سؤال من المنطقي ان يتردد في اعقاب الاحكام التي اصدرتها محكمة تركية علي رئيس الاركان التركي المتقاعد الكرباشبوج بالسجن مدي الحياة. كما صدرت احكام اخري بالسجن بمدد متفاوته علي عدد من العسكريين السابقين ورجال السياسة.. وسبق لهذه المحكمة في سبتمبر الماضي ان اصدرت عقوبات بالسجن وصلت الي 25 عاما بحق 363 من جنرالات وضباط الجيش "السابقين" ومن بينهم قائدا القوات البحرية والجوية. كان ذلك فيما يعرف بقضية ارجينيكون وهي شبكة تقول حكومة اردوغان- رضوان بالتركية- ان مجموعة من العلمانيين والقوميين كونوها للتدبير لانقلاب عسكري يطيح بحكومة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الاسلامية. وكانت توصف بانها قضية العصر حيث استمر نظرها لعدة سنوات وزاد عدد المتهمين فيها علي 300 متهم. وقبلها ثار نفس التساؤل عند الاعلان قبلها بأيام عن تعديلات دستورية قيل ان من شانها ان تمنع وقوع انقلاب في تركيا. يقول التساؤل.. هل اصبح اردوغان الذي يحكم تركيا منذ نحو عشر سنوات حاكما حقيقيا لتركيا وبمعني اخر.. هل اصبح اردوغان صاحب الكلمة الاخيرة في بلاده وليس مجرد رئيس وزراء تحكمه خطوط حمراء يحددها له الجيش ولا يستطيع عبورها والا اطاح به الجيش وقد حدث هذا مرتين من قبل مع اثنين من رؤساء الوزراء السابقين ذوي المرجعية الاسلامية كانت المرة الاولي عام 1960 مع عدنان مندريس وانتهي الامر باعدامه وبعدها ب37 عاما تكرر الامر مع نجم الدين اربيكان لكن الاطاحة تمت سلميا عن طريق البرلمان بحرمان حكومته من اغلبيتها البرلمانية من خلال ضغوط قوية. وعندما تولي اردوغان الحكم تعلم من رأس الذئب الطائر فلم يعترض مثلا علي العلاقات الوثيقة بين الجيش التركي واسرائيل ولم يعترض ايضا علي تورط الجيش التركي في السماح للولايات المتحدة باستخدام الاراضي والاجواء التركية في غزو العراق. وحسب المنطق فان بتعديل الدستور وصدور الاحكام القاسية بحق العشرات من العسكريين السابقين ورجال السياسة بات اردوغان الحاكم الفعلي لتركيا وربما رافقت ذلك بعض الاحداث التي تؤكد هذه الرؤية مثل اقدام عدد من الطيارين علي تقديم استقالاتهم احتجاجا علي الاحكام القضائية وتعديل الدستور. لكن قراءة ما بين السطور تظهر شيئا اخر عن حقيقة الامور في البداية نشير الي ان مكانة الجيش التركي ليس لها علاقة بنظام علماني او غيره كما يعتقد الكثيرون ان الشعب يذكر الجيش بهذا التقدير لانه ساهم في تحرير اراضي تركيا بعد الحرب العالمية الاولي وانهيار الدولة العثمانية وبعد ان وصل الامر الي وجود قوات احتلال اجنبية علي الاراضي التركية تابعة ل16 دولة. استياء ويشير معلقون متخصصون في الشأن التركي الي وجود استياء واسع في تركيا جراء الاحكام القاسية التي صدرت بحق العسكريين بسبب ما يتمتع به الجيش من شعبية ويرونها امرا اشبه بمحاكم النازي وصادرة عن قضاء مسيس ويقول احد المعلقين ان اردوغان دفع تركيا الي ازمة وان حكومته تواجه مأزقا يضاف الي مازق عديدة منها احداث ميدان تقسيم الذي اطلق احتجاجات طالت اكثر من 50 مقاطعة تركية ومن هذه المأزق توتر علاقات تركيا بالعديد من الدول منها مصر وسوريا وايران والعراق. والرهان الاول في ذلك هو علي الجيش للتدخل واخراج البلاد من الازمة وذلك اذا ما سحبت الولاياتالمتحدة دعمها المطلق عن اردوغان وحكومته.. ويقول البعض ان اردوغان ما كان ليستطيع وضع جندي واحد في السجن.. وليس القادة.. بدون تأييد امريكي ضمني.. كما بدأت رءوس اموال عديدة تنسحب من تركيا كرد فعل للاوضاع فيها مما يهدد بازمة اقتصادية ومالية توجد مبررا لتدخل الجيش. وقد يؤثر ذلك علي فرصة تركيا في الانضمام الي الاتحاد الاوروبي لكن الجميع يعرفون انها مستبعدة تماما من عضويته لاسباب معروفة ويكفي ان كرواتيا التي تقل كثيرا عن تركيا اقتصاديا انضمت للاتحاد منذ ايام.