بعد عرضه الرائع "قهوة سادة" الفائز بالعديد من الجوائز والدروع بالمهرجانات يعاود المخرج "خالد جلال" بمركز الإبداع الفني بعرضه المسرحي "حلو الكلام" مسيرته في العطاء. العرض يتعرض في مجمله لثورة 25 يناير من خلال الشباب والأمل الذي تحقق وانبعث من هوة الظلام! يشارك في تقديم "حلو الكلام" الدفعة المثالية بالمركز من حيث إعداد الممثل الذي يمتلك كل مواصفات الفنان القادر علي صدق المعايشة والأداء والغناء والرقص التعبيري. الدفعة قوامها 65 دارساً وصلوا إلي مرحلة النضج الفني.. والمسرحية تعتمد علي أداء هؤلاء الموهوبين الذين أفرزتهم الورشة المسرحية التي أشرفت عليها "نجاة علي" أستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية. وقد خاض بهم المخرج خالد جلال هذه التجربة وهي تقديمهم لمختارات من أشعار كبار الشعراء والعرب التي جمعتها فكرة حب مصر من حيث الثورية وانفعال الشعراء وتفاعلهم بالثورة وتداعياتها وحتمية سيطرة دماء الشباب عي عروض "الكهولة" التي لم تعد قادرة علي التغيير.. القصائد التي اعتمد عليها العرض ضمت أشعاراً للكبار بدءًا من "أحمد فؤاد نجم" ومصر ذات الطرحة وقد شاب الدهر ولازالت شابة دائماً في عمر الزهور. تمضي إلي الأمام مروراً بقصيدة شهداء وأبطال بورسعيد للشاعر نزار قباني. ثم فاروق جويدة وأشعاره السحرية التي تتغلغل داخل النفس البشرية ونتابعها بحب. ينقلنا العرض لأمل دنقل وصرخاته المدوية في أشعاره ثم شاعر العامية صلاح جاهين إلي أغاني الراحل محمد حمزة وجمال بخيت وصولاً بأعمال الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي.. وقد أفسح له العرض مساحة عريضة خصصها لأجمل أشعاره مركزاً علي قصيدة "البركان".. جاء ذلك كله في إطار النسيج الدرامي المتقن والذي يقترب من وجدان المتفرج في تلقائية وعفوية من شفاه المؤدين من الشباب. مرسوما بدقة وسرد زكي محسوب. "حلو الكلام" يضم حوالي 60 شاباً وفتاة يقفون فوق خشبة مسرح الابداع لا تغادره طوال العرض. وهنا تتبين لنا موهبة المخرج وتحكمه باقتدار في حركة هذه المجموعة بجانب توزيعها بتفرد يحسب له مضافاً لموهبته وجاء توزيعها محكماً مستغلاً المسرح حيث دارت أحداث العرض. بجانب الاضاءة وكأنها لوحة تقترب من ضوء الشمس فيأتي تحرك الممثلين في عفوية مدهشة في تناوب وتباري بينهم في إلقاء القصائد التي يتخللها الطابع الدرامي الضاحك الذي يلقي استحسانا وقبولاً لدي المتفرجين. خاصة عندما يشاع الدفء في كلمات الشعراء وهي تنطلق من شفاه قائليها في تناغم. كان الغناء والرقص الايقاعي وحركة الممثلين التي مزجت ما بين إيقاع الكلمات والأداء الجماعي والفردي صانعة جواً يشير إلي تدفق الدماء في شرايين العروق معبرة عن الأمل والحياة.. حيث نري الابتسامات التي تعلو الشفاه. لكنها عاجزة عن إخفاء آلام تحترق داخل القلوب.. يأتي وراء ذلك التدريب الشاق والمضني الذي مكن خالد جلال من ضبط إيقاعه .. مؤكداً أنه يمكن أن تصنع ممثلاً وكيف يمكن للشعر أن يصنع مادة درامية. بالإضافة لقدرته علي المزج بين الغناء والحركة.. مشيراً إلي أن هذه المجموعة قادرة علي اعادة المسرح لمسيرته في التثقيف والتنوير بضبط إيقاعه والتغلب علي كل المعوقات التي تعترض مسيرته.