خبراء القانون: إلغاء الانتداب يضمن حياد القاضي.. ويحقق استقلال العدالة البدائل: الاستعانة بخبرة القضاة المتقاعدين.. وأساتذة كليات الحقوق ودعم الإدارات القانونية في المؤسسات الأزمات لم تنته أمام تأسيسية الدستور، أبرزها قضية انتداب القضاة للعمل في الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها بالإضافة إلي عملهم الأصلي فوق منصة القضاء! هناك جدل دائر الآن في أروقة اللجنة المختصة بسبب المطالبة بإلغاء الانتداب.. حيث يري أغلب فقهاء القانون انه بمثابة خلط سافر ما بين السلطة التنفيذية والقضائية.. بل وأطلقوا عليه »البوابة الخلفية للفساد«، وأصروا علي ضرورة تصحيح الخطأ.. وألا يجمع القاضي بين المنصة والانتداب! هذا بينما تري أطراف أخري ان في استمراره مصالح للدولة! فماذا يقول الجميع.. وماذا يطرحون من بدائل لإلغاء الانتداب؟! يشرح القضية المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق ويقول: إن قانون السلطة القضائية حدد نوعين من الانتداب الأول خارجي كانتداب القاضي إلي مجلس الشعب أو مجلس الوزراء أو كمستشار قانوني ببنك أو هيئة من الهيئات وذلك يمثل اختلاطا واضحا مع السلطة التنفيذية وسبق وطالبنا بإلغائه في مؤتمر العدالة الأول عام 6891 كما تقدمت في فترة رئاستي لنادي القضاة بطلب لتعديل هذا القانون عام 3002 دون جدوي! أما النوع الثاني فهو الندب الداخلي أي داخل شئون القضاء والعدالة كانتداب القاضي إلي ديوان وزارة العدل أو التفتيش القضائي أو إلي أي من المكاتب الفنية كالطب الشرعي وغيره، وهذا الندب ضرورة ولكن لابد من تقنينه بحيث يكون مرة واحدة طوال فترة الخدمة وألا يتعدي الثلاث سنوات حتي لا يبتعد القاضي فترة طويلة عن عمله الأساسي علي المنصة. الإعارة إلي الخارج ويستكمل المستشار زكريا ان الإعارة للخارج تعد أيضا نوعا من أنواع انتداب القضاة ويجب تقنينها علي أن تكون مرة واحدة طوال فترة الخدمة ليترك لغيره فرصة الإعارة وأن تكون محددة المدة حتي لا يدين هذا القاضي بالولاء أو يقدم التنازلات طمعا في الإعارة مرة ثانية كما يجب أن يشترط القانون مساواة القاضي المعار من الناحية المادية والامتيازية مع القاضي من أبناء الدولة المعار إليها حيث ان بعض الدول التي تطلب انتداب القضاة لديها تشترط تخفيض المستوي الوظيفي درجتين عن الدرجة التي وصل إليها وهذا يمثل ضررا كبيرا بالقضاة المعارين للخارج. البدائل كثيرة للندب ويري المستشار زكريا ان الغاء الانتداب يتطلب وضع بدائل أمام الوزارات والهيئات الحكومية التي طالب بعضها بمنع إلغاء الندب لأن ذلك يؤدي إلي ارتباك العمل بداخلها.. ومن الممكن الاستعانة بأعضاء هيئة قضايا الدولة أو النيابة الإدارية إذا لزم الأمر كذلك من الممكن الاستعانة بأساتذة كليات الحقوق والمحامين لأن قانونهم ينص علي ذلك. علاقات شخصية ووساطة ويؤيده في الرأي المستشار أسامة محرم نائب رئيس مجلس الدولة قائلا انه بالرغم من انتدابه وتقاضيه مكافأة مجزية من الجهة المنتدب إليها إلا انه من أنصار إلغاء انتداب القضاة وضرورة النص علي ذلك دستوريا لأن أثاره السلبية انعكست بقوة علي ساحة القضاء متمثلة في عدم المساواة بين القضاة حيث ان 02٪ يتم انتدابهم وفقا لمعايير شخصية وجهود ذاتية للوساطة وغيرها. يؤدي الانتداب إلي عدم طمأنينة المتقاضي لأنه يجد القاضي منتدبا في الوزارة التي يقاضيها ثم يجده بعد ذلك علي المنصة يحكم في نفس الشأن، أيضا طوال الانتداب يقوم القاضي بأعمال السلطة التنفيذية. دعم الإدارات القانونية ويري محرم أن البديل لهذا الإلغاء أن تقوم إدارات الشئون القانونية في المحافظات والهيئات بعملها بقوة بعد أن ترتب علي إجراء الندب إضعاف هذه الإدارات علي مدار سنوات طويلة كذلك يتمثل البديل المساعد لها في الاستعانة بأقسام الفتوي في مجلس الدولة وتمتلك كفاءات علي أعلي مستوي وبدون مقابل.. ولا مانع من الاستعانة أيضا بخبرات القضاة المتقاعدين بشرط أن يكون بعد مرور 3 سنوات علي الأقل حتي لا يقيم علاقات قبل تقاعده مع أي من الجهات الإدارية سعيا وراء ذلك. ازدواجية وخصم وحكم من ناحية أخري يوضح د. حسين حنفي وكيل كلية الحقوق جامعة المنوفية أن الانتداب يساعد في عملية بطء التقاضي حيث أننا نعاني من نقص في أعداد أعضاء الهيئات القضائية وبالتالي في عدد القضايا المفصول فيها فكيف نشغل القضاة بأمور أخري ونلقي علي عاتقهم أعباء من الممكن ان يتم إنجازها بواسطة غيرهم كذلك فإن الندب يجعل هناك ازدواجية تتمثل في أن القاضي يفصل علي المنصة في قضايا الجهة التي ينتدب إليها وبالتالي فهو خصم وحكم. الانتداب ضرورة لكن المستشار محمد عبدالسلام عضو الصياغة النهائية في اللجنة التأسيسية للدستور يري ان انتداب القضاة يتم بناء علي طلب من الجهات الإدارية بما يعني انهم لا يسعون للوصول إليها كما ان علاقة القاضي بالجهة ليست علاقة وظيفية بل هي تعاقدية حيث يظل تابعا لجهته الأصلية طوال فترة الانتداب وهي التي تكون رقيبة علي سلوكه، كذلك فإن نظام الانتداب يتيح الاستفادة بخبرات القضاة والتي تأتي من احتكاكهم بنزاعات الإدارة ووقوفهم علي اللوائح والقوانين وهذا من شأنه حماية هذه الجهات من عدم مشروعية تصرفاتها ويساعد علي إعلاء مبدأ الشرعية، كما انه يقلل من حالات اللجوء للقضاء في حالات النزاع بين الجهات والموظفين أو الأفراد. قانون منظم وضوابط ويوضح ان الأصوات التي تطالب بإلغاء نظام الانتداب يفترض فيها حسن النية والرغبة في الوصول إلي الاستقلال التام للقضاء إلا أن الأمر لا يتطلب إلغاءه كليا منعا لارتباك العمل بالهيئات الحكومية بل أن يتم وضع قوانين وضوابط صارمة تضمن استقلال القضاء دون الإلغاء.. ويؤكد عدالسلام ان القاضي يبدي رأيه في جهة الانتداب بما يتفق وصحيح القانون بغض النظر عن رأي هذه الجهة بل ان كثيرا منهم أصدروا أحكاما علي الجهات الإدارية التابعين لها. ويؤيده في الرأي المستشار جمال القيسوني رئيس محكمة جنايات القاهرة، ويضيف ان الاستعانة بالقضاة المتقاعدين قد يمثل حلا لهذه الأزمة حتي يتم تدريجيا إلغاء الانتداب.. من جهة ويحقق الاستفادة الكاملة من خبرات هؤلاء القضاة واستغلال فراغهم من جهة أخري ويجب جعل قراراتهم في هذه الحالة ملزمة وليست توصيات أو استشارات غير واجبة التنفيذ.