هل التقارب المصري الحالي مع روسيا الاتحادية له علاقة بحالة الجفاء في العلاقات بين القاهرةوواشنطن التي ظهرت بشكل واضح بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم؟!.. بمعني آخر هل التقارب بين القاهرةوموسكو سيكون علي حساب واشنطن؟!.. وهل سينجح الدب الروسي في استعادة مكانته في المنطقة العربية التي فقد الكثير منها في العقود الثلاثة الأخيرة بعد أن جنحت القاهرة باتجاه واشنطن عقب حرب أكتوبر وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل؟!! كل تلك الأسئلة صاحبت زيارة الوفد الروسي الأخيرة إلي مصر والتي قوبلت بحفاوة رسمية واهتمام إعلامي كبير أعاد إلي الأذهان الزيارات التي كانت تحظي بها الوفود الروسية في القاهرة خلال حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حينما كانت العلاقات المصرية الروسية هي مفتاح القوة في المنطقة وقت أن كانت مصر تعتمد اعتماداً كلياً في تسليحها علي السلاح الروسي وهو نفس السلاح الذي خاضت به حرب أكتوبر المجيدة. الاهتمام الروسي بالتقارب مع مصر بدا واضحاً حتي قبل بدء زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين للقاهرة حيث أكد ميخائيل بوجدانوف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلي الشرق الأوسط أن موسكو تدعم خارطة الطريق وتطلعات الشعب المصري في الحرية والتحرر لكنها في المقابل ترفض أي إملاءات جاهزة من القوي الدولية علي الشعوب وهو انتقاد روسي غير مباشر لموقف الولاياتالمتحدة وتدخلاتها في الشأن المصري الداخلي!! انتقاد "بوجدانوف" الضمني لواشنطن يعني أن موسكو كانت علي دراية كاملة بما كان يجري من مخطط في المنطقة العربية ولعل هذا هو السبب في الموقف الروسي الداعم للرئيس السوري بشار الأسد في حربه مع الجماعات المسلحة وأن موسكو تري أن تقاربها مع القاهرة سينعكس بالايجاب بكل تأكيد علي انفراج الأزمة السورية ويبدو أن هذا الأمر هو ما يقلق واشنطن كثيراً. زيارة الوفد الروسي إلي القاهرة انتهت دون الإفصاح عن ما تم من اتفاقات وصفقات وتفاهمات وبمجرد عودة الوفد الروسي إلي موسكو تلقي الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي بوتين أكد خلاله دعم روسيا الكامل لمصر وتطوير العلاقات الثنائية في شتي المجالات بما في ذلك التعاون الأمني والعسكري.. يأتي كل ذلك في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المصرية الأمريكية حالة من التوتر والجمود وهو ما يتطلب من الدبلوماسية المصرية أن تتعامل مع هذا التحول بشيء من التوازن بحيث تكون العلاقة مع موسكو ليست علي حساب واشنطن.