تظل المنطقة الحرة.. هي المشكلة الأولي بالشارع البورسعيدي. لما تحمله من أهمية قصوي ترسخت عبر أكثر من ربع قرن وأصبحت تشكل طريقة حياة لدي كثير من البورسعيدية برغم اعتراض البعض وخاصة الموظفين علي استمرارها لأنهم علي حد قولهم لا ينالون منها سوي الفتات بضع جنيهات شهرية مع راتبهم تحت مسمي "منطقة حرة". يترحم البورسعيدية علي العصر الذهبي للمنطقة الحرة التي كانت يوماً ما كخلية نحل.. الكل يعمل بها لا أحد يقف خاملاً.. فزوار المدينة لا ينقطعون عنها ليل نهار في رحلات مكوكية من كافة المحافظات للتسوق.. حتي أن الجميع كان يحسد أبناء بورسعيد علي ما هم فيه من خير. بمجرد أن تقول لأحد إنك بورسعيدي يقف أمامك مشدوهاً وكأنك آت من كوكب آخر. المنطقة الحرة هي الفرخة التي تبيض الذهب لأهلها.. الذين نعترف أن بعضهم في بداية السبعينيات وبفضل الثراء السريع كان ينفق ببذخ علي ملذاته بشارع الهرم.. مثلهم في ذلك مثل أصحاب الذهب الأسود لدول الخليج. الثراء السريع جعل العديد منهم يترك وظيفته والطلاب يتسربون من التعليم.. مفضلين الوقوف بكرتونة يبيعون ويأكلون الشهد كما يقال في نشوة الحركة التجارية. لم يضع أحد في حسبانه.. أنه بعد سنوات سيصدر للمرة الأولي في عام 2002 قرار علي يد حكومة الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء.. بإلغاء المنطقة الحرة كنوع من العقاب علي نحو ما يظن البورسعيدية في أعقاب حادثة "أبوالعربي" الشهيرة في السادس من سبتمبر عام 1999 عندما اعترض موكب الرئيس المخلوع حسني مبارك أثناء سيره بشارع 23 يوليو بسيارته.. ولقي حتفه في الحال بعد أن أصابه رصاص القناصة المحرم.. ومن يومها والكل قاطع بورسعيد ولم يجروء أحد من الوزراء علي الاقتراب منها.. وتركوها كالمنبوذة.. تواجه مصيراً مجهولاً وانعكس ذلك حتي علي الاحتفال اليتيم بعيدها القومي. لكن لا ينسي أحد ذلك اليوم الذي صدر فيه القانون رقم "5" لسنة ..2002 وفوجئ زوار المدينة أثناء خروجهم من المنافذ الجمركية بالضريبة المانعة.. التي أدت إلي زيادة الرسوم الجمركية لبعض السلع إلي 200% من قيمتها فوصل سعر البنطلون مثلاً إلي أكثر من 300 جنيه.. الأمر الذي دعاهم إلي إعادة البضائع للتجار مرة أخري. علي أثر ذلك نظم البورسعيدية مظاهرة حاشدة أمام ميدان الشهداء مطالبين بإعادة الوضع إلي ما كان عليه.. لكن كانت قبضة رجال الأمن "طايلة".. فأسرعت بتصوير المتظاهرين بالفيديو.. واصطياد عدد كبير منهم واعتقالهم وحاصرت العربات المصفحة وقوات مكافحة الشغب المدنية وفرضت حصاراً فولاذياً عليها.. ولم يجرؤ أحد بعدها علي أن يفتح فمه.. وظلت الحكومة تستعمل لعبة المد والإلغاء المنطقة الحرة.. كرشوة انتخابية.. حتي استخدمها الرئيس السابق نفسه أثناء انتخابات 2005 للرئاسة وتوافق علي مدها لمدة "5" سنوات حتي 2007 ثم عامين حتي 2009 ثم أخيراً مدها ثلاث سنوات.. لينتهي العمل بها في 23 يناير 2012 القادم.. ومن يومها وأصبحت المنطقة الحرة هي كلمة "السر" في الضغط علي أبناء المدينة. نعم كان للتجربة عبر 35 عاماً.. خطاياها الكبري.. فقد خرجت عن المسار المرسوم لها بأن تصبح قلعة صناعية مثل "هونج كونج" التي تتشابه إلي حد كبير مع ظروف بورسعيد جغرافياً وسكانياً.. وللأسف أصبحت منطقة تجارية.. استهلاكية فقط.. سعي المستوردون الكبار.. خلال رحلاتهم إلي الصين "رايح جاي" إلي تحقيق مكاسب سريعة بعد أن فهموا "الفولة" في استيراد بضائع درجة عاشرة بأسعار رخيصة جداً.. ولم يهمهم جودة المنتج بقدر ما يهمهم الربح السريع. هناك أيضا حكاية البطاقة الاستيرادية التي منحت في غفلة من الزمن إلي بعض الراقصات وأعضاء مجلس الشعب وأصحاب الحظوة من غير أبناء بورسعيد والتي وصل مكسبها إلي مليون جنيه حيث يقوم صاحبها بتأجيرها لأحد المستوردين ويقبض هو الملايين دون عناء.. وهذا ما حدث مع 6 آلاف ممن يحملون بطاقة استيرادية. نعود للكبار من أصحاب بيزنس الفتلة.. "الملابس المستوردة" الذين تأثرت مصالحهم من الاستيراد برسم المنطقة الحرة والذين سارعوا بالشكوي لأصحاب القرار.. وهكذا كان قرار فتح الاستيراد برسم الوارد للملابس المستوردة والأقمشة وتقليص حصة الاستيراد برسم المنطقة الحرة.. بمثابة المسمار الأول في نعش المنطقة الحرة.. حيث تراجعت حركة البيع والشراء.. وفقدت المنطقة الميزة التنافسية لها.. وأصبحت أسعار كل شيء في كافة المحافظات أقل حتي من بورسعيد نفسها. والآن يطالب عدد كبير من التجار ببورسعيد بضرورة إلغاء القانون رقم "5" لسنة 2002 والإبقاء علي المنطقة الحرة.. لتعود إلي سابق عهدها.. خاصة أن مشروعات التنمية التي تمت علي أرض المحافظة لم تستطع حتي الآن استيعاب الأعداد الكبيرة من شباب العاطلين. أكد علاء خضير "تاجر ومستورد" علي ضرورة الإبقاء علي الحصة الاستيرادية للمنطقة الحرة والتي تقدر ب 62 مليون جنيهاً بل يطالب بإضافة مبلغ 20 مليوناً لتوزيعها علي قوائم المنتظرين من التجار الصغار.. بالإضافة إلي إعادة توزيع البطاقات الاستيرادية التي يستفيد منها 6 آلاف تاجر.. وأن يعاد النظر في البطاقات الاستيرادية التي يملكها الغير بدلاً من أبناء بورسعيد. يقول إبراهيم الجباس "تاجر" البطاقات الاستيرادية قسمت بورسعيد إلي ثلاث فئات الأولي تريد بطاقات استيرادية جديدة والثانية تريد أن يتولي الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة بيع هذه البطاقات والفئة الثالثة تريد أن تستورد برسم الوارد لمصلحتها. قال علي لطفي المحلاوي "بالتربية والتعليم" لابد من إعادة النظر في توزيع البطاقات لاستيرادية ولا يتم منحها هكذا مدي الحياة حتي أنها أصبحت تورث.. وللأسف معظم الحاصلين عليها من الراقصات وأعضاء مجلس الشعب وأصحاب النفوذ من خارج بورسعيد.. ومن يمتلك البطاقة يكسب الآلاف والملايين بدون أي تعب.. بينما آلاف الشباب دون عمل. عبده محمد الحديدي تاجر ومستورد.. لابد من استعادة شهادة الجودة علي المنتج المستورد بما يتفق وسياسة عدم الإغراق من خلال استيراد البضائع الشرق آسيوية بنظام رسم الوارد وللأسف يعاني التجار الصغار. "أبو كرتونة" من الكساد الذي خرب المدينة وعودة المنطقة الحرة مطلب عادل. قال علي إبراهيم عبدالمجيد "بائع بالشارع التجاري" أنا أعمل علي فرش صغير أبيع بشارع التجاري.. لأن راتبي من العمل بحي بورفؤاد لا يكفيني أنا وأسرتي المكونة من 6 أفراد.. بالله عليكم هل تكفي 650 جنيهاً لأعيش بهم في ظل الظروف الصعبة؟ لابد من إعادة المنطقة الحرة إلي سابق عهدها.. لندب الحياة في بورسعيد حرة أخري. قال محمود طلبة "تاجر بالحميدي" لابد أن تعود بورسعيد.. خلية نحل.. الكل يعمل ويرزق لابد أن يتم توزيع الحصة الاستيرادية بشكل عادل نحن نريد الخير لهذا البلد الذي عاني الكثير والكثير.