يسأل مصطفي القصيف مدير مركز الوطن لحقوق الانسان: ما حكم من ينادي باهدار دماء من لا يستحقون استحلال دمائهم. يجيب الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر: هناك فروق جوهرية بين جريمة "الحرابة" التي هي قطع الطريق لاخافته أو أخذ مال بالاكراه دون قتل أو مع القتل.. وجريمة البعض التي هي خروج طائفة علي الحاكم العادل وبين جريمة "العيال" وهي تعرض معتدي لقتل بريء.. أو سلب أمواله. أو انتهاك عرضه. فلكل "تكييف فقهي" بشروطه الشرعية وما يترتب عليها من عقوبات دنيوية بواسطة الاحكام القضائية بآليتها ووسائلها ثم بإذن الحاكم ومن يفوضه من مؤسسات الدولة. ففي واقعة الاجتراء والافتراء علي نصوص شرعية لاستحلال الدماء في زمن يقر العرف السليم الموافق للمبادئ العامة للشريعة الاسلامية وأيضا المعبرين المجاهرين بالرأي المجردين عن كل سلاح مما يجعلهم لايصنفون لا محاربين ولا بغاة ولاحيال بل معبرين عن رأي له تأويل معتبر وسائغ. وقد يكون أو يصاحب التظاهر تعسفا في طلب الحق إلا أن هذا لايعد مسوغا للقول بقتلهم إلا اذا كنا في زمن مسرور السياف والسيف والنطع في مواجهة بيت شعر فيه هجاء للحاكم بأمره!! وقد أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما .. قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم.. في سفر فنزلنا منزلا. فمنا من يصلح خباءه ومنا من يتنضل "يسابق بالرمي والنشاب والنبل" ومنا من هو في جشره "الدواب التي ترعي وتبيت مكانها" اذ نادي منادي رسول الله صلي الله عليه وسلم: الصلاة جامعة فاجتمعنا الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: انه لم يكن نبي قبلي الا كان حقا عليه ان يدل أمته علي خير ما يعلمه لهم. وينذرهم شراً ما يعلمه لهم وان أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها. وسيصيب اخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجئ فتن يرقق بعضها بعضا. وتجئ الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة. فلتأته منيته. وهو يؤمن بالله واليوم والاخر. وليأت إلي الناس الذي يجب أن يؤتي اليه. ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده. وثمرة قلبه. فليطعمه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه. فاضربوا عنق الآخر". لا تسأل الإمارة. فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها. وإن اعطيتها عن مسألة وكلت اليها.. متفق عليه.. وان يرفق برعيته وينصح لهم ولايغشهم ولايهمل أو يغفل مصالحهم وحوائجهم. وقد بوب الامام النووي. رحمه الله تعالي في مصنفه الماتع. وأورد شواهد منها: "ما من عبد يسترعيه الله رعية. يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة". "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فشق عليه..." "إن شر الدعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم" الحطمة: من يجور في حكمه ويصلي الناس الاتلاف والاهلاك. "من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين. فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم. احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامه.. الي غير ذلك من نصوص قاطعة قاضية بقيود العدالة "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله": منهم "الإمام العادل" "ان المقسطين عند الله علي منابر من نور. الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وماولوا" "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم".. "أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق". فهل تم استيفاء هذه الأوصاف. وتحققت تلك القيود. حتي يعلن من له الافتاء إنزال القتل بعد ادانة قضائية عادلة؟ ويأمرونها الأمر العادل تنفيذه؟ صدق سيدنا عثمان رضي الله عنه "أخوف يخاف منه: رجل عليم بالقرآن. سليط اللسان" وما أثر عن الحكماء: الفطن من يقنع الناس بالدين عبر سياسته. وليس من يقنع الناس بسياسته عبر الدين". * مجتمع ليس علي قلب رجل واحد. ولم يتذوق شعبه جرعة من عدالة. فكيف تستباح دماء شرفائه؟!!