في دنيا العاملين بالسياحة حكايات وقصص يندي لها الجبين وتقشعر لها الأبدان. فما بين مواطن طلق زوجته وشرد أطفاله وآخر باع حليها ومصاغها وأرضه وثالث غادر البلاد بهجرة غير شرعية ورابع بات جوعاناً لا يجد ما يأكله تعددت الروايات بل قل الأساطير بين مواطنين أقصريين بسطاء انقطع مورد رزقهم الوحيد وأصبحوا فجأة فقراء يتحسسون أي فرصة عمل بعدما كانوا أغنياء لا يجدون مكاناً لوضع نقودهم من وفرتها. إنه عالم السياحة الذي تدحدر تماماً وأوشك علي الانهيار من بعد ثورة 25 من يناير ومن تبعها من أحداث أثرت بشكل كبير جداً علي المجال مما أدي إلي تسريح آلاف العمالة داخل الشركات السياحية والفنادق الكبيرة والصغيرة والمطاعم والبازارات بالإضافة إلي العمالة المرتبطة بها كسائقي الحنطور وأصحاب المراكب واللنشات وبائعي العاديات السياحية والعمالة الصغيرة وغيرها. في البداية يؤكد نقيب سائقي الحنطور بالأقصر حسن أبوالجود أنهم الفئة الأكثر تضرراً من تدهور السياحة فلا يوجد لهم مورد رزق آخر سوي الحنطور وغير مؤمن عليهم ويعانون أشد المعاناة في سبيل لقمة العيش لدرجة أن البعض اضطر لبيع سيارة الحنطور أو الخيل التي تجرها وبالتالي انقطع مصدر رزقه وأصبح بلا عمل. أضاف أنهم لا يحملون مؤهلات وليس لديهم شهادات تؤهلهم للحصول علي فرصة عمل. فأقصي ما يملكونه هو الحصان الذي تخلي عنه البعض واضطر لبيعه بعد غلاء أسعار العلف والطعام. حيث وصل سعر "الطقة" أي الوجبة من الحشيش أو البرسيم إلي 15جنيهاً فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف التي تجاوزت ال 50 جنيهاً. متسائلاً إذا لم نجد طعام الحصان فكيف سنطعم أنفسنا؟! وأشار إلي أن السياحة انتهت تماماً ولا يعلمون إذا كانت ستعود مرة أخري كسابق عهدها أو لا خاصة في ظل الحرب علي الإرهاب التي لم تنته حتي الآن. يقول والحسرة علي وجهه "راحت السياحة وراح زمانها" فالمدينة التي كان يغلب عليها توافد الآلاف من السائحين بصورة يومية بشكل لم يكن موجودا في أية مدينة مصرية أخري. توقفت فيها حركة التوافد السياحي بصورة شبه كاملة. وتمر بحالة احتضار منذ أحداث ثورة 25يناير. شكا محمود شبيب مرشد سياحي من تدهو الحال بالمحافظة بعد تشريد آلاف العاملين بالقطاع السياحي من أبنائها ونزوح بعضهم إلي شرم الشيخ والغردقة للعمل بها بعد انهيار مستوي نسب الاشغال الذي وصل إلي 2% لافتاً. إلا أن معظم الفنادق سرحت نصف العمالة والبعض الآخر اضطر إلي تقليض المرتبات وخفضها إلي أقل من النصف. مشيراً إلي أن زميله "محمد . ع" كان يعمل بوظيفة "ويتر" بأحد الفنادق وعقب الثورة قام مدير الفندق بتسريح عدد كبير من العمالة كان هو أحدهم وهو الآن يجلس في المنزل بلا عمل ويمر بظروف نفسية سيئة للغاية لدرجة أنه فكر في الانتحار بعد أن ضاقت به الدنيا ولم يجد مصروف جيبه. ويروي صالح سلام "عامل باحدي المراكب السياحية حكايته بألم وحسرة بعد أن أصبح بلا عمل قائلاً وعقب ثورة يناير وما تبعها من أحداث تراجعت السياحة بشكل ملحوظ جداً وتم تسريح العديد من العمالة في كافة القطاعات والأقسام. منهم من كان يعمل بالحكومة وأخذ اجازة بدون مرتب وعاد إليها ومنهم من اتجه إلي شرم الشيخ والغردقة عن طريق معارفه وأصدقائه ومنهم من جلس في المنزل بلا عمل وأصبح المقهي طريقه الوحيد وأنفق ما تبقي معه من أموال وأصبح "ع الحديدة". أوضح حجاج محمود خليل "35سنة" أحد العاملين بالقطاع السياحي بالمحافظة. والذي تسببت حالة الركود السياحي في تركة للباخرة السياحية التي كان يعمل عليها بين مدينة أسوانوالأقصر إنه كان يعمل في باخرة سياحية منذ إكماله لتعليمه الثانوي. حيث تمكن من الزواج وبناء منزله من عمله بالمجال السياحي. مؤكداً أنه بعد التراجع السياحي عقب ثورة 25يناير. قامت إدارة الباخرة السياحية بتسريحه من العمل. ليجد نفسه بعد 16عاماً من العمال بالمجال السياحي بدون عمل. ولديه أسرة مكونة من ثلاثة أفراد. اضطره إلي شراء "توك توك" بالإيجار ليقوم من خلاله ببيع اسطوانات البوتاجاز. حتي يتمكن من الانفاق علي أسرته. قصة مشابهة تكررت مع سيد حسين "49سنة" والذي عمل أكثر من سبع سنوات بأحد الفنادق الكبري بمدينة الأقصر. وقامت إدارة الفندق بإنهاء عقده بسبب انخفاض حركة التوافد السياحي. والتراجع الكبير في عدد السياح القادمين إلي المحافظة. مما اضطره إلي العمل ببيع أكواب من الزجاج للمارة في الشوارع. لكي يتمكن من سداد احتياجات زوجته وأولاده الأربعة. بعد أن فشل في الحصول علي أي فرصة عمل بالمدينة السياحية. أما المحافظ اللواء طارق سعدالدين فشدد علي ضرورة عودة السياحة لسابق معدلاتها حتي يتم التخلص من المشاكل الملحة وتحقيق تنمية حقيقية علي أرض المحافظة مشيراً إلي أن مشكلة السياحة مشكلة أساسية تتفرع منها العديد من المشكلات منها مشكلة المستثمرين وأصحاب الفنادق والبازارات والمرشدين السياحيين وسائقي التاكسي والحنطور وطالب بوضع خطة للترويج للأقصر بشكل صحيح لافتاً إلي أن أول خطوة في تنفيذ الخطة لقاء السفير الإيطالي بمصر وتوضيح الأوضاع في الأقصر وبعدها عن أعمال العنف وأنها خارج حظر التجول وسيتم لقاء كافة سفراء الدول الأوروبية في مصر حتي يكونوا من أهم العناصر المؤثرة في حكومات بلادهم لرفع الحظر عن رعاياهم من زيارة الأماكن السياحية وخاصة الأقصر.