عرفت الثقافة المصرية. وعالم الشعر شاعراً مبدعاً يمتلك موهبة فذة ومقدرة فائقة لا حدود لها في عالم الشعر فاقت كل الخيالات ذلكم هو الشاعر صالح علي شرنوبي الذي فقدته الأمة العربية وهو في السادسة والعشرين من عمره. تاركا قصائد شعرية تفخر بها العربية. ويتيه بها ديوان العرب. مات هذا الشاعر الرائع سنة 1951 تحت عجلات قطار الدلتا حين ذهب إلي بلده بلطيم ليقضي بها إجازة العيد بين أهله. إلا أن مشيئة الله كانت غالبة.. ولا يمكننا أن نوفي هذا الشاعر العملاق حقه في تلك الكلمة.. وإنما اردت أن القي بعض الضوء علي مقدرته الشعرية في قصيدة ليست أجمل وأروع قصائده. وإنما هي واحدة من قصائد كثيرة رائعة. وتملك من الإبداع فيضا هائلاً لا نهاية له. عنوانها "الممثل" مما يجب علي معاهد السينما والتمثيل أن تضعها بين مناهج دراستها حتي تستطيع أن تعرض أمام طلابها أعظم وصف وأدقه لفن التمثيل وروح الممثل. لقد اخترتها من بين قصائده التي أعشقها لأنها تبرز إبداع ومقدرة الممثل الفنان الذي يبهر مشاهديه حين يؤدي دوره في أعمال درامية. هائم الروح بالهوي والأماني فيه ما في الحياة من مشكلات لوحة اثبت الزمان عليها هو كالطينة التي نحن منها ملك حينما يشاء له الفن أو حقير عريان مزقه الجو خالد الذات وهو كالناس فان فهو فوق النهي ودون العيان أبدي الظلال والألوان فهو كل الأنام في إنسان عزيز المقام والصولجان ع وأضنته لوعة الحرمان أرأيتم هذه التعبيرات المدهشة التي وصفت الممثل. ولخصت فنه ومقدرته.. أرأيتم إبداع من ذلك واجمل حين وصف الفنان الممثل بهيام روحه وامتلاؤها بالحب والأمنيات وانه عرضة للفناء إلا أن ذاته خالدة خلود الزمان.. وكم هو ذلك الممثل الفنان مدهش في تفوقه واعتلائه علي كل العقول والذي يمثل الزمان بجميع أطيافه وألوانه وجمع في أعماقه كل صفات البشر وما يعتليهم من تغيرات يتقمص شخصيات عظيمة ترتفع مقاما وصولجانا كما يتقمص اخري يمزقها الجوع ويصيبها الحرمان ثم ينطلق في شرح ملكات الممثل الشاملة. وإذا ما أراد فهو ملاك أو غوي تضج منه السماوات كل حي له لسان وهذا ولقد يعجز البيان إذا بانفعالات وجهه الإنساني بيديه. بحاجبيه.. بعينيه قدسي مطهر صمدان مريد إلا علي الشيطان وحده ناطق بألف لسان عبر عما يريد دون بيان باختلاجات جسمه الافعواني بما لا تقوله له الشفتان فهو باك أو ضاحك وبليد عبقري أو معجز ذو افتتان أقرأتم هذا الوصف الجميل الممتع؟.. أليست هذه الأبيات تجعل كل مشاهد للممثل يحترم موهبته ويقدرها. ويعطيها حقها من البراعة والاندهاش.. بل تجعل كل قارئ لها لديها أمنية أن يكون ممثلا يمتلك تلك المواهب العظيمة. بل تجعل كل شاعر يتمني أن يصل من الرقة والحساسية المرهفة إلي تلك المقدرة في الوصف الإنساني الرائع؟.. تجعلنا تلك المعاني الجميلة نتساءل كيف يأتي لذلك الممثل أن يحمل في أعماقه كافة الانماط البشرية ويخرجها للمشاهد أو المتلقي دون عناء أو جهد. وببساطة تجعله مقتنعا بصدق الأداء وتلقائية التعبير عن الفرح أو الحزن. وكأنه يقول لمشاهديه. اعذروني أو انقذوني. أو أبكوا لبكائي أو فاهزجوا بالأغاني وإذا حاجباه شالا فإعجاب محب أو كبرياء أناني وبعينيه ويح عينيه دنيا صبوات وفلسفات معاني فهما شعلتان وهاجتان أبدا بالوجود طوافتان وهما طفلتان عربيتان.. وإلهيتان شيطانتان يخفق الكون حيث تأتلقان وتنام الحياة إذ تخبوان المستشار محمد محمد خليل