تكررت جرائم البلطجة في المستشفيات العامة ووصلت إلي حد التعدي بالأسلحة البيضاء علي الأطباء واطقم التمريض والمرضي.. وتدمير الأجهزة الطبية الموجودة. حدث ذلك وسط غياب أمني صارخ.. مما دفع وزير الصحة إلي إغلاق أقسام الطوارئ في هذا المستشفيات حتي يتم توفير الحماية اللازمة للعاملين والمرضي. *** في بدايات الثورة.. وبالتحديد يوم 28 يناير حدث انفلات أمني غير مفهوم وغير مبرر نتج عنه اقتحام وحرق السجون والأقسام في وقت واحد وسرقة السلاح واطلاق سراح المساجين والمحتجزين. واقتحام ونهب وحرق المولات والفنادق والمتحف المصري. ومهاجمة المنازل في العديد من المناطق.. ناهيك عن جرائم السرقة بالإكراه والخطف بالشوارع.. وكلنا تابعنا ذلك بأسي. لم يتوقف البلطجية عند هذا الحد.. بل وصل إجرامهم أيضا إلي حد محاولة اقتحام وسرقة قصر العيني ومستشفي سرطان الأطفال. ومنذ هذا اليوم.. لم تتوقف حوادث البلطجة في المستشفيات.. وان اختلفت الأسباب والدوافع. *** في الأسابيع القليلة الماضية وبعد الإعلان عن انتشار الشرطة من جديد.. تعرضت مستشفيات الدمرداش وأم المصريين وبولاق الدكرور وأحمد ماهر وغيرها إلي حوادث بلطجة مروعة هزت مشاعر ووجدان الناس دون ان نجد رجال شرطة تحمي هذه المنشآت والعاملين فيها والمرضي. وأمس الأول.. وقع حادثان متزامنان: * الأول في قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفي المطرية التعليمي بسبب وفاة مصاب في مشاجرة حيث اندفع أهله حاملين الأسلحة البيضاء وضربوا غريمهم أثناء خضوعه للعلاج.. ثم تعدوا علي الأطباء والممرضات وحطموا الأجهزة.. وكانت النتيجة إغلاق قسم الطوارئ لحين وصول قوة تأمين لحماية المستشفي. * الثاني كان في مستشفي رأس سدر العام بسيناء بسبب وفاة شاب دخل المستشفي مصابا بكسر في قاع الجمجمة ونزيف داخلي بعد انقلابه بدراجته البخارية.. ونظرا لحالته الحرجة ونقص امكانات المستشفي تقرر نقله بسيارة مجهزة إلي مستشفي الإسماعيلية لكنه توفي.. فما كان من أهله وهم من البدو إلا أن اقتحموا المستشفي بالسنج والمطاوي في ثورة عارمة وضربوا الأطباء وحطموا النوافذ والأبواب والأجهزة الطبية واحدثوا حالة من الفزع الشديد وقد أحسن الأطباء صنعا عندما هربوا المرضي من الأبواب الخلفية خوفا علي حياتهم. *** هذه الحوادث بلطجة مرفوضة ولابد من محاسبة مرتكبيها بشدة وحسم حتي لا تصبح مرضا يصعب علاجه أو حالة ميئوسا منها. نحن جميعا نقدر الحالة النفسية والمزاجية التي يكون عليها أهل مصاب توفي.. لأن فقد الأحبة أمر صعب. لكن.. ما ذنب المستشفي وأجهزته لكي تتحطم؟ وما ذنب المرضي في أن يتعرضوا لفزع قد يودي بحياة بعضهم؟ هل هذا المستشفي أو ذاك هو الذي "قبض" روح المصاب؟ ألم يفكر المعتدون في أن تلك المستشفيات اقيمت من أموالنا وأموالهم لعلاجنا وعلاجهم وأن أي تخريب فيها سنضطر جميعا - نحن وهم - إلي إعادة الشيء إلي اصله من جديد علي نفقتنا؟ في كل مستشفي نوعان من اللافتات المميزة الأول يحظر التدخين والثاني يطالب بالهدوء لراحة المرضي. فهل أعمال البلطجة تتفق مع النوع الثاني من هذه اللافتات؟ *** اننا فعلا أمام مشكلة كبيرة.. لأن تكرار مثل هذه الحوادث يجعلها أمرا عاديا.. وستصبح في يوم من الأيام - إذا استمرت بلا رادع - من طبائع الأشياء وهذا أمر مرفوض وخطير. فرق كبير.. وكبير جدا.. بين أن يغضب أو يحزن الإنسان وان يتحول غضبه أو حزنه إلي آلة مدمرة تطيح بكل من يقابلها وتفرمه بين تروسها. المفروض ألا نترك مثل هذه المنشآت المهمة عرضة لتقلب الأمزجة وللانفعالات المتباينة والشطط غير المعقول ..و.. والبلطجة. يجب أن تؤدي الشرطة دورها المنوطة به في حماية الشعب بصفة عامة.. والمستشفيات ودور العلم والمنشآت العامة بصفة خاصة. للأسف.. مازال البعض يفهم الثورة خطأ ويعتبر أن الحرية التي حارب من أجلها الثوار وضحوا بأرواحهم لتحقيقها تتيح له ان ينفلت ويتطاول ويعتدي.. ويبلطج علي خلق الله. الثورة ياسادة - إن كنتم فعلا سادة - التزام وعطاء وحرية مسئولة.. وليست ابدا تطاولا وانفلاتا واعتداء وبلطجة. البعض يصر علي الإساءة للثورة بأساليب شتي.. وما ذكرته آنفا أحد هذه الأساليب. ونحن في انتظار ان يطبق علي هؤلاء قانون البلطجة.. لمحاسبتهم علي ما ارتكبوه.. ولردع كل من تسول له نفسه تقليدهم.