيادة الصادرات فيكفي ان نعلم ان صادرات الاردن من الدواء بعد انشاء الهيئة وتسهيل الاجراءات تضاعف 4 مرات رغم انه لا يوجد بها سوي 3 مصانع بينما نحن لدينا حوالي 200 مصنع ومع ذلك فحجم صادراتنا ضعيف وهزيل للغاية ولا يتناسب بأي شكل من الاشكال مع حجم الصناعة لدينا. المخالفات * وما ردك علي ما يقال حول إن اثارة هذه الازمة من جانبكم يعود إلي وجود مخالفات واختلاسات في النقابة؟ ** هذه الاقاويل كاذبة وهدفها التغطية علي الاخطاء التي ترتكب في حق الصيادلة والحقيقة أننا نحن الذين قمنا كنقابة بتقديم 6 بلاغات منذ مارس 2013 للنائب العام حول قضية الاسكان واستثمار اموال النقابة في البورصة وهو ما يمثل مخالفة للقانون بانه لم يتم اخذ رأي الجمعية العمومية للنقابة. والتأخر في التحقيقات ليس مسئوليتنا بل هي مسئوليات اجهزة التحقيق والنيابة العامة.