أسمي "زبير رحمان" من باكستان عمري 13 عاماً في 24 أكتوبر من العام الماضي كنت شاهدا وضحية لواحدة من غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار المعروفة باسم "درون". جدتي لم تكن عدوا لأحد ولم تكن أحد المسلحين الذين تستهدفهم هذه الطائرات كانت جدتي شديدة الطيبة طالما ساعدت الأمهات في القرية علي ولادة أطفالهن في المساء كانت تجمع الأطفال حولها تحكي لهم القصص قصة حياتها وحياة أسرتها وقصة المجتمع الذي تعيش فيه سوف افتقد هذه القصص كثيراً. هكذا بدأ "زبير" في سرد قصته مع غارات الطائرات الأمريكية علي قريته "تابي" أمام لجنة الاستماع بالكونجرس الأمريكي بحضور عدد من النواب علي رأسهم السيناتور الديمقراطي "الان جرايسون" والمشهور عنه تعاطفه مع العرب والعالم الإسلامي وكان جرايسون قد وجه الدعوة لزبير ووالده وشقيقه لحضور الجلسة التي تناقش قضية هجمات طائرات ال "درون" والتي تزايد عدد ضحاياها في السنوات الأخيرة وتصادفت انعقاد جلسة الاستماع مع زيارتي لواشنطن فحرصت علي حضورها. "السماء في بلادي وخاصة قريتي" "تابي" زرقاء لامعة وصافية والحقول خضراء وخصبة والزهور تنمو علي الجبال والأشجار المورقة تتمايل علي ينابيع المياه حيث تعودت الاستحمام واللعب استكمل زبير قصته وسط اهتمام الحضور ومن بينهم كوكبة كبيرة من وسائل الإعلام. في يوم 24 أكتوبر كانت السماء شديدة الصفاء وكنت سعيدا لان الغد كان يوافق أول أيام عيد الاضحي اعرف ان الكثيرين من الأمريكيين لا يعرفون ماذا يعني العيد قيل لي ان مثل "الكريسماس" ولكن لا أعرف ماذا يعني الكريسماس عن العيد استطيع ان أقول فقط انه وقت ساحر مليء بالبهجة والفرحة. بينما كنت أقوم بمساعدة جدتي في الحفل كنت أري واسمع صوت طائرة تحوم فوق رؤوسنا لكني لم انزعج ولماذا انزعج فلا أنا أو جدتي مسلحين حتي تستهدفنا الطائرة ولكن الطائرة فاجاتنا بأول دفعة من الطلقات لتهتز الأرض بشدة وانطلق الدخان الأسود الذي سمم هواء القرية جرينا بسرعة ولكن بعد دقائق معدودة أطلقت الطائرة قذيفتها الثانية هرع أهالي القرية لمساعدتنا وأخذونا إلي المستشفي ماتت جدتي وقمت بإجراء عملية في قدمي لكن سوء الحظ لم تنجح العملية وقال الطبيب لابي ان الشظايا أصابت منطقة صعبة جدا ويحتاج الأمر عملية بالليزر لكنها تتكلف الكثير من المال لم نكن نملك المال الكافي فعدنا للقرية والآن مازالت الشظية في قدمي ومازال ابي يحاول جمع المال اللازم للجراحة عن طريق الاستدانة من الأقارب والأصدقاء. سيناتور جرايسون لم أعد أحب السماء الزرقاء "قال زبير" و"أكمل" في الحقيقة أصبحت أفضل السماء الرمادية لان الطائرات لا تستطيع التحليق في السماء الرمادية. رسالة للمجتمع الأمريكي أعلم ان الأمريكيين يظنون ان غارات الطائرات بدون طيار هي الحل لمشاكل الإرهاب لكن أتمني ان يعرفوا كيف ينظر الأطفال في قريتي لهذه الغارات هذه الطائرات ترهبنا لم نعد نستطيع اللعب خارج منازلنا كما تعودنا الناس في قريتي الآن يخشون ترك منازلهم وحتي المدارس القليلة في قريتي ورغم حاجتنا للتعليم والذهاب للمدرسة إلا ان غارات هذه الطائرات لا تجعل ذلك ممكنا. كنت قد قررت ألا أحكي حكايتي للأمريكيين ولمستر جرايسون فالأمريكيون رفضوا السماح للمحامي الخاص بمرافقتي رغم انه تعود زيارة أمريكا طوال الوقت ولكن منذ ان بدأ في مساعدتنا قالوا له انه غير مرحب به في أمريكا. في النهاية رأيت انه من المهم ان أوصل قصتي وقصة جدتي وقريتي لكم لأقول لكم ان غارات طائراتكم ليست هي الحل لمواجهة المسلحين أتمني ان أعود إلي بلدي برسالة مضمونها ان الأمريكيين انصتوا لنا وان أمريكا ليست مجرد طائرات بدون طيار ترهبنا وتخيفنا ولكنها بلد يسمع ويحاول مساعدتنا لحل كثير من المشاكل التي تواجهنا وربما قامت أمريكا بوقف هذه الغارات. انتهي "زبير" من قصته التي أبكت المترجمة الأمريكية التي كانت تترجم كلمات زبير من لغته المحلية إلي الإنجليزية. جدل واسع والحقيقة ان قضية غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار كانت مسار جدل واسع داخل وخارج الولاياتالمتحدة حول الأشخاص المستهدفين مروراً بالأسلوب الذي تتم به وصولا لقدرتها علي توفير الأمن للولايات المتحدة كما أثار بنفس القدر سخطا في الدول المستهدفة بهذه الهجمات علي الولاياتالمتحدة. خلال الشهور القليلة الماضية تزايد عدد الغارات وزاد عدد ضحاياها وقدرت إحدي المؤسسات الأمريكية عدد الغارات التي قامت بها الطائرات علي باكستان واليمن بنحو 422 غارة من بينها 373 غارة منذ تسلم الرئيس باراك أوباما منصبه في 2009 وحتي الآن بينما قدرت عدد الضحايا بما يتراوج بين 2500 و 4آلاف شخص وبينما تري الإدارة الأمريكية ان طائرات بدون طيار هي السلاح الأكثر فاعلية في مواجهة الإرهابيين تري منظمان حقوقية ومنظمة العفو الدولية ان هذه الغارات تعد خرقا للقوانين والدساتير الدولية وهو ما أدي إلي العديد من المظاهرات ضد هجمات "الدرون" ولم تقتصر المظاهرات علي الدول المستهدفة بالغارات مثل باكستان وأفغانستان واليمن فقد شهدت الولاياتالمتحدة في ابريل الماضي مظاهرات علي مدي شهر كامل في واشنطن وعدد من الولاياتالمتحدة نظمها مناهضون لاستخدام الجيش الأمريكي طائرات من دون طيار لتنفيذ غارات علي بعض الدول الأمر الذي اعتبروه انتهاكاً للقوانين الدولية وتساءل ستيفن مايلز المنسق العام لتحالف "أربح بدون حرب" عن المستهدفين بهذه الغارات مشيراً إلي ان تقرير حديث يشير إلي ان برنامج أوسع وقد أدي هذا البرنامج إلي مقتل مدنيين ويجب ان نفهم من هم المستهدفين وما هي التهم الموجهة ضدهم ثم يمكن بعدها ان نسأل كيف يؤدي هذا إلي جعل أمريكا أكثر أمنا. شهادة يمنية وربما لم يكن الطفل الباكستاني "زبير" الشاهد الوحيد علي غارات طائرات "الدرون" فقد سبق ان استضاف الكونجرس الأمريكي في ابريل الماضي كاتب يمني درس في الولاياتالمتحدةالأمريكية ليدلي بشهادته خلال جلسة استماع مماثلة وكانت قريته قد تعرضت لإحدي هذه الغارات قبيل أسبوع من مثوله أمام جلسة الاستماع قال اليمني "فارع المسلمي" في شهادته ان الغارة الجوية التي نفذتها طائرة بدون طيار في قريته جعلت أبناء القرية ينقلبون علي واشنطن مشيرا إلي ان هذه الهجمات التي أصابت أهل قريته بالرعب وروعت آلاف القرويين الفقراء أدت إلي تعزيز مكانة المتشددين وليس العكس كما أدت إلي شحن الرأي العام ضد واشنطن وربما كان ذلك ايضا رأي البروفيسور جريجوري جونسون الخبير في شئون اليمن والذي يري ان ضحايا هجمات طائرات الدرون من المدنيين تعمل في الواقع علي جذب المزيد من المجندين إلي تنظيم القاعدة. ورغم جلسة استماع الكونجرس المعارضة لغارات الطائرات بدون طيار إلا انه بعد أقل من يومين فقط ورغم مطالبة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف للرئيس باراك أوباما بوقف هذه الغارات فاجأت طائرة "درون" أمريكية الباكستانيين بغارة استهدفت زعيم طالبان حكيم الله محسود لتتوقف محادثات السلام الجارية بين الحكومة الباكستانية وطالبان ويعكس ذلك تمسك الحكومة الأمريكية بالية الطائرات بدون طيار رغم الردود الدولية الحادة تجاهها وهو ما قد يزيد من المشاكل العديدة التي تواجه الرئيس أوباما والتي أدت إلي تراجع شعبيته إلي حدها الأدني.