حقيقة.. لم أستطع فهم الخبر الذي نشرته صحيفة "المساء" في صدر صفحتها الأولي بالأمس.. فهو خبر غريب بكل معني الكلمة. الخبر يقول إن الطائرة المصرية من طراز بوينج 777/300 كانت قد أقلعت من مطار "دمودوفو" في روسيا متجهة إلي القاهرة.. وأثناء مرورها عبر المجال الجوي التركي أصيب قائدها بأزمة صحية حادة حالت دون قدرته علي استمرار قيادته للطائرة. إلي هنا والخبر عادي.. فليس مستبعدًا أن يصاب قائد الطائرة بأزمة مفاجئة كما يحدث لكثير من العاملين.. فنسمع مثلا أن محافظًا أو وزيرًا فاجأته أزمة وهو يمارس عمله في مكتبه. ويتم نقله إلي المستشفي ليتم إسعافه. لكن الغريب في الخبر المنشور أنه يتضمن وجود طيار بالصدفة.. وأكرر.. بالصدفة.. ضمن الركاب هو الذي قام بإنقاذ الموقف.. وبالصدفة أيضًا أن هذا الطيار متخصص في قيادة نفس الطراز من الطائرات. هذا الطيار "الصدفة" تولي قيادة الطائرة بدلاً من الطيار المصاب واستطاع الهبوط بها اضطراريًا بمطار إسطنبول حيث تم نقل الطيار المريض إلي أحد المستشفيات التركية.. ثم واصلت الطائرة رحلتها عائدة إلي القاهرة. هذا الخبر الغريب والعجيب يثير عدة تساؤلات: * أولاً: ما هو اسم الطيار الذي فاجأته الأزمة وتاريخه المهني؟ ومن هو الطيار "الصدفة" الذي كان موجودًا علي الطائرة.. وهل هو طيار مازال في الخدمة أم خارجها؟ وما هي الصدفة السعيدة التي ساقته لركوب هذه الطائرة؟! وكم عدد الركاب الذين كانوا علي متن الطائرة وجنسياتهم؟! * ثانياً: يقول الخبر إن الطائرة استأنفت رحلتها عائدة إلي القاهرة.. والسؤال: هل قادها هذا الطيار "الصدفة" أم تم استدعاء طيار مصري آخر كان موجودًا أيضًا بالصدفة في إسطنبول؟! * ثالثاً: من المعروف أن كل طائرة يكون فيها طياران أحدهما القائد الأصلي والثاني المساعد.. ولا يمكن أن تقلع طائرة بدونهما معًا خصوصًا علي هذه الخطوط الطويلة. فكيف تقلع طائرة بطيار واحد دون وجود مساعد معه يتولي القيادة إذا حدثت أية مفاجأة؟ ومن المسئول عن إقلاع طائرة بدون طيار مساعد؟! والسؤال الأهم: ماذا لو لم يوجد طيار بالصدفة علي متن هذه الطائرة؟ وظلت الطائرة تترنح ثم هوت إلي الأرض لا قدر الله.. فعلي من تقع المسئولية عندئذ؟! يبدو أن الإهمال واللامبالاة وعدم تحمل المسئولية ثقافة متأصلة فينا لم تستطع الثورة أن تحد من وطأتها!! نحن نؤمن بمبدأ التواكل.. لا بمبدأ التوكل.