لم أجد غيرك ألجأ إليه فأنا حائرة وأخشي من وقوع الكارثة التي قد تقضي علي عائلة بأكملها. * ابنتي التي بلغت من العمر 19 عاما ومازالت طالبة في معهد الخدمة الاجتماعية.. دفنت رءوسنا في الطين. فقد سلمت شرفها إلي شاب لا يراعي الله ورفض أن يتقدم إلينا ليستر عليها.. عرفنا بالصدفة بعد أن حاولت الانتحار وقد قرر والدها أن يمنعها من الخروج ومن تكملة تعليمها وكذلك منع أخواتها جميعهن ولا ذنب لهن.. ولولا أن تدخلت والدتي وهربت البنت لديها لكان قتلها. ** سيدتي لقد أعطي للبنت مهلة شهر واحد أن تقنع هذا الشاب الحقير لكي يأتي ويصلح غلطته وإلا سيقطع رقبتها ويسلم نفسه للشرطة.. أرجوك يا سيدتي سأعطيك رقم الهاتف وتكلميه أو اكتبي له فهو رجل صعب المراسي عنيف ولم يتحدث يوما إليهم حديثاً.. ودائما يقسو عليهم ولا يرحم طفولتهن ولا شبابهن الآن.. التربية عنده هي الأكل والشرب والضرب والعقاب علي كل صغيرة وكبيرة سأنتظر ردك سريعاً.. مع العلم أن ابنتي مختتنة والله. الأم التعسة * سأجيبك بعد أن أحكي لك عن فيلم تسجيلي عرض منذ أعوام بعنوان "ملف خاص" كان سيناريو لزميله صحفية اسمها أمل فوزي وإخراج سعد هنداوي وتصميم حركي لنورا أمين. * أثار هذا الفيلم الكثير من المشاكل والتعليقات وقد تسبب في جدل بيني وبين شخصية إعلامية مثقفة ثارت وقالت أن هذا الفيلم ينادي بنزع الحياء والتغاضي عن العفة لدي الفتاة؟ هالني ما سمعته من انسانة مثقفة واعية كان من المفترض ان تنظر إلي الفيلم نظرة مختلفة ففتح ومناقشة هذا الموضوع مهم في حياتنا كأمة عربية تكيل بمكاييل عدة لاشياء جوهرية وله يجوز إلا أن يكون المعيار واحداً وثابتاً خاصة عندما يكون ما يقيم هو الشرف. ولأن الثقافة لا تنتمي للتأنيث أو التذكير لسبب بسيط هو أن شرف البنت مثل شرف الولد لأن الشرف ليس هذا الختم الإلهي الذي تختم به المرأة فهذه نظرة مادية للاشياء الشرف مبدأ يربي في العقل والسلوك وإلا كان علي الفتاة التي تزوجت وانتهي وجود هذا الختم من جسدها ان تتصرف كما يحلو لها خاصة بعد ان حافظت عليه إلي أن فضه المالك الرسمي لهذا الجسد. الجسد ليس شيئاً للبيع والشراء وجسد المرأة ان لم تحمه هي بمعتنقها الحقيقي لمعني الشرف. فلا وجود للشرف فنحن لا نربي جواري وعبيد فقد انتهي زمن الجواري.. وقد جاءت فكرة الفيلم بمنتهي البساطة لتناقش تلك القضية في مجتمع مصاب بالفصام.. فالشاب يحب الفتاة ويدعوها لمنحه كل ما يريد تحت مسمي الحب اذا هو شريك لها في الفعل.. بل محرض أيضا عليه.. لكنه أول الهاربين اذا ما وقعت الفأس في الرأس. وبسؤال العديد من الشبان قالوا بأنهم لا يتزوجون من تعطيهم جسدها قبل الزواج حتي إذا أحبوهم. * فلماذا إذا يطالبها باسم الحب ويغضب ويثور إذا رفضت.. بل يتركها ويتهمها بالجحود وعدم مبادلته الحب والثقة؟ هذا ما ندافع عنه.. ألا يغشها ويغرر بها.. فهذا نوع من عدم الشرف.. هروبه منها عدم شرف. ولهذا تساءلت الباحثة عن المعني الحقيقي للشرف ولم يكن الأمر في هذا البحث موقوفاً علي العلاقات العاطفية بين الشباب.. بل تطرق لما يسمي العنف ضد جسد المرأة منذ أن تذبح آدميتها بما يسمي الختان.. فنحن نزرع فيها التناقض منذ نعومة أظفارها فالطفلة الصغيرة التي نعلمها ألا تخلع ملابسها أمام الأغراب وألا تسمح لأحد بالعبث مع جسدها.. فجأة نطالبها في سن العاشرة أن تخلع ملابسها الداخلية أمام أحدهم لتجزر قطعة منها بحجة الحفاظ علي أخلاقها وهي لا تعلم ما الجناية التي ارتكبتها ليتم هذا الفعل الدامي لها.. مفارقة أخري لم ترد في هذا البحث الموثق بفيلم تسجيلي.. بل أطلعت عليه في بحث علي النت وهي مشاكل عديدة لفاقدات العذرية وكانت نسبة المختتنات فيها أكبر من اللاتي لم يختن.. إذن الاخلاق والشرف شيئان ينبعان من العقل والتربية. لقد تناول البحث نماذج من الآباء والأمهات.. كانت ردود أفعالهم متقاربة.. الجميع يفكر بطريقة واحدة هي قتل الفتاة التي تقع في المحظور.. ولم يفكر أحد في معرفة الاسباب التي دفعتها للسقوط أو البحث عن شريكها اللهم إلا لقتله هو الآخر. أما الحل الآخر وهو محاولة فهم طبيعتهم الانسانية بمواطن ضعفها وقوتها ومحاولة الجميع بينهما في الحلال وستر هذه الفضيحة فلم يخطر ببال إلا من رحم ربي. الأكثر عجباً هي آراء النساء الأمهات التي لم تنصف الفتاة وانما جاءت عبارة واحدة نغمة واحدة علي وتر حائر.. لتربي الازدواجية في شخص الذكر والأنثي "البنت حاجة والولد حاجة ثانية" ياله من زمن جاهلي تعامل مع الفتاة بمنطق غير الذي نزلت به الأديان السماوية والتي تعاقب الذكر والانثي بنفس الحد وتجازيهما عن خير الأعمال بنفس الجزاء لجريمة الزني حد واحد للذكر والانثي هذا عدل الله وللبشر قانون آخر!! لقد وضعت القوانين الجائرة ودافعنا عنها بارواحنا وتناقلناها من جيل لآخر دون وعي.. دون تفكير فمعني الشرف لدي الرجل شيء ولدي المرأة شيء آخر وكأن الشرف هذا نسبي.. وهذا مالم يقبله ولن يقبله عقلي ولا أي عقل مثقف متدين يقبل شرع الله في حياتنا الدنيا. دعيني أيتها الأم وكل أم أذكر لكم حكاية وردت في الفيلم التسجيلي الذي ناقش هذا الأمر وهي حكاية رجل له ابنة غشاء بكارتها مسدود وكان عليها أن تذهب للطبيب كي تفضه قبل الزواج لانه يسبب لها تجمعاًً دموياً أدي إلي تسممها وقد يسبب لها سرطاناً.. وأشار عليها الاطباء بضرورة فض هذا الغشاء لمصلحة الفتاة وقالوا بانهم سيعطونه شهادة بهذه العملية لأن الغشاء لن يعود بالطبع.. رفض الأب مفضلا الموت لابنته لانها ستموت بشرفها!! بهذا الجهل والتخلف حسمت حياة فتاة وضحي الرجل بابنته فهل هذا الأب لا يحب ابنته؟! مؤكد يحبها وبكي كمن لم يبك من قبل.. لكنه حب الدببة.. حب فاقد للأهلية.. حب قاتل ومدمر.. حب لم ير من خلف عدسات التخلف المعتمة معني انسانياًَ هذه الحادثة وقعت في عام 2010 اذن كيف نفكر وكيف ندعو الآخرين لاعتناق مذاهب مندثرة؟ انني لا اطالب الفتيات بالتخلي عن بكارتهن لأن البكارة ليست ختما تختم به البنت كالذبيحة في المذبح.. البكارة تصرف وفعل وتربية. إنني اسقط البكارة علي كل شيء بما فيها الذكورة فللرجل بكارته أيضا.. وللمجتمع بكارته.. علينا أن نعلم بناتنا معني الشرف كما نعلمه للأولاد الذكور.. الشرف هو أن تعيش ذاتك الحرة دون أن تخطيء.. الشرف هو ألا تضن الاثم وتقبله ما دام الآخرون لا يعرفون عنك شيئاً.. الشرف أن تكون صريحا واضحاً.. للشرف معان كثيرة.. أرجو أن نلتزم بها ولا نحصرها في قطعة جلس في جسد المرأة.