القروض بدون فوائد والمنح النقدية والعينية التي قدمتها كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية لمصر بعد التخلص من حكم جماعة الإخوان لها دلالة سياسية لا تخفي علي المراقبين للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة الخليج علي وجه الخصوص. لقد سارعت الدولتان الشقيقتان بتقديم دعم لمصر قدره خمسة مليارات دولار من السعودية و3 مليارات دولار من الإمارات.. وبتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان. لم تقدم الدولتان علي هذه الخطوة التي حملت معها مشاعر طيبة بل مشاعر حميمية من الشعبين السعودي والإماراتي للشعب المصري خلال السنة الماضية التي تولي فيها الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي المسئولية رغم علمهما بالمتاعب الاقتصادية التي تعانيها مصر.. وهذا يعني أن الدولتين كانت لهما تحفظات علي نظام الحكم بل لهما تخوفات كبيرة من هذا النظام. وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد سكتت عن نقد نظام الحكم في مصر لطبيعتها المتحفظة وعدم رغبتها في الدخول في صراعات مع أحد وخاصة مع دولة شقيقة وكبيرة في حجم مصر فإن دولة الإمارات عندما أحست بأن مصر أصبحت تحت حكم الإخوان أبدت تخوفاً بل قلقاً شديداً من ذلك لأن الإخوان يدسون أنوفهم في الشأن الداخلي للدول الأخري وينشئون خلايا سرية لهم تعمل علي زعزعة نظم الحكم فيها.. وهذا ما حدث حيث تم ضبط تنظيم إخواني في الإمارات وحوكم المتورطون فيه وأدينوا بأحكام قضائية. وفي هذا السياق لا ننسي الحملة الهجومية التي شنها الفريق ضاحي خلفان مدير الأمن في دبي علي جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وتصريحاته المتكررة ضدهم. وهو أمر يفسر لنا سبب فتور العلاقات بين البلدين. والتي عادت إلي طبيعتها بعد رحيل الإخوان. لم تستطع الجماعة من خلال الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي ولا من خلال حزب الحرية والعدالة ولا من خلال مكتب الإرشاد أن تزيل مخاوف دول الخليج من صعودها للحكم. ولم تستطع أن تبث الطمأنينة في نفوسهم بعدم التدخل في شئونهم الداخلية بأي شكل من الأشكال. الدولة الخليجية الوحيدة التي انحازت كلية للجماعة هي دولة قطر الشقيقة لأنها ومنذ فترة ليست بالقصيرة تحاول أن تضع لها مكانة مميزة في دول الخليج بل ومكانة عالمية رغم صغر حجمها من الناحيتين الجغرافية والبشرية. ولاشك أن دولة قطر من خلال التحامها بنظام الحكم الإخواني وجدتها فرصة لتنمية اقتصادها بالتوسع في الاستثمار بالمرافق الحيوية في مصر وخاصة في مشروع تنمية شرق القناة.. والصكوك وغيرها من المشروعات التي تضمن لها التمكين والاستحواذ علي هذه المرافق. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن موقف قطر من مصر بعد خروج الإخوان من الحكم.. وهل ستتواصل مع الحكومة التي سيتم تشكيلها خلال اليومين القادمين.. أم ستكف نفسها وتقف موقف المنتظر والمترقب لما يحدث ثم تحدد علاقتها بناء علي ما يجد من أمور؟. العقل والمنطق يقولان إن علاقات الدول بعضها مع بعض ومصالحها المشتركة يجب ألا ترتبط بنظام معين في الحكم.. وإنما يجب أن تقوم علي مبدأ استراتيجي لصالح البلدين والشعبين مهما اختلفت الحكومات.. لكن توجهات قناة الجزيرة لا تعكس هذا المفهوم. سوف أظل أكرر مقولة إن الإخوان ظلموا أنفسهم ولم يظلمهم أحد وأنهم هزموا أنفسهم بسياسة غير واعية لطبيعة التعددية في مصر.