كنا ونحن صغاراً. كنا حينما يتعلق الأمر بالقصيدة الجديدة. كنا نرفع أصابعنا. وكنا نظن أن "أحمد فؤاد نجم" قد راحت عليه. وأن القصيدة الحداثية. ما هي إلا تدمير للعلاقات اللغوية الجادة. والافراج عن العلاقات الجديدة. التي كانت تدشن لحضورنا القوي. وقامت عدة تيارات أدبية حديثة لم تكن تعترف بمثل هذا النوع من الكتابة الشعرية. باعتباره زجلا. وليس شعرا. وكانت القصيدة. ترتدي غلالة جديدة. تم كتابتها وابداعها في العصر الحديث لكني في سري كان يستهويني مثل هذا النوع من الكتابة. حيث قد تعلمنا من فؤاد حداد الشاعر الأكبر مثل هذا الاحترام. وكانت القصيدة التفعيلية. في العامية. اعتبرنا أن نجم هو آخر العناقيد. ولم يظهر نجم آخر ليعيد العلاقات اللغوية إليِ سابق عهدها. وظل نجم يعتبر بمثابة آخر الشعراء الكبار. الذين وهبوا حياتهم لمثل هذا اللون في الكتابة. حتي أننا اعتبرناها كتابة "ضد الثورة" لكن بعد مضي الوقت. وحينما أدركنا صعوبة التقائنا مع الشعب. الذي كان يفضل الكتابة "النجمية" فكان من السهل علينا أن نتهم الشعب. بعدم الادراك الشعري ورحنا نحاول اكتشاف. ماذا تحتوي عليه حدائق الشعر. من اشجار ونخيل...... وكان هذا هو موقف جيل بكامله من الشاعر/أحمد فؤاد نجم. وبعد فترة من الزمن. مرت احداث. وجاءت احداث. وحدثت الثورة المصرية. ولم. نجد أغنية تعبر عن حال الثورة والثوار. غير قصائد وأغنيات أحمد فؤاد نجم. لقد أعادت له الثورة ضمن أشياء أخري الاعتبار. الذي كان بحاجة اليه. وصرنا رغم كتابتنا لقصائدنا. فإن قصائد نجم هي التي كانت علي أفواهنا نغنيها كلما استعصت علينا الكلمات. واختلطت المعاني..تعرفت بنجم منذ مدة طويلة. وكانت قصائده تمدني بعزم حقيقي علي مواصلة تلك الحياة وكنت أعترف بموهبته الكبيرة. باعتباره استاذا كبيرا في مدرسة التمرد. الذي كان غائبا عنا. وكانت معرفتي بأحمد فؤاد نجم الحقيقية وأنا في الجامعة عام 1974م. في مدرج 78 بكلية الآداب جامعة القاهرة. كنت لأني كنت عضوا نشطا بالحركة الطلابية. حينما استمعت إلي كلمات. أحمد فؤاد نجم علي لسان المغني: الشيخ إمام عيسي: كان يغني اغنية مصر يامه يابهية. التي اعتبرتها في ذلك الوقت بمثابة الاغنية الوطنية الأولي ولحد الآن اسمعها. فتلتئم روحي وتهدأ عواطفي. مهما كانت الاسباب وتقول كلمات تلك الأغنية الجميلة: مصر يامه يابهية يام طرحة وجلابية الزمن شاب. وإنتي شابة هو رايح. وإنتي جاية فات عليكي. ليل ومية. واحتمالك هو هو وابتسامتك هي. هي تضحكي للصبح يصبح بعد ليله ومغربيه تطلع الشمس. تلاقيكي معجبانية. وصبية. *** استمعت واستمتعت بالأغنية من البداية. حتي النهاية. وحينما انتهي الشيخ إمام من الغناء. وجدت نفسي وأنا جالس في مقعدي. وأنا أصفق بحرارة بالغة علي مثل هذا الغناء الممتع والجميل. وصار أحمد فؤاد نجم. علامة هذا الجيل علي الثورة. وصارت كلماته. التي كانت تعبر عن واقع جديد مختلف ومخالف. واقع جديد. يبشرنا به في قصائده حتي حفظناها واعتمدناه كما اعتمده الشعب امير الشعراء الرفض في العامية المصرية وجاءت موجات من الكتابة حاولت ابعاده عن المشهد. لكنه كان يعود مرة أخري في حالة الحصار المصري. ليعود في فترات الربيع العربي وهو أكثر قوة. وأشد حضورا بيننا جميعا. وكانت رحلة فؤاد نجم. علامة علي ذلك الاعجاب الذي استمر في داخلي. تمكنت من التعبير عنه في أقسي محاولاتي للكتابة حينما كتبت لشهادتي لمجلة شعر التي أعدت ملفا خاصا عن الشاعر / قمت بالكتابة فيه عن رأيي الشخصي الذي كان لا يعجب الكثير من أصدقائي... وعشنا معه ومع عم امام لحظة الحقيقة بكل سطوتها وسطوعها وكنا نغني معهم تلك الاغنيات التي تزلزل مني الروح. وتهدم العظام: عم إمام عنده كلام ومسوح. في بلاد الناس من شوق نوله يغزل قوله ويغني مرفوع الرأس بلدي يانبع. النور سلسال يهدي الفكرة للأجيال بلدي يالقمة عيش ياحلال ع الأكالة. وع الأكال ياام النيل. سايل مواويل كل مغنيو وله موال وأنا أرغولي لما يمول سوي في الآخر. سوي في الأول مش ح يغني إلا يا مصر.