ملف المصريين في الخارج من الملفات المعقدة والشائكة والتي ظلت مهملة لعقود طويلة علي الرغم من أنهم يمثلون أكثر من 8 ملايين مواطن ويعانون من مشاكل جمة سواء في علاقاتهم مع أعضاء البعثات الدبلوماسية أو في مجال عملهم خارج حدود الوطن. ثورة 30 يونيو أعادت من جديد الأمل في وضع أبنائنا في الخارج علي أولويات الاهتمام والعمل بعد موافقة الرئيس عدلي منصور علي انشاء كيان يقول كل ما يتعلق بأحوالهم ومشاكلهم. "المساء الاسبوعية" التقت مع السفير محمد منيسي المشرف العام علي الجهاز الخاص برعاية المصريين في الخارج بوزارة الخارجية وأجرت معه حواراً حول العديد من القضايا الخاصة بالعاملين في الخارج. * خلال لقاء الرئيس عدلي منصور باتحاد المصريين في الخارج وعد بانشاء هيئة لرعايتهم.. فما رأيكم؟ ** هذا يؤكد حرص الرئيس علي كل فئات الشعب المصري فمنذ سنوات ونحن نعمل في كل اتجاه من أجل ظهور كيان يتولي مهمة رعاية مصالح المصريين في الخارج فلدينا ما يزيد علي 8 ملايين مصري يعملون في العديد من البلدان العربية والأجنبية ومعظمهم يعيش في دول الخليج ويصل نسبتهم الي 65% ومنذ عام 2006 توليت مهمة انشاء هذه الهيئة لكنها لم تر النور علي الرغم من اعدادنا مع المستشارين القانونيين بمجلس الدولة لمشروع القانون الخاص بها وفي عام 2010 اعتمد المشروع من اللجان المعينة بمجلس الشعب تمهيداً للمواقفة عليه واقراره من رئيس الجمهورية ومع اندلاع الثورة تعطل المشروع. حكم الإخوان * وماذا عن فترة حكم الاخوان؟ ** خلال العام الماضي تولي هذا الملف وزير القوي العاملة ولم يبد أي اهتمام أو رغبة للعمل والتعاون مع وزارة الخارجية وفريق العمل المسئول بل كان هناك تجاهل تام للمشروع الذي قمنا باعداده وبالطبع كان ذلك أمراً متوقعاً فسياساتهم كانت واضحة للجميع.. أما الآن فنحن نعمل وفق نظام رشيد ومن المؤكد ان المستقبل القريب سيأتي بنتائج ايجابية لصالح كل المصريين في الداخل والخارج. جهاز خاص * ما هي خطواتكم في إطار تفعيل هذا الاتجاه؟ ** لقد التقينا مؤخراً مع المستشار القانوني لرئيس الوزراء وتم الاتفاق علي تعديل المسمي المقترح من الهيئة العامة لرعاية المصريين في الخارج الي الجهاز القومي بعد اعتراض وزارة المالية علي مسمي هيئة باعتبار انه كيان ضخم يحتاج لمصروفات ونفقات علي الرغم ان وزارة الخارجية لديها رؤية حول توفير النفقات اللازمة لعمل الجهاز بعيداً عن ميزانية الوزارة وموازنة الدولة لاننا نهدف الي عدم تحميل الدولة أي أعباء مالية خاصة اننا في الماضي لم نستطع الحصول من الدولة علي أي أموال تساعدنا علي حل المشاكل العديدة.. ونحن الان في انتظار قرار من رئيس الجمهورية باصدار القانون حتي يستطيع الجهاز ان يمارس دوره في المرحلة القادمة. الموارد المالية * إذن كيف يمكنكم تدبير الموارد المالية اللازمة للعمل؟ ** لقد قمنا بدراسة تجارب الدول التي سبقتنا في انشاء هذه الهيئات أو الأجهزة ووجدنا انها توفر الاعتمادات المالية والنفقات اللازمة من خلال فرض رسوم بسيطة علي المعاملات القنصلية التي يحتاجها العاملون في الخارج مثل التوكيلات وشهادات الميلاد واستخراج جوازات السفر لان هذه الكيانات منشأة بهدف تقديم الخدمات ورعاية المقيمين خارج حدود وطنهم وكلما شعروا بجدية ما يقدم اليهم من أعمال ودعم ورعاية من جانب سفاراتهم كانوا أكثر وأشد حرصا علي مساندة هذه الأجهزة بكل الوسائل المالية والمعنوية هذا أمر والآخر ان القائمين علي الأجهزة هم من أبناء الخارجية وبالتالي ليسوا في حاجة الي مرتبات أو مكافآت مالية كما ان العدد المطلوب للجهاز لن يزيد بأي حال من الأحوال علي 15 موظفاً والميزانية المطلوبة حوالي 15 مليون دولار والايرادات التي نستطيع تحقيقها من خلال المعاملات والخدمات تصل الي 10 ملايين دولار من خلال 2 مليون عملية قنصلية في السنة برسوم قدرها 5 دولارات لكل خدمة تقدم. بيانات المصريين * هل تم اعداد بيانات أو احصائيات عن الاعداد الحقيقية للمصريين في الخارج؟ ** المشكلة التي تواجهنا هي عزوف المصريين عن تسجيل أسمائهم في سفاراتنا بالبلدان التي يعملون فيها وبالتالي فان المسجلين بالفعل لا يزيدون علي 10% من العدد الحقيقي ومن خلال السفراء والقناصل نناشد كل مصري يعيش في أن دولة أي يتقدم لسفارته لتسجيل اسمه وبياناته حفاظاً علي حقوقه. * ولماذا لا يحرص المصريون علي تسجيل أسمائهم أو البيانات المطلوبة في السفارات؟ ** من خلال عملي في القطاع القنصلي بالخارجية وأثناء عملي بأكثر من سفارة في بلدان مختلفة أستطيع القول أن هناك عدة أسباب وراء هذا التصرف أهمها ان المصري بطبعه لا يحب التعامل مع السلطات المسئولة أيضاً لم يعتد علي ثقافة العمل الجماعي وبالتالي لا يهتم أو يشارك في أي فعاليات أو أعمال تقدمها السفارة في المناسبات المختلفة الي جانب ان هناك نسبة كبيرة من المقيمين في بعض البلدان مخالفين للقانون وبالتالي يحاولون الاختفاء عن أعين المسئولين خوفاً من ترحيلهم مرة أخري الي مصر وهؤلاء بالتحديد لا نعرف عددهم وليس لدينا معلومات عنهم لأنهم لا يلجأون الي السفارات أو القنصليات الا عند تعرضهم لمشاكل أو أزمات. الهجرة غير الشرعية * لماذا لا يتم وضع آليات وقواعد تضمن القضاء علي ظاهرة الاقامة غير الشرعية للمصريين والتي تعرضهم في بعض الاحيان للمساءلة والعقوبات؟ ** مع تدهورالأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة اضطر البعض الي السفر للبحث عن فرص العمل وهذا أمر مشروع.. لكن المشكلة هي في استمرار بقائهم بعد انتهاء فترة الاقامة المسموح بها طبقاً للقوانين للبحث عن أي مجال يستطيعون العمل فيه حتي لو لم يكن مناسباً.. ولقد وجدت ان حل هذه المشكلة يتطلب اعادة النظر في الاتفاقيات الخاصة بتنظيم سفر العمالة المصرية ولابد ايضاً من اعداد جيد وتأهيل كاف لمتطلبات أسواق العمل في الخارج خاصة ان هناك العديد من الدول تريد اعدادا كبيرة من العمالة المصرية لكننا لا نستطيع تلبية هذه الاحتياجات لضعف المهارات مما يفقدنا الكثير واعتقد اننا لابد ان نبدأ من الان الاعداد لمشروع تصدير العمالة المدربة حفاظا علي حقوقها وحتي نحد أيضاً من محاولتهم للسفر والعمل في أي قطاع وتحت أي شروط حتي لو كانت مجحفة. الاهتمام والرعاية * بعيداً عن هذه القضية معظم المصريين في الخارج لديهم معاناة وصعوبات تتمثل في عدم الاهتمام والرعاية من قبل السفارات؟ ** في بعض الأحيان عندما يلجأ المصري للسفارة لتجديد جواز السفر أو استخراج آخر جديد دون ان يكون لديه أي مستندات شخصية وعندما يتم رفض هذا الامر نظراً للقواعد والاشتراطات التي تحددها وزارة الدااخلية باعتبارها المسئولة عن هذا العمل يري ان هذا التصرف ينم عن عدم اهتمام من المسئولين وبالتالي يوجه اللازم والاتهام بعدم الرعاية والتقصير وهذا يؤكد أهمية مطالبتنا لأي مصري يسافر للخارج أن يبادر علي الفور بالذهاب الي سفارته لتسجيل اسمه وبياناته حتي يتسني له اذا تعرض جواز السفر للضياع أو التلف ان يستطيع استخراج آخر بسهولة. كذلك فيما يتعلق بعقود العمل ففي كثير من الأحيان يوقع المصري علي العقد دون قراءة الشروط التي يحددها صاحب العمل وعند حدوث أي مشكلة يطالب السفارة بالتدخل والحل حتي لو كان مخالفاً للعقد.. وعلي الرغم من ذلك فالسفير لابد ان يعمل من أجل حل هذه المشاكل لكنها تستغرق وقتا طويلا.. أؤكد انه ليس هناك أي مبررات كي يتعامل السفراء مع رعاياهم بلا مبالاة أو تقصير فهذا أمر مرفوض تماماً. متابعة الشكاوي * هل توجد متابعة لشكاوي المغتربين من جانب وزارة الخارجية؟ ** بكل تأكيد الوزارة حريصة كل الحرص علي متابعة أي شكوي تصلها من أي مصري في الخارج وتوجد عقوبات وجزاءات يتم توقيعها علي عضو البعثة الدبلوماسية اذا ثبت صحة ما جاء في الشكوي بعد قيامنا باجراء التحقيقات وتصل إلي نقله من البلد التي يعمل فيها أيضاً نقوم بزيارات دورية لسفاراتنا في مختلف الدول لاجراء لقاءات مباشرة مع الجاليات المصرية للوقوف أولا بأول علي أي عقبات أو مشاكل يتعرضون لها سواء في عملهم أو من خلال تعاملهم مع اعضاء البعثات الدبلوماسية وأتوجه لكل مصري بالنصيحة خاصة الذين يقومون بارسال شكاوي بواسطة البريد لابد ان يضعوا أرقام تليفوناتهم الخاصة حتي يسهل علينا الاتصال بهم ومتابعة ما يتم لحل مشاكلهم. وأؤكد انه من خلال التعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية استطعنا حل أكثر من 95% من المشاكل الخاصة بتشابه الاسماء بالنسبة للاشخاص المطلوب القبض عليهم أو المدرج أسماؤهم علي قوائم ترقب الوصول . * ما أبرز المشاكل التي تقف السفارات زمامها عاجزة عن الحل؟ ** القضايا التي تصل الي المحاكم نتيجة لاختراق القوانين ما يتطلب وجود محام للدفاع عن المتهم ومع عدم توافر الاموال اللازمة يعد الأمر من العقبات التي تعوق العمل. * هل توتر العلاقات مع بعض البلدان يشكل عبئا علي البعثات الدبلوماسية؟ ** بكل تأكيد لأن مسئولية الحفاظ علي أمن وحقوق المصري في الظروف الحرجة تقع علي عاتق السفارة أولا وأخيراً. قضايا المحتجزين * يقال ان هناك عدداً كبيراً من المصريين محتجزين في السعودية فما حقيقة ذلك؟ ** هذا كلام غير حقيقي فالعلاقات الطيبة والمتميزة مع السعودية تساهم في حل أي مشاكل تتعلق بالمصريين الذين يعملون هناك بسرعة وأكثر من 90% من المحتجزين نتيجة لمخالفتهم شروط الاقامة وهذه تمثل اشكالية لنا لان نسبة كبيرة من الذين يذهبون لاداء العمرة يتخلفون عن العودة ويقيمون بشكل غير قانوني اما بالنسبة الاخري من المحتجزين لانهم يمارسون أعمالا غير مشروعة تمس سلامة واستقرار الدولة ودور السفارة في رعاية هؤلاء تنظمه اتفاقية فيينا للحصانات الدبلوماسية والقنصلية التي تنص علي ان اجراءات التحقيق عمل من أعمال السيادة ولا يسمح لاعضاء البعثات الدبلوماسية بالحضور أو المشاركة الا بموافقة سلطات الدولة المضيفة. ومن ثم تقوم وزارة الخارجية المصرية بمخاطبة نظيرتها سواء في السعودية أو أي دولة يوجد فيها محتجزون مصريون لمعرفة تفاصيل القضية والسماح للسفير برؤية المحتجزين وحضور التحقيق معه وليس لدينا أي مشاكل في هذا الصدد. مكانة لائقة * من الملاحظ ان الدبلوماسية المصرية الآن تعمل علي اعادة اسم مصر ومكانتها اللائقة وبما يعظم من المصالح المصرية؟ ** بدون شك هناك تغير كبير بعد ثورة 30 يونيو ولا أحد ينكر الأداء المتميز لوزير الخارجية نبيل فهمي في بناء علاقات وتفاعل ايجابي مع العالم علي أساس الندية والاحترام المتبادل بما يساهم في بناء علاقات مشتركة تخدم مصالحنا وأهدافنا. الي جانب اهتمامه الشديد بملف المصريين في الخارج وتوفير كافة سبل الرعاية الملائمة التي تخلق مناخ الثقة مما يدفعه الي المساهمة والمشتركة في بناء الوطن لذلك أكد ضرورة عدم تحميل المصريين أي أعباء مالية لانشاء الجهاز وتوفير التمويل اللازم من خلال فرض بعض الرسوم البسيطة علي التصديقات التجارية للشركات الأجنبية التي تصدر لمصر مؤكداً ان المصري اذا تأكد من جدية ودور الجهاز في تقديم الخدمات التي يحتاجها سوف يبادر بالمساهمة في دعمه وتقوية دوره. الدستور * نصت المادة 88 من الدستور الجديد علي ضرورة رعاية مصالح المصريين في الخارج وتنظيم مشاركتهم في الانتخابات فما رأيكم؟ ** خطوة ايجابية فقد ألزم الدولة بحمايتهم وكفالة حقوقهم وهو ما يؤكد الهدف الذي نسعي اليه من خلال انشاء الجهاز الجديد ومنذ التسعينات ونحن نطالب بعدم تجاهل حق المصريين في الخارج من المشاركة في الحياة السياسية لأنه غير دستوري لان القانون الخاص بالانتخابات والاستفتاءات لم يضع قيداً علي هذا الحق بمعني انه يشترط ان يكون الشخص يعيش فقط داخل مصر وكان من الخطأ حرمانهم من المشاركة في الحياة والممارسة السياسية وهذا أحد الاسباب التي كانت تشكل حالة من الضيق لدي المصريين وبعضهم كان يلقي باللوم علي الخارجية معتقداً انها المسئولة عن ذلك ونفس الشيء حدث مؤخراً عندما تم الغاء الموافقة علي المشاركة في الاستفتاء علي الدستور بواسطة البريد فقد حملنا المغتربين المسئولية علي الرغم من ان القرار صادر من اللجنة العليا للانتخابات.