انعقد في يناير الماضي بمدينة شرم الشيخ مؤتمر أدباء مصر الذي كان يسمى من قبل مؤتمر أدباء الأقاليم، حضر المؤتمر مولانا الذي في الحظيرة، ورأسه الشيوعي المتطرف صنع الله إبراهيم، وكان معظم الباحثين والحاضرين من أهل الحظيرة الثقافية الذين ينتمون في أغلبهم إلى اليسار الحكومي. مع تجاهل تام ومقصود لبقية التيارات الأدبية من غير اليساريين والحظائريين، وفقًا لسياسة الإقصاء التي تبنتها الحظيرة على مدى ربع قرن مضى. كرّم المؤتمر عناصر الحظيرة من اليساريين، وأغدق عليهم العطايا المعنوية وقدمهم للناس بوصفهم أصحاب تميز وجهد عظيم، مع أن مجمل أعمالهم لا ترقى إلى مستوى الحد الأدنى من الأدب الجيد، ولا تمثل قيمة فنية يمكن الإشارة إليها. مولانا الذي في الحظيرة غازل الماركسيين والناصريين وأشباههم، وغمز ضمنًا في الحكومة والنظام الذي جعله وزيرًا، أو وافق على استمراره وزيرًا، فأعلن أنه لا يرغب في الاستمرار وزيرًا للثقافة (؟!) وأعلن ضيقه بالأجواء التي يمر بها من خلال عمله وزيرًا للثقافة؛ بسبب الأجواء التي تمر بها البلاد من عشوائية وتخبط, وأنه يدير عمله من خلال حرصه على الذود عن الثقافة (؟!) كمن يحمي الثغور والحدود!!. ولست أدري ما الذي يرغم وزيرًا على العمل في ظل العشوائية التي لم نفهم ماذا يقصد بها والتخبط الذي لم نفهم ماذا يعني به؟ هل يمكن أن تكون وزارة الثقافة الفاسدة قد حققت نوعًا من الاتزان والصلاح، وهو لا يعرف كيف يصل بها إلى استمرار ما حققه؟ الوزير يعلم والدنيا كلها تعلم، أن وزارته فاسدة حتى الركب وبعض الباحثين في المؤتمر الذي تكلم فيه الوزير أشار إلى فساد وزارته، وقال إنها تعانى من كثير من الأمراض الإدارية والهيكلية والفكرية الأيديولوجية وضعف البصر والرؤية، وبالتالي فهي ليست ذات تأثير فى الشارع، وليس لها تأثير فى المستوى العالمي. ويكفي أن الباحث أشار إلى أمراض الثقافة فى مصر ونماذج منها مثل: ترسيخ الوعي بالقبح وفساد الثقافة، وشخصنة الثقافة، وفوضى الثقافة، وضياع حق المواطن فى ثقافة عادلة ونزيهة، وعدم توافق برامج الثقافة مع البيئة المصرية، وترسيخ ظاهرة الحظيرة الثقافية، وعدم وجود إستراتيجية واضحة للدولة فى مجال الثقافة . وإذا كان مولانا الذي في حظيرة يحاول إيهام الناس بثوريته واستقلاله الفكري أمام الرفاق اليساريين الحظائريين، في الوقت الذي يستمر فيه في منصبه الرفيع، فإن رئيس المؤتمر صنع إبراهيم اليساري المتطرف صاحب أدب العادة السرية والشذوذ والإباحية يواجه المؤتمر باتهام الإسلام بالفاشية الدينية وقمع حرية الفكر، ويربط ذلك بما يسميه الفاشية العسكرية وهو من الذين عاشوا على حجرها سنوات طوالًا منذ أفرج خروشوف عن الشيوعيين المصريين. السيد صنع الله إبراهيم لم يكتف بذلك بل زعم أن ثقافتنا مهددة بالفكر الوهابي..!! وأوضح أن هناك ضرورة للتصدي لقمع الحريات وهي توصية دائمة تخرج من المؤتمر، لكن السلطة لم تنفذها على مر السنوات ومازالت حتى الآن، مثل كثير من التوصيات الأخرى، ومنها إلغاء التمييز المشين في التعامل مع أدباء مصر ووصف بعضهم بأدباء الأقاليم، مشيرًا إلى أن المؤتمر يعقد في ظروف خطرة على استقرار البلد. لقد حاول صنع الله أن يهدئ من غضب الجمهور الذي رفض كلامه وبهتانه فقال إنه يقصد فاشية العسكريين في ممارسات كشف العذرية والفاشية الدينية المتمثلة في فرض التدين الشكلي وتهديد المجتمع. ونحن نسأله من الذي يفرض التدين الشكلي؟ وما هي طبيعته؟ وفي أي مكان يقبع؟ نحن لم نر ذلك الكيان الذي يفرض التدين الشكلي أبدًا. ثم ما معنى أن ثقافتنا مهددة بالفكر الوهابي؟ لو كان الأمر كذلك فإن ثقافتنا لا تستحق شرف الانتماء إلينا. أي فكر هذا الذي يهدد الثقافة الإسلامية الرائعة؟ لقد حاول الفكر الأوروبي طوال قرون ولم يستطع فكيف يستطيع ما يسمى بالفكر الوهابي المزعوم إن كان له وجود أن يهدد هذا الثقافة الشامخة؟ لعل صنع الله الشيوعي المتطرف يقصد الثقافة الحظائرية، وإن كان الأمر كذلك فإني أبشره أن أي ثقافة ولو كانت ثقافة كفر البطيخ ستنتصر عليها! أما الحديث عن إلغاء التمييز في وزارة الثقافة بالنسبة لأدباء الأقاليم، فالتمييز هو أساس وجود الوزارة الفاسدة منذ نشأتها حتى ترسيخ فكر الحظيرة. إنها ثقافة تمييزية بامتياز، إقصائية بفجاجة، استئصالية بتوحش، وهو ما أفاض في الحديث عنه كثير من الناس كتابة ومشافهة ودراسة. ثم إن الإشارة إلى أدباء الأقاليم فوق أنها تأتي في سياق استعلاء وغطرسة وعنجهية من جانب مثقفي السلطة الحظائريين، تمثل جانبًا من جوانب المكر اليساري الذي حول هذه المؤتمرات التي تعدّ في العلن نوعًا من العطف على الأدباء الريفيين الذين لا صلة لهم بالعاصمة ووسائل إعلامها ومؤسسات الثقافة الرسمية، لتكون ملتقى لتجنيد الأتباع والأنصار، ومركسة بعضهم من محدودي الثقافي ليكونوا جندًا وأعوانًا في معارك اليساريين ضد دين الأمة الحنيف، ورموز هذا الدين، وتاريخ المؤتمر حافل بمثل هذه الملتقيات التي تبدأ عادة بعد انفضاض النشاطات الرسمية اليومية وتستمر حتى الفجر أو الصباح في جو من السرور والانبساط! هذه المؤتمرات تمثل أبشع صور الفاشية الشيوعية في مصر في ظل حكم الرئيس المسلم المنتخب، وما بالك بمؤتمر يكون أغلب الحاضرين فيه من اليساريين، ولا يسمح لإسلامي واحد في عهد الإسلاميين بالمشاركة؟ إن الإنفاق على هذه المؤتمرات من عرق الشعب المصري المسلم البائس ليستمتع الشيوعيون وأشباههم بحرية الكلام وإهانة الإسلام لهو عمل ضد الديمقراطية والحرية وحق المواطن في الثقافة القومية.