"علي أرضها اتمختر يااسطي دول مبسوطين آخر بسطة ولف بينا أجمل مدينة" كوبليه من أغنية شهيرة للفنان الراحل محمد العزبي غناها أثناء استقلاله لإحدي عربات الحنطور التي تشتهر بها الأقصر. الحنطور كان ولايزال أحد أهم معالم مدينة الأقصر السياحية علي الرغم من تقدم وتعدد وسائل المواصلات الداخلية إلا ان جولة بالحنطور داخل مدينة الاقصر والمرور علي كورنيشها ومعالمها الأثرية والسياحية تظل أمنية يتمناها كل زوار الأقصر الصغار والكبار. فالعربة العريقة المزدانة بالألوان الزاهية. والايقاع الخاطف لحوافر الحصان الذي يجرها. الذي يتجاوب مع أنغام الأجراس المتدلية منها. يمنحها تفرداً لافتا. ويجعلها موضع نظر للكثير من العيون التي ترمقها وسط موجات السيارات اللاهثة. البعض باعوا الخيول والعربات.. بعد اختفاء السياح ومع انخفاض معدلات السياحة عقب الثورة تدهور حال الحنطور وشكا السائقون من وقف الحال وقلة الرزق وعدم وجود زبائن يرتادونه لدرجة ان البعض منهم اضطر لبيع سيارة الحنطور أو الخيل التي تجرها وبالتالي انقطع مصدر رزقه وأصبح بلا عمل. حسان الجرف سائق حنطور أكد انهم يعيشون في معاناة دائمة وبؤس مستمر بسبب تدهور السياحة وعدم وجود زبائن للحنطور لدرجة ان بعضهم قد يعود كما خرج خالي الوفاض بدون أي زبائن أو ركاب فاحيانا يخرج الحنطور من بداية اليوم في الصباح الباكر ويعود في الساعات المتأخرة من الليل بدون جولات أو ركاب وبالتالي لا يجد قوت يومه ولا طعاماً للحصان. عبدالهادي عطا الله شكا من وقف حال السياحة وقلة الرزق وعدم وجود أي زبائن سواء من الأجانب أو المصريين خاصة مع دخول فصل الصيف وشدة الحرارة مضيفا انه اضطر لبيع حلي ومصاغ اسرته لكي يوفر لهم الطعام والشراب ومتطلبات الحياة الضرورية مؤكداً أن معظم سائقي الحنطور ليس لهم أي مصدر رزق آخر سوي بعضهم الذي يعمل بالزراعة وبالتالي لا يوجد دخل ثابت يمكنهم من عيش حياة كريمة. محمود عبدالنبي سائق حنطور يقف علي طريق الكورنيش بسيارته المتهالكة وحصانه الهزيل الذي بدا عليه الجوع والعطش وينتظر بالساعات املا في الفوز بزبون أو راكب مقابل أي نقود يعطيها له ويقول: كنا في السابق لا نأخذ في التوصيلة أقل من 50 جنيها من السائح و20 جنيها من المصري اما الآن ونظراً لعدم وجود زبائن فنقوم بتوصيل أي شخص مقابل أي مبلغ يعطيه لنا ويستطرد "الحال واقف والسياحة مفيش ومش لاقيين أكل للحصان". يضيف ان السياح يرون متعتهم في ارتياد الحنطور والتنزه به داخل الاقصر وأكثر الاماكن اللي بيطلبها السياح شارع الكورنيش ووسط المدينة. كما يشاركون أحيانا في موكب الحنطور في زفة الافراح التي يفضلها البعض عن زفة السيارات. وتكون حسب الطلب وهي أكثر ما نعمل به الآن بعد قلة الزبائن. محمود عبدالهادي الشهير بالروسي مرشد سياحي أوضح أن سائق الحنطور من أشد الفئات التي تضررت بانخفاض السياحة لانهم يعملون بالبركة ويخرجون يوميا ورزقهم علي الله وقد يعودون بلا أموال بعد قضاء يوم طويل وشاق في رحلة للبحث عن زبون. اضاف أن معظم سائقي وأصحاب الحنطور من منطقة شهيرة بالاقصر تسمي "أبوالجود" حيث تجد منازلهم البسيطة وحياتهم المتدنية وخيولهم داخل "اسطبلاتهم" ومعظمهم غير متعلمين ولا يحملون أي شهادات لكنهم يجيدون عدة لغات من خلال تعاملهم مع السياح. أكد انهم ينتظرون بالساعات وطوال اليوم علي طريق الكورنيش وتصطف عربات الحنطور بالعشرات أمام فنادق العوامية الشهيرة في انتظار خروج أي زبون وما ان يخرج حتي يتشاجروا جميعا ليحظي أحدهم بفرصة اصطياده وكأنه سجل هدفاً تاريخياً. محمود أرجع أسباب معاناتهم إلي احتكار بعض الشركات السياحية لعدد من سائقي الحنطور والتعامل معهم دون غيرهم بالاضافة إلي قلة المعدلات السياحية ونقص اعداد زوار الأقصر وزيادة عدد الحنطور في المحافظة وعدم وجود تأمين علي السائقين أو هيئة مخصصة لمساعدتهم باستثناء نقابة النقل البطيء ومستشفي بروك الخيري لعلاج الحيوان وجمعية الرفق بالحيوان التي تقوم بمساعدة اصحاب الحنطور وعلاج خيولهم مجانا وتوفير العلف والطعام. الدكتور عزت سعد محافظ الأقصر أكد أن الأقصر بها أكثر من 500 سيارة حنطور تعمل داخل مدينة الاقصر منها300 حنطور فقط لديها رخصة وأشار إلي ان المحافظة تعاني من قلة الوفود والمعدلات السياحية وبالتالي فإن معظم العاملين بالمجال لديهم مشكلات ومنهم سائقو الحنطور مشيراً إلي أن المحافظة قامت بتخفيض الغرامات ورسوم النظافة الموقعة عليهم كما خصت مواقف محددة للحنطور وعقدت سلطات المحافظة عدة اجتماعات مع نقابة سائقي الحنطور والنقل البطيء والمعنيين لبحث مشكلاتهم وتوفيق أوضاعهم وإنهاء حالة فوضي الحنطور وما يسببه من مشكلات ومضايقات للسائحين وتعطيل الحركة المرورية والسير عكس الاتجاه. بالاضافة إلي انتشار التلوث البيئي من مخلفات الحيوان بالشارع لعدم التزامهم بالحفاضة. وأضاف أن المحافظة تعكف علي دراسة وضع حد للأزمة بالطرق القانونية من خلال تخفيض رسوم التراخيص وإعطاء السائقين حزمة تخفيضات ومحاولة تخفيض أو رفع المخالفات الموقعة عليهم مع زيادة تسعيرة الركوب مراعاة لظروفهم ودراسة مقترح تخصيص زي موحد للسائقين. مشدداً علي ضرورة وقف احتكار بعض السائقين المتعاقدين مع الشركات السياحية واقتصار العمل علي مجموعة معينة لنقل الزبائن. وإنهاء هذه المشكلة بتوزيع الأدوار فيما بينهم مع ضرورة ترخيص عربات الحنطور غير المرخصة والتزام السائقين بالتواجد في المواقف المخصصة والتسعيرة المتفق عليها.