ستظل محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي التي استغرقت 4 ساعات.. ومثوله أمام المحكمة التي عقدت له بأكاديمية الشرطة بتهمة الاشتراك والتحريض في قتل 10 متظاهرين أمام قصر الاتحادية بينهم الصحفي الحسيني أبوضيف حدثا تاريخيا تتناقله وتحكي عنه الأجيال.. كما حدث مع الرئيس الأسبق حسني مبارك.. وإن كانت محاكمة مرسي كانت الأكثر اهتماما من الجماهير ووسائل الإعلام.. وحتي العالم أجمع. ورغم ما تناقلته بعض الصحف والمواقع والفضائيات من أن مرسي قد لا يأتي إلي المحاكمة إلا أن الساعة السادسة و40 دقيقة صباح أمس شهدت وصول الرئيس المعزول إلي مقر محاكمته بأكاديمية الشرطة داخل طائرة هيلكوبتر.. أقلته بعد نزوله منها سيارة ميكروباص بيضاء اللون إلي قاعة المحاكمة. بمجرد نزول "مرسي" من الميكروباص وقف لبضع ثوان أمام السيارة منهمكا بربط أزرار جاكيت بدلته وأناقته وكأنه يستعد لمقابلة رسمية كرئيس للجمهورية كما يدعي. تم إيداع المتهمين الثمانية المحبوسين علي ذمة القضية داخل قفص الاتهام في تمام الساعة التاسعة ونصف صباحا فيما عدا الرئيس المعزول الذي أودع قفص الاتهام قبل بدء الجلسة بخمس دقائق فقط. قبل بدء الجلسة ظل القيادي الإخواني محمد البلتاجي يردد الهتافات المعادية للجيش قائلا "يسقط يسقط.. حكم العسكر". و"احنا في دولة مش في معسكر".. وقام باقي المتهمين بترديد الهتاف وراءه.. كما رددت هيئة الدفاع عنهم الهتافات مشيرين لهم بعلامة رابعة. مما اثار حفيظة هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني والذين بادلوهم الهتافات المناهضة لحكم الإخوان والمطالبة بإعدام المتهمين قائلين "يسقط حكم المرشد". و"مرسي استبن ودلوقتي في السجن". و"إعدام.. إعدام". وحدثت مشادات حامية بينهما كادت تصل إلي حد التشابك بالأيدي. بمجرد ظهور الرئيس المعزول مرسي علي باب قفص الاتهام وقف باقي المتهمين بقيادة محمد البلتاجي وعصام العريان علي صفين وأفسحوا له الطريق وأعطوا له التحية العسكرية وظلوا يصفقون له تصفيقا حادا ورد عليهم المعزول التحية! بدأ مرسي مضطربا ومذهولا عندما دخل القفص وتوجه مباشرة إلي مقدمته وظل ينظر إلي الحضور باستغراب شديد محاولا إبداء تماسكه علي خلاف الحقيقة. أثارت البدلة التي كان يرتديها مرسي وقميصه الأبيض جدلا كبيرا بين الحضور حيث استغرب البعض من انه محبوس احتياطي علي ذمة القضية وحضر وكأنه رئيس الجمهورية كما يزعم في حين أن باقي المتهمين ارتدوا ملابس الحبس الاحتياطي. ويبدو أن الرئيس المعزول سيظل مثيرا للجدل في كل وقت حيث قام بعمل حركاته المعتادة لرفع بنطلون بدلته 4 مرات أثناء الجلسة ونظر في ساعته كثيرا وهو ما اثار استغرب الحضور. حالة من الهرج والمرج شهدتها الجلسة بسبب هتافات هيئة الدفاع عن المتهمين والتراشق بالألفاظ بينهم وبين المدعين بالحق المدني. ردد مرسي خلال الجلسة عبارة "أنا الرئيس الشرعي وما حدث انقلاب" 15 مرة وعبارة "لا أعترف بتلك المحاكمة" 8 مرات خلال مدة انعقاد المحاكمة. بدأ محمد البلتاجي وكأنه المتحدث باسم المتهمين حيث قاطع رئيس المحكمة 7 مرات وتزعم ترديد الهتافات المناهضة والمسيئة للقوات المسلحة. عندما شاهد فريق الدفاع عن المتهمين الرئيس المعزول ظلوا يهللون له ويهتفون فرد عليهم التحية بوضع يده فوق رأسه كعادته فأشاروا له بعلامة رابعة. حرب الأصابع كانت شرسة داخل الجلسة حيث رفع المحامون عن المتهمين "شارة رابعة" بالأصابع الأربعة بينما رد عليهم المدعون برفع اصبعين دليل علي علامة النصر. بعدما قام القاضي برفع الجلسة في المرة الأولي أسرع المتهمون إلي الرئيس المعزول وتبادلوا الأحضان والقبلات معه وقاموا بتقبيل رأسه وأخذ أحدهم يقبل يديه. رفع عدد من الحضور صور الشهيد الصحفي الحسيني أبوضيف وظلوا يرددون "يا حسين حقك جه.. الإعدام للسفاح". عندما هتف محامو الضحايا "إعدام.. إعدام" وقف البلتاجي ينظر لهم وابتسم بسخرية في مواجهة المتواجدين بقاعة المحاكمة.. وأشار لهم بعلامة رابعة ثم تركهم. رفض المتهمون جميعا الاجابة والرد علي رئيس المحكمة عندما واجههم بالاتهامات الواردة بأمر الإحالة. تقابل عدد من المحامين بقيادة سليم العوا مع مرسي أثناء رفع الجلسة وتحدثوا معه في أمور خاصة بإجراءات المحاكمة وطالبوه بالهدوء إلا أنه لم يستجب لهم وظل يتحدث محاولا إحداث حالة من الهرج والمرج داخل القاعة. استجابت المحكمة لطلبات الدفاع عن المتهمين واستقبلوا قرار المحكمة بصدر رحب خاصة وأن رئيس الدائرة قرر تمكين هيئة الدفاع من مقابلة المتهمين. رفع القاضي الجلسة مرتين نظرا لإخلال المتهمين وأنصارهم بنظام الجلسة ومحاولة افتعالهم لحالة من الفوضي بالمحاكمة. أصدر القاضي قراره بالتأجيل من داخل غرفة المداولة وأعلنه علي الحضور سكرتير الجلسة. حضر الجلسة عدد غفير من مندوبي الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعالمية الأمريكية والصينية واليابانية والاسبانية والروسية ومنهم الكاتب الصحفي البريطاني الشهير "روبرت فيسك".