الباكستانيون يستقبلون العام الجديد بغارة جديدة لطائرة أمريكية بدون طيار أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص".. هذا العنوان يمثل الحلقة الأحدث في سلسلة الهجمات التي تشنها هذه النوعية من الطائرات، وكان المدنيون الضحية الرئيسية لها؛ حيث سقط 708 مدنيين ضحية ل44 هجمة وقعت في 2009، أتت بآثار عكسية في دعم المسلحين، بحسب مسئولين ومحللين باكستانيين. وقال مسئول بارز في وزارة الداخلية الباكستانية ل"إسلام أون لاين.نت"، فضل عدم ذكر اسمه: "دفع المدنيون ثمنا باهظا لنحو 44 هجمة قامت بها طائرات أمريكية بدون طيار.. قتل خمسة قيادات فقط في تنظيم القاعدة ومن قيادات طالبان، من بينهم زعيم حركة طالبان باكستان بيت الله محسود، فيما فقد 708 مدنيين حياتهم فيها". وأضاف المسئول الباكستاني الذي فضل عدم ذكر اسمه: "من بين الضحايا المدنيين عدد كبير من النساء والأطفال فقدوا حياتهم في هذه الهجمات". وتعتبر باكستان حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في الحرب التي تشنها على تنظيم القاعدة وحركة طالبان، في الوقت الذي تواجه فيه قوات الناتو والولاياتالمتحدة تصعيدا في الهجمات التي تستهدفها أفغانستان المجاورة، وقتل في آخر هذه الهجمات 7 أمريكيين يعملون لحساب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي. آي. إيه) في قاعدة عسكرية في ولاية خوست جنوب شرق أفغانستان. وتمارس الولاياتالمتحدة ضغوطا متزايدة على حكومة الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري؛ لبذل المزيد من الجهد لاقتلاع مقاتلي طالبان والقاعدة، وقد تسببت هجمات طائرات أمريكية بدون طيار ضد المسلحين في إيجاد مشاعر مناهضة لواشنطن في باكستان، كما أثارت توترات سياسية، بسبب سقوط قتلى بين المدنيين. وكانت لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأمريكي قد قالت العام الماضي إن هذه الهجمات تنفذ بموافقة الحكومة الباكستانية، والتي تتجنب الاعتراف بذلك علنا لتجنب غضب الرأي العام في البلاد. وبحسب الإحصائيات المتوافرة، فقد كثفت واشنطن هجماتها من هذا النوع منذ انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما رئيسا للبلاد، مع وضعه أفغانستانوباكستان وملف مكافحة الإرهاب كأولوية على رأس أجندة السياسة الخارجية لإدارته؛ حيث قامت الطائرات الأمريكية بدون طيار ب44 غارة في العام 2009 الآفل. وتشير تقديرات وكالات الأنباء إلى أن المتوسط الشهري للضحايا المدنيين لهذه الهجمات كان لا يقل عن 58 مدنيا، وفي المجمل قتل 140 مدنيا لكل واحد ممن تستهدفهم هذه الهجمات من قيادات القاعدة وطالبان. من جانبها اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بمقتل 16 قياديا فقط من القاعدة وطالبان باكستان في مقابل 1200 من المدنيين في هذه الهجمات في غضون العامين الماضيين. ومن بين أبرز هذه القيادات التي قتلت في الغارات الأمريكية العام الماضي زعيم حركة طالبان باكستان بيت الله محسود، الذي قتل في هجوم شنته طائرة من دون طيار على منزل والد زوجته في وزيرستان في الخامس من أغسطس 2009. سنة جديدة! وقد استهل الباكستانيون السنة الجديدة بغارة قتل فيها ثلاثة أشخاص في وزيرستان الشمالية يوم الجمعة الماضي، أول أيام العام الجديد 2010. وقال مسئول أمني باكستاني كبير إن طائرة أمريكية بدون طيار أطلقت صاروخين استهدفا سيارة في قرية جوديخيل التي تقع على بعد 15 كيلومترا شرق مدينة ميرانشاه كبرى مدن شمال وزيرستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان. ولا تعترف الولاياتالمتحدة بمسئوليتها مباشرة عن هذه النوعية من الهجمات، ولكن الولاياتالمتحدة هي الطرف الوحيد الذي يملك مثل هذه النوعية من الطائرات في منطقة جنوب آسيا. عوامل دعم ويعتقد محللون أن هذه الضربات الأمريكية قد تحدث أثرا عكسيا، وتدعم خط من تصفهم واشنطن والحكومة الباكستانية بالمتشددين في المناطق القبلية المجاورة للحدود الأفغانية. وقال المحلل السياسي الباكستاني عبد الخالق علي ل"إسلام أون لاين.نت": "عندما تكون هناك مشكلة إرهاب في بلد ما فإن مهمة الأجهزة الأمنية الحكومية قطع خطوط إمداد الإرهابيين، إلا أن هذه الهجمات لا تساهم في خفض وتيرة الإرهاب، بل تعمل على دعم المسلحين". ولا يرى المحلل الباكستاني فارقا بين الهجمات التي تقوم بها الطائرات الأمريكية بدون طيار والتفجيرات التي تنفذها عناصر طالبان باكستان من حيث الضحايا، وقال: "ليس هناك اختلاف بين الهجمات الانتحارية التي تنفذها طالبان والهجمات الصاروخية التي قامت بها الولاياتالمتحدة.. كل منها يتسبب في قتل أبرياء". وزاد بالقول: "هجمات حركة طالبان غالبا ما تستهدف قوات الأمن في معظم الحالات، ولكن الهجمات من دون طيار غالبا ما تؤدي إلى وفيات بين النساء والأطفال؛ حيث تنفذ بناء على معلومات ناقصة أو وهمية". ويوضح أنه "عندما تسيل دماء الأبرياء يكون من السهل للغاية استغلالها من قبل المتشددين الذين يحصلون على المزيد والمزيد من العناصر الانتحارية بعد كل هجوم بطائرة بدون طيار في سبيل الانتقام". ووافقه في الرأي الدكتور اشتياق أحمد، أستاذ في العلاقات الدولية بجامعة قائد أعظم في إسلام أباد، وقال ل"إسلام أون لاين.نت": "هجمات الطائرات بدون طيار كانت سببا في تغذية المشاعر المعادية لأمريكا، وبالتالي فإن الناس تفضل دعم حركة طالبان، ولو بشكل غير مباشر، باعتبار أنها عدو لأعدائهم المباشرين، وهم هنا الولاياتالمتحدة". وأضاف أحمد: "هناك منظوران بشأن هذه الهجمات، وجهة نظر الولاياتالمتحدة، ومؤداها أن استخدام هذه الوسيلة ذات التقنيات العالية تؤدي إلى الإقلال من احتمالات الخسائر، أما المنظور الآخر فيرى أن هناك الكثيرين من الناس الأبرياء يقتلون في هذه العمليات".