سألني "مصطفي" عامل البوفيه في الجريدة تعقيباً علي وفاة الزميل والأخ الراحل سيد أحمد "سبحان الله.. هيه الناس الكويسة والطيبة هيه اللي بتموت بس في الزمن ده؟!".. سؤال دائماً يتردد عند سماع خبر وفاة شخص عزيز دمث الخلق طيب القلب.. والحقيقة أن الموت لا يفرق بين الطيب والشرير فهو سيف علي رقاب الجميع إلا أن فقدان الطيبين دائماً ما يترك أثره في النفس أما من هم دون ذلك فيرحلون في صمت وسرعان ما يتوارون في طي النسيان!! زاملت الراحل سيد أحمد منذ اليوم الأول لمجيئه إلي جريدة "المساء" في أواخر السبعينيات وصدر قرار تعييني وتعيينه في يوم واحد في يناير 1980 علي يد الراحلين محسن محمد رئيس مجلس الإدارة وأحمد عادل رئيس تحرير "المساء" وقتئذ.. علاقة دامت أكثر من 30 عاماً لم تقطعها سوي سنوات الغربة التي عشتها في سلطنة عمان وعاشها هو في قطر حتي عدنا إلي بيتنا الأصلي في جريدة "المساء"!! ظل الراحل سيد أحمد كما هو لم تغيره السنوات ولا الغربة ولا أعباء وتقلبات مهنة الصحافة.. هادئ الطبع.. هادئ النفس ومتسامحاً معها.. معطاء.. دءوباً في عمله.. في سنواته الأخيرة كان يقضي معظم يومه داخل الجريدة يتابع المراسلين في المحافظات حتي ساعات متأخرة من الليل.. لديه قوة تحمل جبارة.. يبذل مجهوداً شاقاً لا يتحمله شباب هذه الأيام رغم أن عمره كان يقترب من الستين عاماً!! في التاسعة مساء الخميس الماضي كنت في الجريدة أباشر عملي المكلف به فإذا بالزميل والأخ مختار عبدالعال يخبرني بأن الزميل سيد أحمد في مستشفي الحسين الجامعي ثم علمنا فيما بعد من نجله "عبدالناصر" الصحفي بجريدة الجمهورية أن والده كان في طريقه إلي الجريدة وشعر وهو يقود سيارته بآلام شديدة فتوجه إلي أقرب مستشفي وسقط مغشياً عليه أمام بابها.. نزل زميلي مختار علي الفور متجهاً إلي المستشفي وقبله الزميل والأخ جلاء جاب الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة ثم عادا بعد أن أخبرهما الأطباء أن الحالة شبه مستقرة وأن الخطر زال إلا أنه سيمكث لفترة تحت أجهزة التنفس الصناعي!! أنهيت عملي وفي تمام الساعة الواحدة والنصف صباحاً وأنا في منتصف طريق عودتي إلي المنزل جاءني اتصال من الزميل مختار من خمس كلمات "البقاء لله في سيد أحمد" لتنتهي المكالمة عند هذا الحد ولتنتهي معها حياة قلب ظل ينبض بالحب والعطاء حتي آخر دقة من دقاته.. لم تمر سوي سويعات علي هذه الصدمة حتي تلقينا صدمة ثانية بوفاة الزميل والأخ محمد جاب الله رئيس تحرير الكورة والملاعب السابق!! مات الأسواني الطيب سيد أحمد.. ومات الريفي الشهم ابن المنوفية محمد جاب الله.. ومن قبلهما النوبي الأصيل شيخ النقاد الرياضيين الأستاذ عبدالفضيل طه.. رحم الله كل الراحلين الطيبين ولا عزاء للأشرار!!