أمين عام جامعة الدول العربية يجب أن يحظي بتوافق جميع دول الجامعة عليه علي الأقل إن لم يحظ برضاها كلها وترحيبها به حتي يستطيع القيام بدوره علي أكمل وجه. في تقديري أن مهمة أمين عام الجامعة ليست إدارية بمعني أن يقتصر دوره علي تنفيذ القرارات والتوصيات فقط بل هي مهمة سياسية بالدرجة الأولي هدفها تنسيق المواقف للدول الأعضاء فيما بينهم من ناحية وتوحيد مواقفهم كمجموعة بالنسبة للقضايا الخارجية من جهة أخري. ويجب أن يكون له دور إيجابي في إعداد الدراسات وإبداء الملاحظات والاقتراحات في القضايا التي تعرض علي مجلس الجامعة بمستوياته المختلفة.. المندوبين الدائمين.. والوزراء.. والقادة. وقد رشحت مصر للمنصب الدكتور مصطفي الفقي ليخلف السيد عمرو موسي الأمين العام الحالي.. والدكتور الفقي سبق أن تولي منصب سكرتير الرئيس السابق حسني مبارك للمعلومات.. وبعد أن خرج منه لسبب ما أرضاه النظام السابق بتعيينه رئيساً لاحدي اللجان المهمة في مجلس الشعب - دورة 2005 - بعد نجاحه الذي ثار حوله جدل كبير في الانتخابات باحدي دوائر محافظة البحيرة. وتجنباً لما حدث في تلك الانتخابات رأي الحزب الوطني عدم ترشيح الفقي في انتخابات 2010 وآثر اعطاءه عضوية مجلس الشوري بالتعيين ليكون أيضا رئيساً لاحدي لجانه المهمة. ورغم اعتراض فئات كثيرة من المجتمع المصري علي ترشيح الدكتور مصطفي الفقي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية إلا أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومعه مجلس الوزراء أصرا علي ترشيحه ولعل ذلك راجع إلي ان المجلسين لم يجدا البديل المناسب.. وهذا حقهما حيث لم تتقدم أي جهة بمرشح آخر يكون محل بحث وتقييم واختيار. لكن المشكلة بالنسبة للدكتور الفقي تكمن في إصرار السودان الشقيق علي رفضه لسابق موقف له هاجم فيه الرئيس عمر البشير والحزب الحاكم وأفراده.. وأكد هذا الرفض السيد علي كرتي وزير الخارجية السوداني الذي قال إن هذا الرفض لا علاقه له بحكومة الثورة المصرية الحالية بل هو موقف تجاه شخص وليس تجاه مصر.. كما رفض الوزير اعتذار الدكتور الفقي للسودان قائلاً: من الصعب قبول هذا الاعتذار. في ظل هذا الموقف السوداني المتشدد والذي يمكن أن ينقص من الدور المفروض أن يناط به لأمين عام جامعة الدول العربية فيرفض البلد الشقيق استقباله أو التعاون معه.. وفي ضوء عدم وضوح موقف الشقيقة قطر من ترشيح حمد العطية كبديل للسيد عمرو موسي وما إذا كانت متمسكة بهذا الترشيح أم ستتنازل لمصر فإن القاهرة مطالبة باختيار اسم بديل للدكتور الفقي - علي سبيل الاحتياط - ارضاء لجميع الدول العربية من جهة وخوفاً من أن يطير المنصب من مصر من جهة ثانية. الموقف حقيقة معقد ويجب ألا تشغلنا الأحداث الداخلية بكل مآسيها عن الاحتفاظ بمنصب أمين عام جامعة الدول العربية فالأمر يتعلق بمصر وليس بأشخاص.