رغم أن أطفالنا هم عماد المستقبل إلا أنهم مساكين ينتظرهم الفقر وهم أجنة في بطون أمهاتهم بأغذية عديمة الفائدة ثم نقدم لهم بأيدينا وهم صغار أطعمة تضرهم ثم نتركهم وهم فريسة للأكلات السريعة التي تقضي عليهم وتعمل علي إيقاف نموهم. لكن ما باليد حيلة فالفقر يؤدي إلي الضعف العام وبالتالي إلي التقزم هذا ما حذرت منه منظمة الأغذية والزراعة العالمية وفقا لاحصائياتها حيث يوجد 13.7 مليون مصري يعانون من نقص الغذاء "الانيميا" نتيجة لنقص المصادر الغذائية في الوجبات مثل الحديد والبروتينات فيما يوجد 38% من سكان مصر يعانون بالفعل من التقزم المرتبط بسوء التغذية. سوء التغذية والفقر يرجع حصول الناس علي ما يكفيهم من الطعام السليم ليكونوا أصحاء 100% ولأهمية هذا الموضوع قمنا بسؤال الخبراء عن أسباب ظاهرة تقزم الاطفال وكيفية علاجها والوقاية منها. أكد الخبراء أن هناك عادات وتقاليد غذائية سيئة أثناء فترة الحمل والرضاعة تساعد علي التقزم إلي جانب تدني مستوي التعليم والفقر الذي يعتبر العدو الأول لصحة المواطنين بصفة عامة ولأطفالنا بصفة خاصة لانه يحرمهم من الحصول علي العناصر الكاملة في وجباتهم الغذائية وبالتالي يؤثر علي الصحة العامة. أشاروا إلي أن للإعلام تأثيرا سلبيا يساعد علي سوء التغذية لأنه يوجه الاطفال إلي الوجبات السريعة "الفاست فوود" والتي تعتبر عاملا مساعدا علي سوء التغذية لما تحتويه من نسب دهون وخالية من البروتينات اللازمة لنمو الاطفال. في البداية يقول د.سمير موسي أستاذ طب الاطفال وطب الأسرة بمستشفي دار الفؤاد: توجد ثلاث حالات لمرض التقزم لدي الاطفال الأولي أن يكون التقزم وراثيا جينيا والثاني يسمي بتقزم الغدد الصماء ويأتي هذا النوع لقلة إفراز غدد معينة من الجسم مما يسبب التقزم والحالة الثالثة سوء النمو الناتجة عن سوء التغذية بمعني أننا من المفترض ان يكون لدنيا جداول لكل طفل عند سن معينة مدون به الطول والوزن بما يتوافق مع السن. مشيرا إلي أن هناك عوامل غذائية تؤثر علي نمو الطفل أولها كميذة البروتينات والكربوهيدرات ومعدل الأملاح والفيتامينات حيث إن الجسم يمتص الطعام ويعمل له تمثيل غذائي فلابد أن يكون حجم الجسم مناسبا لعمر الطفل فإذا انخفض عنصر واحد من هذه العوامل ينتج عنه طفل سييء النمو. أضاف أيضا أن هناك مشاكل تحدث بسبب سوء التغذية الذي ينتج عنها التقزم عند الاطفال فهناك بشر يعيشون تحت خط الفقر ليس لديهم الإمكانيات لإعداد أطفالهم بالبروتينات والعناصر الغذائية. أيضا استيراد اطعمة من خارج البلاد يساعد ايضا في التأثير علي النمو وينتج عنه سوء التغذية ضمن شعب استهلاكي بالدرجة الأولي والإعلام له تأثير سلبي علي انتشار سوء التغذية عند الاطفال وللأسف الاطفال يعتمدون عليها بشكل كبير وأيضا الاعتماد علي تناول النشويات بشكل كبير ونقص الأملاح والمعادن من نوعية الأغذية المقدمة للطفل تسبب الكثير من الأمراض مثل الانيميا. في اعتقادي أن اكثر من 20 مليون مصري مصابون بسوء التغذية لاننا ليس لدينا ثقافة الحفاظ علي الصحة العامة لكي يكون لدينا أطفال أصحاء 100%. أضاف أيضا أن الزيادة في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لم تحدث فجأة فمصر تتعرض منذ سنوات إلي أوبئة مثل انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير. .ليلي عبدالمطلب استاذ طب الاطفال والتمثيل الغذائي بجامعة القاهرة تقول: نتائج عام 2011 و2012 حول سوء التغذية تشير إلي ارتفاع كبير في معدل الإصابة بحالات سوء التغذية الحاد والاصابة بالانيميا لدي الاطفال دون سن الخامسة فهناك 64% من الاطفال يعانون انخفاضا من الوزن و54% يعانون من التقزم وفقا لبرنامج الاغذية العالمي والجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء. أضافت أن سوء التغذية بمعناه هو تدهور الصحة الناتج عن نقص أو زيادة الوزن أو عدم توازن العناصر الغذائية والمعادن في الجسم فهذا المرض يتعرض له الاطفال بصورة مخيفة ثم الحوامل والمسنين. تضيف: هناك عوامل أخري ساهمت في ارتفاع معدل سوء التغذية مثل شيوع الأمراض المعدية والفقر وتدني مستوي التعليم والمستوي الردئ لصحة البيئة وإتباع المصريين عادات وتقاليد سيئة في الطعام اثناء فترتي الحمل والرضاعة مما يتيح عواقب وخيمة علي صحة الطفل مثل انخفاض متوسط العمر المتوقع للأفراد وارتفاع الوفيات بين الاطفال. تؤكد د.ليلي أن الاصابة بالتقزم قد يحدث عندما يكون هناك نقص في هرمون النمو أثناء فترة الطفولة الذي يتم إفرازه بواسطة الغدة النخامية وهذا الهرمون وظيفته التحكم في عملية التمثيل الغذائي خاصة البروتين وهذا يمكن علاجه في فترة الصغر ونسبة النجاح تكون كبيرة. د.فريدة الباز أستاذ طب الأطفال جامعة عين شمس تقول: إن التقزم أو قصر القامة الحاد معناه أن يكون طول الشخص يقل بصورة حادة عن باقي أقرانه في العمر أو الجنس وطبقاً لنتائج ودراسات تبين أن الأقزام علي مستوي العالم بلغ 200 ألف وفي مصر 70 ألف نسمة أي يمثل حوالي 38% من أقزام العالم وهي نسبة مزعجة تدق ناقوس الخطر. أكدت الدراسات أيضاً أن ظاهرة التقزم الغذائي بلغت بين الأطفال حتي الآن 24% وتزداد بالمناطق الريفية إلي 26% ويرجع هذا إلي تغيير الأنماط الغذائية والاعتماد علي الوجبات السريعة وتجاهل الرضاعة الطبيعية وراء التدهور الشديد للأوضاع الصحية كما أن الاضطرابات الوراثية تعد أبرز عوامل الإصابة التي لها علاقة بجين أوكروموسوم معين أو تعرض الأم الإصابة ببعض الأمراض خلال فترة الحمل كالحصبة أو تسمم الحمل مع ضعف التغذية أثناء الحمل السييء تؤدي إلي إنجاب مولود صغير الحجم يعاني من مشكلة قصر القامة وكذلك التشوهات العظيمة الوراثية التي تؤثر علي النمو الطبيعي للعظام والغضاريف ولكن قصر القامة لا تكون حادة جداً في هذا النوع. د.وهيب عبدالمهيمن أستاذ طب الأطفال بجامعة الإسكندرية يقول: يمكن إخضاع نمو الطفل لمراقبة مستمرة من الطبيب المختص من أجل التأكد من أن نموه يسير في منحني سليم ويتناسب مع متطلبات النمو السليمة أما إذا تبين أن نموه غير طبيعي ويعاني اضطرابات فإن التدخل الطبي المبكر جزء هام جداً رغم التكلفة المرتفعة لهذه العلاجات خاصة في مراحل الطفل الأولي. أشار إلي أن قصر القامة عند الأطفال أحد الأعراض أو جزء من أعراض المرض حيث يختلف سبب قصر القامة طبقاً لاختلاف نوعية المرض مثل المواليد الذين يعانون من أمراض القلب الوراثية يصاحبها قصر القامة وكذلك بعض أمراض الجهاز الهضمي مثل النزلات المعوية المزمنة وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض احكلي وأمراض الجهاز العصبي ونقص الفيتامينات وسوء التغذية. د.مجدي نزيه أستاذ ورئيس قسم التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية يقول: ارتفعت نسب الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في مصر بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية ذلك وفقاً لما أعده برنامج الأغذية العالمي والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حيث إن 15% من السكان انضموا إلي شريحة الفقراء من عام 2009 حتي 2011 وأظهرت البيانات أن معدلات سوء التغذية الذي ارتبط به مرض التقزم بين الأطفال ارتفعت بصورة ملحوظة. كما أن ما يزيد علي نصف الأطفال دون الخامسة يعانون من فقر الدم "الأنيميا" حيث إن انتشارها يرجع إلي نقص المصادر الغذائية الفنية بالحديد في الوجبات الغذائية كما أن هناك علاقة بين الأنيميا وانخفاض نسبة الذكاء.