"العدالة الاقتصادية" هذا الاسم الجديد علي أذان المصريين خاصة الحالمين منهم بالعدالة حملته أحدث وحدات الهيكل الإداري لوزارة المالية منذ 25 نوفمبر الماضي حين أصدر الدكتور حازم الببلاوي قراراً بتعيين الدكتورة شيرين الشواربي مساعدا لوزير المالية والذي أسند لها رئاسة الوحدة الجديدة وربما حاول الدكتور أحمد جلال وزير المالية تبديد حالة الدهشة التي أصابت البعض بعد إنشاء وحدة العدالة الاقتصادية حين حرص علي توضيح أهم ملفات الوحدة وهي تحديث القطاع غير الرسمي واقتراح تطبيق سياسات اقتصادية وبرامج محددة لمؤامة السياسات المالية التي تتبعها الوزارة مع الاعتبارات الاجتماعية ورغم محاولة الوزير تظل الوحدة وأهدافها ومهامها وآليات عملها في حاجة لمزيد من التوضيح والفهم لعل المستهدفين بالعدالة الاقتصادية يسهمون في نجاح عمل الوحدة إذا فهموا وإذا وثقوا لذلك كان هذا الحوار مع الدكتورة شيرين الشواربي رئيسة الوحدة والتي تعمل أستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عملت لمدة عشر سنوات كاملة خبيرة لدي البنك الدولي وكان ملف الفقر في بلدان شمال أفريقيا أحد أهم الملفات المسندة إليها كما أن الدكتورة شرين الشواربي كانت مؤسسي المبادرة المصرية للتنمية المتكاملة التي تهدف إلي مواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والحد من معدلات الفقر. * عن معني العدالة الاقتصادية وعلاقتها بالعدالة الاجتماعية كان سؤالي الأول لمساعدة وزير المالية؟ ** العدالة الاقتصادية جزء من العدالة الاجتماعية وهي معنية بالأسس بتحقيق مبدأين الأول المساواة في حق المشاركة في الإنتاج عمال وأصحاب عمل من حق كل فئات المجتمع أن تشارك في العملية الإنتاجية ولكن هناك فقراء وضعفاء ليس لديهم القدرة علي المشاركة نتيجة غياب التعليم المناسب أو المهارات اللازمة أو نتيجة المرض ومهمة وحدة العدالة الاقتصادية هنا أن نكفل لهذه الفئات الخدمات التعليمية والصحية والمهارات حتي نكفل لأولادهم حق المشاركة في الإنتاج من خلال ما يسمي "النمو الاحتوائي" الذي يشارك فيه أغلب فئات المجتمع. التوزيع العادل للدخل المبدأ الثاني الذي نعمل علي تحقيقه هو التوزيع العادل للدخل أو ما يسمي ثمار النمو بما يعني أن يأخذ كل فرد "حقه الاقتصادي" أي قيمة ما شارك به في الإنتاج وفي حالة ما إذا كان دخلي لا يغطي احتياجاتي الأساسية هنا يأتي دور الحماية الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل لتعطي الفجوة بين ما أحصل عليه وما يضمن لي حياة كريمة ويتحقق ذلك عن طريق الدعم والمساندة المالية وتحسين الخدمات التعليمية والصحية والحماية الاجتماعية هنا يجب أن تكون ديناميكية بمعني أن تكون هناك آليات للدخول وآليات للخروج من نظم الحماية الاجتماعية فعندما تتحسن ظروف الفقير وحين يجد العاطل فرصة عمل مناسبة وعندما يتعافي المريض يجب ألا يستمر في نظم الحماية الاجتماعية. * قبل أن نتحدث عن الأهداف والملفات لماذا تم إنشاء هذه الوحدة بوزارة المالية بالذات؟ ** وزارة المالية هي المكان الطبيعي لهذه الوحدة لأنها الجهة التي توفر الأموال وتتولي الإنفاق وهي المسئولة أمام المجتمع عن كفاءة الإنفاق ولابد أن تتأكد أن ما يتم إنفاقه يصرف علي الوجه الصحيح ويحقق الهدف منه ولذلك يجب أن تكون هناك المؤشرات التي أقيس عليها فعالية الإنفاق من عدمه ووزارة المالية هنا هي الضامن لفكرة العدالة الاجتماعية وجزء منها العدالة الاقتصادية وهذا يغير مفهوم الناس عن وزارة المالية كجهة جباية. * ما أهم ملفات الوحدة وهل هناك أولويات محددة؟ ** هناك أربعة ملفات متشابكة بطبيعتها ولهذا سيكون العمل فيها علي التوازي الملف الأول هو "الاستهداف" بمعني وضع أهداف محددة وفئات مستهدفة وعلي سبيل المثال نحن نهدف إلي تقليل نسبة الفقر في المجتمع هنا يجب أن أحدد هل نستهدف الفئات التي تعاني الفقر المدقع ونسبتهم 4.4% أو الفقر المطلق ونسبتهم 25% والخطوة التالية هي اقتراح برامج التعامل مع هذه الفئات وآليات تطبيق هذه البرامج بالتعاون مع الوزارات المعنية وفي مقدمتها التضامن الاجتماعي وبعد انتهاء المشروع تقوم الوحدة برصد النتائج وهل تحقق الهدف أم لا. الملف الثاني هو تحديث القطاع غير الرسمي ونحن هنا لا نهدف إلي إدماجه في الاقتصاد الرسمي ولكن نهدف إلي تقديم الخدمات الكفيلة بحل مشاكله وتطويره ومشكلة هذا القطاع تفاقمت رغم وجود الكثير من الحلول المقترحة والتي لم يتم تنفيذها ولذلك فالوحدة لن تقوم بإجراء دراسات أخري فلدينا الكثير منها والتحرك في هذا المجال سيكون علي محورين الأول تحسين ظروف بيئة الأعمال في القطاع الرسمي منعا لتحول أنشطة رسمية إلي غير رسمية وهذه مهمة وزارة الاستثمار والمحور الثاني يتعلق بآليات تحديث القطاع غير الرسمي. * فلسفة الجباية كانت مدخل النظم السابقة في التعامل مع القطاع غير الرسمي الذي فقد الثقة فيها ماذا ستقدمون لهذا القطاع الذي يستوعب ما لا يقل عن 60% من العمالة حتي تستعيدوا ثقته؟ ** ندرس تقديم حزمة متكاملة من الحوافز بالتعاون مع كل الوزارات والجهات المعنية ومن بينها تسهيل إجراءات التسجيل والربط بصناعات كبيرة ومتوسطة لتوفير فرص أكبر للعمل وإعفاءات ضريبية لفترات معينة ثم تحديد ضريبة قطعية مناسبة مع تيسير نظم السداد والحوافز التي سيتم إقرارها لن تكون مسكنات ولكنها ستكون متوافقة مع العلاج الاقتصادي الصحيح ونجاح الوحدة في التعامل مع هذا القطاع سيحقق معدلات ملموسة من النمو إلي جانب توسيع حق المشاركة في الإنتاج وزيادة العدالة الاجتماعية من خلال تحسن الأوضاع المالية للعاملين بالقطاع. ملف المعاشات * الملف الثالث هو ملف المعاشات فالوضع الحالي لها غير قابل للاستدامة فمن ناحية مساهمات المشتركين قاصرة عن اللحاق بمدفوعات المعاشات كما أن الحد الأقصي للمعاش الحالي وهو نحو 900 جنيه لا يغطي تكاليف المعيشة والسبب في ذلك أن التأمينات محسوبة علي الأجر الأساسي والذي يمثل نسبة صغيرة من الأجر الشامل والجانب الآخر المهم أن نسبة المؤمن عليهم لا تتجاوز 30% من حجم العمالة بل إن 20% فقط من الأجيال الشابة العاملة مغطاة تأمينيا وهذا يتطلب مراجعة عاجلة لقانون المعاشات والتأمينات الحالي لبحث إيجابياته وسلبياته ودراسة وسائل تشجيع القطاع الخاص علي التأمين علي العاملين به والمواءمة بين الإستدامة المالية وبين رغبة الأفراد في الحصول علي معاش لائق. والملف الرابع هو التأمين الصحي وتحسين مستوي الخدمة به ودور الوحدة هنا هو القيام بعملية التقييم الاكتواري للتأمين الصحي والتأكيد من أن الإنفاق العام في مجال التأمين الصحي يحقق الغرض منه ببرنامج كفء وفعال أما الجهة المختصة بمشروع التأمين الصحي فهي وزارة الصحة. * هل نشهد إجراءات تنفيذية سريعة خلال الفترة المقبلة وهل سيشعر المجتمع بهذه الإجراءات وهل هناك مشاكل في التمويل؟ ** سوف تشهد الشهور القليلة المقبلة إجراءات عملية وسريعة في كافة الملفات وسوف نبني علي الدراسات القائمة بالفعل ولكن رغم العمل الكثير الذي سنقوم به فقد لا يشعر الناس به سريعا وقد لا نكون علي قدر التوقعات العالية في الشارع خلال فترة ال 6 أشهر القادمة فالمشاكل التي استمرت نحو 30 عاما من الصعب القضاء عليها في شهور أما عن التمويل فطالما الهدف واضح والبرامج جيدة فسوف يتم تدبير التمويل. * الدعم هل يمثل ملفاً إضافياً أمام الوحدة وهل هناك اتجاه للعمل بنظام التحويلات النقدية للفقراء؟ ** الوقت لا يتسع أمام الحكومة الحالية لتناول ملف الدعم رغم أهميته وقد قللت البطاقات الذكية من حالات التلاعب في الدعم السلعي وقد يكون دعم الطاقة الذي يستحوذ علي الجانب الأكبر من فاتورة الدعم هو الأقرب للتناول من خلال تطبيق نظام الكارت الذكي أما الدعم السلعي فيمكن اتخاذ بعض الإجراءات لترشيده مثل استبعاد بعض الفئات القادرة مثل وكلاء الوزارة وأصحاب الدرجات العليا في الحكومة وقطاع الأعمال العام وأصحاب معدلات الاستهلاك المرتفعة من الكهرباء ويمكن طرح مبادرة طوعية في هذا المجال بحيث يتنازل كل من لا يستحق بطاقة تموينية عنها طوعا أما نظام التحويلات النقدية فسوف نلجأ إلي تطبيقه في استهداف الفئات الفقيرة وقد نستخدم التحويلات المشروطة التي تشترط التحاق أطفال الأسرة بالتعليم بالإضافة إلي التحويلات النقدية غير المشروطة.