د.رتيبة الحفني .. رحلة عطاء

د.رتيبة الحفني رحلة عطاء ونموذج مشرف للمرأة المصرية. عشقت الموسيقي ووهبتها حياتها. وسجلت أسطر من النور في النشاط الموسيقي في كل البلاد العربية. لم يقف السن أو الظروف عائقاً أمام العمل الجاد والابتكار والبناء. فمنذ توفي والدها محمود الحفني. أكملت طريقه. حيث ألفت العديد من الكتب. وأسست كورال أطفال "العسيرات" كما أسست فرقة أم كلثوم بقيادة المايسترو حسين جنيد أثناء توليها لمنصب عميدة معهد الموسيقي العربية وأسست مهرجان الموسيقي العربية عام 1992 بدار الأوبرا المصرية التي كانت رئيسة لها لمدة سنتين والذي كان آخر ظهور لها فيه الدورة الماضية في شهر نوفمبر 2012 والتي أشرفت عليها بالكامل.
كما أنها أسست أيضاً مهرجان الموسيقي العربية في الإسكندرية.
رتيبة الحفني كانت أيضاً فنانة أوبرالية من طبقة السوبرانو الغنائية تلقت تعليمها في ألمانيا وشاركت في بطولة أوبريت "الأرملة الطروف" في الستينيات. ثم أتيح لنا مشاهدتها في بطولة أوبرات عايدة ولاترا فياتا.. وإذا كان لها دور كبير في مجال الفن فهي دورها التربوي كان عظيماً. حيث تتلمذ علي يديها معظم أساتذة الموسيقي في المعاهد والكليات الموسيقية وأشرفت وشاركت في مناقشة عدد كبير جداً من رسائل الماجستير والدكتوراة. كما أنها أشرفت علي تأسيس ووضع البرامج التعليمية لكثير من المعاهد العلمية بالدول العربية من أشهرها معهد الموسيقي بدولة الكويت. كما كانت عضو تحكيم دائما في جميع المسابقات الموسيقية والغنائية الخاصة بالموسيقي العربية في مصر والعالم. وقد ساعدت في اكتشاف مواهب الكثير من العازفين والمطربين والقادة منهم علي سبيل المثال المايسترو سليم سحاب والفنان نصير شمة وعازف الكمان جهاد عقل والمطربين لطفي بوشناق وصابر الرباعي وصفوان بهلوان وأصالة.. وغيرهم.. كما كان لها دور بارز في مركز تنمية المواهب في الأوبرا. الذي أشرفت عليه لفترة طويلة. تعاونت فيه مع تلميذتها النجيبة الدكتورة نادية عبدالعزيز. كما أسست مركز الحفني للموسيقي الذي تتبعه مجموعة الحفني الموسيقية. وأهدت مكتبة والدها لدار الأوبرا الجديدة. كما شغلت منصب رئيس المجمع الموسيقي التابع لجامعة الدول العربية.
د.رتيبة الحفني حصلت عام 2004 علي جائزة الدولة التقديرية.. ولم تكن هذه جائزتها الوحيدة. بل تم تكريمها في جميع المحافل العلمية. ومنذ ربع قرن وهي أحد أعلام هذه الصفحة المتخصصة نتتبع أخبارها سواء كنجمة أوبرالية أو بحكم مناصبها. أو كخبيرة متخصصة في الموسيقي العربية. ورتيبة الحفني لها سحر علي المستوي الإنساني من الصعب أن تهرب منه. وأتذكر آخر حديث للي معها وكان في مكتبها حيث قالت ما معناه: مرت السنون. ومازال لدي الكثير من الأفكار والقدرة علي العطاء الذي يحتاج لعمر ثان..
رحم الله رتيبة الحفني.. النموذج النادر للمرأة المصرية.. وأسكنها الله فسيح جناته. والصبر لبناتها.. وأحفادها وتلاميذها في كل بقاع الأرض.