اختيار الفنانة "الكبيرة" للجلوس إلي جوار وزير الثقافة في مؤتمره الصحفي "العالمي" الذي عقد منذ أيام. اختيار غير موفق. بالأحري استفزازي ويثير السخرية! دعوة هذه الفنانة للجلوس علي المنصة والتحدث من فوقها باعتبارها أحد "الرموز" الذين أتت بهم الثورة ومن خلال مؤتمر يأتي بعد ثورات وانتفاضات شعبية مشهودة وتحديات مرعبة أمام قوي الاستبداد الفاشية وضد الديكتاتوريات التي حكمت بالحديد والنار. هذه الدعوة تكشف عن قصور وضحالة والاسوأ زنها تؤدي إلي تزييف للوعي. وأعتقد أن هذه "الدعوة" جاءت استثماراً للدعاية الإعلامية المهولة التي حظيت بها القضية التي كسبتها "الفنانة" ضد "الشيخ" الموتور والمتطرف الذي أهانها وسبها في شرفها. وإن كان اختيارها تحديداً دون سواها لا يخلو من دلالة. فقد كانت "طعما" جيداً لأمثاله. وعن حق وقفت وسائل الإعلام إلي جوار الفنانة الكبيرة ومساندتها ضد فاشي يستخدم فهمه المشوه عن الإسلام ضد المجتمع بأسره وليس فقط ضد نسائه. ومن حق الناس وأنا منهم أن نفرح لانتصارها وهزيمة "الشيخ" الذي أهانها وكان يستحق أكثر من الغرامة ومن السجن. الفنانة التي أشير إليها ليست بأي حال رمزاً ثورياً ولا هي نتاج أفضل ما في الفن والثقافة للمصريين ورغم ذلك لن أخفي أبداً مساندتي لها ولحريتها الشخصية. ولكن وجودها "كرمز" في هذه الفترة تحديداً وبعد ثورة مجيدة وفي مؤتمر صحفي وصف بأنه "عالمي" ويرأسه وزير الثقافة المصري. يعبر عن قصور ووجهة نظر مضللة. الوزير أستاذ للتاريخ. وتواريخ الأشخاص ومواقفهم العملية وانحيازاتهم وقناعاتهم يدل علي دورهم ووزنهم الحقيقي في مجتمع ثائر ومنتفض من أجل مستقبله والفنانة المنتصرة علي "الشيخ" الفاشي لا يلغي نصرتها لمبارك وحماسها المعروف للكافة ودفاعها المستميت عن الرجل ونظامه هذه الفنانة وقفت ضد ثورة 25 يناير بكت وانهارت عند خلع الرئيس وهي الآن تهلل فرحاً وتزغرر "لبراءته". ومبارك خلف لنا ما نتجرع همومه ونعاني من كوارثه حتي الآن. خلف الفقر والجهل والتبعية وكل الأوجاع التي استثمرتها الجماعات الإرهابية التي حكمتنا بعده..! "مبارك" ليس بريئا حتي وإن برأته المحكمة وجرائمه لن تسقط بالتقادم وسوف يحاكم آجلا أو عاجلا. وزير الثقافة الحالي عابر للوزارات والحكومات والمراحل كان وزيراً في حكومة الجنزوري وبعده هشام قنديل والكافة تعرف لمن ينتمي "قنديل" وهو حالياً وزير في حكومة الببلاوي. والفوارق الفكرية والايدولوجية عميقة بين هذه الوزارات والحكومات وكذلك التوجهات وبالضرورة السياق السياسي والاجتماعي. ما هذه الحيرة؟! وأين نحن؟! وهل طالت الثورة فعلا مؤسسات المجتمع والمتحكمين في مقدراته؟! وما هذا التداخل الغريب بين الألوان وعن أي مجتمع يعبر المسئولون؟؟ الكوارث التي خلفتها الأنظمة الفاشية والديكاتوريات. عسكرية كانت أو دينية أو مدنية للشعوب. سوف يتجرع الشعب المصري مرارتها طويلا. وما نملكه كأفراد وجماعات أن نتصدي لعمليات تزييف الوعي ونقف ضد الانتاج ودعم رموز كاذبة لأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح وان طال الصبر. حمي الله مصر من أبنائها قبل أعدائها.