مازال مسلسل نزيف الأرواح علي خطوط السكك الحديدية يجدد حلقاته يوماً بعد يوم بسبب الإهمال والرعونة والطرق البدائية التي يدار بها هذا المرفق الحيوي المهم.. وأحدث حلقات هذا النزيف ما حدث فجر أمس عندما صدم قطار بضاعة عند مزلقان دهشور- الفيوم عند خط الواحات بالكيلو 25 أتوبيس رحلات وسيارة نقل ثقيل "تريللا". مما أدي لوفاة 27 شخصاً واصابة العشرات. "المساء" انتقلت إلي مكان الحادث.. وكان أول ما لفت انتباهنا بشدة هي غرفة عمال التحويلة التي يوجد بها سريران صغيران وكأنها غرفة راحة وليست غرفة للعمل ومراقبة القطارات ومواعيد وصولها إلي هذا المكان. ثاني الملاحظات المهمة أن القطار صدم أتوبيس الرحلات المنكوب الذي يحمل رقم 126 الفيوم ودفعه أمامه لمسافة تقارب 2 كيلو متر. مما يؤكد مدي معاناة وعذاب الضحايا قبل موتهم. والشيء الذي يدمي القلوب أنك أثناء سيرك تلك المسافة من بداية المزلقان حتي الوصول لمكان الأتوبيس ستشاهد أحذية المجني عليهم متناثرة علي مسافات متقاربة. كما ستجد بعض مقاعد الأتوبيس ملقاة علي الرمال وبعضها تطاير إلي مسافات بعيدة. أما الأتوبيس نفسه فقد أصبح حطاماً من قوة الصدمة. ولو كان هذا الأتوبيس بشراً لقلت إنه مات أكثر من مرة مما حدث فيه. آخر الملاحظات هو تحطم كابينة السيارة النقل تماماً واصابة مساعد السائق ونقله إلي المستشفي بعد كسر ذراعيه وساقه. قال أهالي المنطقة الذين توافدوا عقب حدوث الكارثة بساعات طويلة: إن الاهمال سيظل هو السمة المميزة لسكك حديد مصر.. واتهموا المسئولين بالإهمال والعشوائية والبدائية. مؤكدين "هي دي مصر ومش هاتتغير" وحمل بعضهم المسئولية لعامل المزلقان. في البداية قال حمدي عبدالجواد من أهالي المنطقة: المسئول عن هذه الكارثة هو عامل المزلقان لأن هذا القطار بضاعة وليس ركاباً وموعده معروف. لكن ما يحدث أن العامل ينام داخل غرفة أو يجلس لمشاهدة التليفزيون حتي تحدث الكارثة!! أضاف عطا محمد أحمد أن الإهمال في السكة الحديد مكتوب علينا طول العمر.. فالمسئولون نائمون لا ينزل أحدهم للشارع لحل المشكلة بل يجلس في مكتبه المكيف حتي تحدث الكارثة. ثم يخرج علينا بتصريحات مللنا من سماعها بسبب تكرارها. قال مصطفي محمد سائق نقل من المنصورة: إن عمال المزلقان هربوا من الشرطة عقب وقوع الحادث وهذا دليل علي مسئوليتهم عن الحادث. أما صاحب السيارة النقل التي صدمها القطار فقد أكد أنه خسر ما يقارب ربع مليون جنيه في هذا الحادث.. وطالب المسئولين بالتعويض بعد أن خرج هذا القطار الطائش وصدم سيارته وحطمها -علي حد قوله.. شرح صاحب التريللا ويدعي محمد أبوأمين كيف وقع الحادث.. فقال إن السيارة كانت تحمل نقلة "طفلة" وقام السائق بدفع الكارتة التي لا يفصلها عن مزلقان السكة الحديد أكثر من 95 متراً. وفوجئ السائق بالقطار يصدم السيارة. مما أدي إلي تحطم الكابينة والشاسيه واصابة التباع. والكارثة الكبري كانت مع أتوبيس الرحلات الذي صدمه القطار بقطوة ودفعه أمامه لمسافة 2000 متر.. وختاماً.. هذا الحادث يعد جرس إنذار للمسئولين عن مرفق السكك الحديدية في مصر لمعالجة أوجه القصور الكبيرة التي يعانيها هذا المرفق. والبدء فوراً في التطوير لمحاولة سد الفجوة الرهيبة بيننا وبين دول العالم في مجال السكك الحديدية.