إذا كانت السفيرة الأمريكية آن باترسون قد غادرت القاهرة نهائيًا مغضوبًا عليها من الرأي العام السياسي والشعبي في مصر لأنه رأي عدم حيادتها في نقلها لصورة الوضع بعد ثورة 30 يونيو.. فما هو قيمة اعترافها الآن بخطأ سياستها التي أدت إلي شبه قطيعة بين القاهرةوواشنطن؟! باترسون ذكرت في تقرير كتبته قبل رحيلها بأن الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق وإن كان قد نجح في انتخابات حرة ونزيهة لكنها اعترفت للمرة الأولي بوجود أخطاء أدت إلي ثورة المصريين عليه وعزله. وكنا نود أن يتضمن تقرير باترسون مجمل أو تفاصيل الأخطاء التي وقع فيها الدكتور مرسي والتي ترتب عليها ثورة المصريين ضده وترسلها إلي الإدارة الأمريكية ليعلم الأمريكان أن ثورة 30 يونيو لم تأت من فراغ.. وأن تكتب هذا التقرير وهي مازالت تباشر عملها كسفيرة لبلادها لا أن تكتبه بعد انتهاء مهمتها لأنه بذلك فقد قيمته وصلاحيته ولم يمنع إدارة الرئيس باراك أوباما من اتخاذ إجراءات ضد مصر وأهمها قطع جزء من المعونة العسكرية لها. تقرير باترسون كما نشرته الصحف ركز علي وضع مصر وأهميتها الاستراتيجية واعتبرت أنها دولة مهمة للغاية بالنسبة لمصالح الأمن القومي الأمريكي.. ونصحت الإدارة الأمريكية باستمرار دعمها لمصر وقدمت بعض نصائح تتعلق بتعامل واشنطن المستقبلي مع القاهرة في إطار تجربتها كسفيرة في مصر لمدة سنتين. وتضمنت هذه النصائح: * حث الحكومة المصرية علي المضي قدما نحو انتقال للسلطة يقوده مدني ولا يتم فيه إقصاء لأي فصيل. ويضمن الحقوق العالمية لكل المواطنين بمن فيهم المرأة والمسيحيون. * ان استمرار المساعدات العسكرية لمصر مصلحة وطنية أمريكية وضرورية لتحقيق وضمان الاستقرار في المنطقة. * لابد من مراجعة شاملة لسياسة أمريكا تجاه مصر وملفات العلاقات معها والمساعدات لها مع التركيز علي عدم قطع هذه المساعدات بشكل كامل. وإذا عدنا إلي نصائح باترسون فإن خارطة المستقبل التي تم إعلانها بعد عزل الدكتور محمد مرسي يتم تنفيذها بدقة وفي مواعيدها المحددة. وهي تؤدي في النهاية إلي وضع دستور يتفق عليه الجميع. وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة تحت إشراف دولي. ثم انتخاب رئيس جديد لمصر بحيث لا تتعدي كل هذه الخطوات منتصف العام القادم. كما أن المرأة ممثلة تمثيلا جيدا في لجنة الدستور والجميع مُصر علي احترام حقوقها كممثلة لنصف المجتمع.. أيضا جميع الطوائف المسيحية في مصر ممثلة في هذه اللجنة. وهم مواطنون مصريون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم من حقوق وواجبات. أما ما يتعلق باستمرار المساعدات العسكرية لمصر.. فهذا شأن أمريكا وعليها أن تراعي مصلحتها ومصالح مصر في نفس الوقت. والانحراف بالسياسة الأمريكية عن هذا الهدف ربما يكلف الكثير رغم حرص مصر علي مد جسور التواصل مع واشنطن حتي الآن. ما من شك أن جزءا من سبب التوتر في العلاقات المصرية الأمريكية يرجع إلي الأخطاء التي ارتكبتها آن باترسون وعدم نقلها للصورة الحقيقية عن ثورة 30 يونيو للإدارة الأمريكية. ولذلك فإن اعترافاتها ونصائحها التي جاءت في التقرير الذي كتبته بعد انتهاء عملها وعودتها إلي واشنطن جاءت بعد فوات الأوان وكمن يبكي علي اللبن المسكوب.