اختلف مستشارو الهيئات القضائية بين مؤيد ومعارض للفكرة التي طرحت علي لجنة الدستور بإلغاء ندب مستشاري الهيئات القضائية لأي هيئة حكومية أو وزارة ماعدا وزارة العدل. المؤيدون يؤكدون أن إلغاء الانتداب نهائياً لجميع الهيئات القضائية ضماناً لحياء القاضي والبعد عن الشبهات واستقلال رأي القاضي تماماً حتي لا يتنافي الندب مع مبدأ الفصل بين السلطات. أما المعارضون لفكرة ندب القاضي يؤكدون أنه علي حياد دائماً دون تأثير كان خارجي أو داخلي ولا يتأثر بأي شيء سواء تم ندبه من عدمه لأنه يحكم بالعدل. كان من بين المستشارين المؤيدين لإلغاء الندب نهائياً المستشار عبدالله قنديل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس نادي قضاة الهيئة الذي أكد أنه يجب إلغاء الانتداب لجميع الهيئات القضائية وسبق أن طرحت هذه الفكرة علي لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسي. وذلك لمصلحة الوطن والعدالة. لأن مصلحة الوطن تعلو كل المصالح وأن ندب القاضي يخل بحياده ونفس الأمر لعضو النيابة العامة ويجب أن يكون القاضي في تجرد وموضوعية دون مؤثر مهما كان لذا لابد من إلغاء الانتداب. أضاف أنه طالب بوضع هذه الفكرة كنص في الدستور الجديد. أحمد خليفة -نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وعضو مجلس إدارة نادي الهيئة- يؤيد أيضا إلغاء الندب.. ويقول: يجب أن يكون القاضي الذي يحكم بين الناس بعيداً عن الشبهات. لأن عمل القاضي الطبيعي لا يكون مستشاراً لجهة قانونية سواء لمحافظ أو وزير لأنهم أعضاء بالسلطة التنفيذية. وهذا أمر يتنافي مع مبدأ الفصل ما بين السلطات. ونحن نطالب بضرورة استقلال السلطة القضائية عن باقي السلطات.. أما طبيعة الندب تقضي أن يتواجد القاضي في مقر الجهة الإدارية التي يتبعها الندب ويأخذ رأيه القانوني ولا يملك الأخذ بالرأي من عدمه ويتنافي مع طبيعة عمل القاضي. فكيف يأخذ رأيه في دعوي أخذ فيها قرار وأفتي فيها ثم عاد إلي عمله الأصلي بالقضاء وجاءت أمامه هذه القضية فكيف يفصل فيها؟!. والمتبع في العالم كله أن المستشارون لا يعملون تبع أي جهة. واقترح كل هذه المشكلة أن ترسل الجهة الإدارية الفتوي مكتوبة وتحصل الوزارات علي الرأي. ويمكن في هذه الحالة الاستعانة بالمستشارين المتقاعدين للاستفادة من خبرتهم في هذا الصدد. المستشار سمير القماش -وكيل هيئة قضايا الدولة وعضو مجلس إدارة نادي مستشاري قضايا الدولة- يتفق أيضا مع الرأي الذي يقول إن القاضي للمنصة يتمتع بحيدة واستقلال. ولا ينبغي عندما يتولي الفصل في القضايا ألا يكون قد أبدي رأيه في الجهات المنتدب إليها وإلا يكون قد جمع بينها وبين جهة الإفتاء وجهة الحكم. لأن ذلك مخالفاً لجميع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية باعتباره يصبح خصماً وحكماً في ذات الوقت لجهتين.. فمثلاً إذا كان المستشار في احدي الوزارات وتم فصل أحد العمال وتم إلغاء الانتداب وعاد للمنصة وجاء هذا العامل أمامه فكيف يحكم بالصواب والعقاب؟! أكد المستشار أحمد سلطان -رئيس محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية الأسبق ومحافظ دمياط الأسبق- هذا المطلب بإلغاء انتداب المستشارين.. وقال إن هذا ليس بجديد وإنما كان منذ أيام المستشار مدحت المراغي رئيس محكمة النقض الأسبق الذي كان يرفض انتداب القضاة لأي وزارة أو هيئة حكومية حتي لا يكون هناك شك في نزاهة القاضي ودرءاً لحدود الشبهات وحتي يكون القاضي بثوبه الأبيض وحتي لا يعرض القاضي بعد رجوعه من الندب للطعن علي أحكامه ويجب علي الدولة رفع راتب القاضي حتي لا يندب في أي جهة إدارية بالدولة ويكون عمله خالصاً لوجه الله. أما المستشار مصطفي جاويش -رئيس محكمة جنايات القاهرة وأمن الدولة العليا- يؤيد ندب القاضي.. مؤكداً أنه لا شيء يؤثر علي الحيادية. لأن القاضي يحكم بالعدل في أي موضع هو فيه أو أي مكان. والانتداب لا يؤثر عليه مطلقاً حتي يستفيد من خبراته. ومتي تم ندبه يكون مستشاراً قانونياً وحينما يعود إلي مكانه يكون قاض عادل لا يؤثر فيه شيء. أما أثاره أعضاء النيابة الإدارية يخصهم وشأنهم. المستشار غبريال عبدالملاك -رئيس مجلس الدولة السابق- يؤيد فكرة الندب.. حيث يعمل المستشارون بالرأي القانوني بالوزارة أو الهيئات فهي التي تطلب المستشارين وتحتاج إليهم كخبرة قانونية في اتخاذ القرار والتصرف السليم.. فمثلاً بعد صدور الأحكام يتخذ رأي قضايا الدولة ولا ينفذ أي حكم إلا بعلمهم أو الطعن علي الحكم إلا من خلالهم والاستشارة حول كيف يتم الطعن والتنفيذ حتي يكون الموقف واضح. يقول المستشار أحمد الفقي -نائب مجلس الدولة للتفتيش القضائي- إنه يجب ألا يأتي التنظيم الداخلي للهيئات القضائية في الدستور وإنما هو من القوانين المنظمة لشئون الهيئات القضائية خاص بعملها الداخلي لأن الدستور يتضمن قواعد عامة مجردة. فإذا تم إلغاء الانتداب فإن هذا يطبق علي الجميع مثل أساتذة الجامعات وغيرهم. وهذا يخضع لتنظيم العمل الداخلي في كل مكان. حيث يجب علي الدستور أن يتضمن الإطار العام بالسلطة القضائية دون التطرق لتفضيلات يكون محلها القوانين التي تصدر لتنظيم شئون هذه الفئات. وهناك أمور كثيرة قد تؤثر في حياد القاضي مثل العمل السياسي أو إبداء رأي أو تعليق بموضوع سياسي أو عام قد يؤثر في الحياد والظهور في وسائل إعلام والوجود في اجتماع حزبي كل هذا يؤثر علي حياد القاضي. وكل ذلك لا يحرسه الدستور إنما التنظيم الشامل لقانون الهيئات القضائية الذي بداخله جميع المحظورات التي قد تؤثر في عمل القاضي وحيادته.