من أجل العمال والفلاحين تمسكنا بنسبة ال 50% في مجلسي الشعب والشوري والمجالس النيابية.. ومن أجل العمال والفلاحين نتحمس اليوم لإلغاء نسبة ال 50%.. وذلك بعد أن أثبتت التجربة خلال سبعينيات القرن الماضي وما تلاها من سنوات حتي اليوم أن هذه النسبة قد استخدمت في تضليل الشعب وخداع العمال والفلاحين والإضرار بمصالحهم. كان الهدف من هذه "الكوتة" المميزة أن يدخل البرلمان نواب ينتمون إلي العمال والفلاحين فعلاً ليدافعوا عن مصالحهم الحيوية والأساسية.. وليحافظوا علي المكاسب الاشتراكية التي تحققت لهم بفضل ثورة يوليو .1952 وقبل إقرار هذه الكوتة لم يكن يدخل البرلمان أو المجالس النيابية إلا الباشوات وأبناء الباشوات ممن ينتمون إلي الطبقة العليا.. الذين لا يعرفون شيئاً عن معاناة العمال والفلاحين والموظفين وعساكر الدورية وصغار التجار. وكان من الضروري في الفترة التي تلت ثورة يوليو أن تأتي إلي مجالات العمل السياسي وجوه جديدة ممن ينتمون إلي هذه الفئات التي تعيش علي الهامش ويراد الدفع بها إلي الصفوف الأولي كي تدافع عن الطبقة الناشئة.. الطبقة العاملة.. التي ستصبح فيما بعد الطبقة الوسطي.. رمانة الميزان في معادلة التوازن الاجتماعي.. وسيكون منوطاً بها الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره. هذه الطبقة الجديدة صعدت من العدم.. حصلت علي أراضي الإصلاح الزراعي وعملت في مصانع الغزل والنسيج والألمونيوم والحديد والصلب.. وانخرطت في الجهاز الإداري للدولة.. وانتقلت من الريف إلي العيش في المساكن الشعبية. وكان من المفترض أن تسير الأمور علي نحو منظم ومنطقي.. وأن يستمر أبناء هذه الطبقة في الدفاع عن أنفسهم وعن مصالحهم.. لكن الذي حدث أن الطبقة الوسطي تآكلت.. ولست أبالغ إذا قلت إنها قد أفسدت وتم تجريفها ذات اليمين وذات الشمال.. وخضعت لعمليات مستمرة من الإغواء السياسي نجحت في زحزحتها عن ثوابتها. وكان من نتيجة ذلك كله أن العمال والفلاحين الذين دخلوا البرلمان.. أو الذين أدخلوا البرلمان تحت لافتة العمال والفلاحين بالكذب والخداع استخدموا أداة في يد السلطة لتخريب مكاسب العمال والفلاحين.. ورفعوا أيديهم بالموافقة علي قوانين ضد مصالح هذه الفئة وقوانين أخري تسلب ما حصلوا عليه من امتيازات. وشيئاً فشيئاً انقلبت الصورة.. صار العمال والفلاحون.. أو ممثلوهم المزيفون تحت قبة مجلس الشعب هم يد السلطة والحزب الذي تبطش بها علي العمال والفلاحين.. وغابت تماماً قضاياهم الأساسية.. ولم يسمع صوت لنوابهم عند مناقشة جرائم الخصخصة والتأمينات والضرائب وميزانية التعليم والمستشفيات الحكومية ومياه الري التي لم تعد تصل إلي نهايات الترع في القري مما أفسد التربة الزراعية بينما يتم توصيلها إلي ملاعب الجولف والريف الأوروبي وبالم هيلز ومزارع توشكي وفق عقود والتزامات حكومية محددة. وباسم الالتزام الحزبي صار العمال والفلاحون جزءاً من الهجمة الباغية علي الفقراء والمستأجرين والمديونين لبنك التنمية الزراعي.. في حين لم يدافع عن هؤلاء غير النواب الأحرار أصحاب الضمائر اليقظة.. الذين لم يتشرفوا ربما بالانتماء إلي العمال والفلاحين. من هنا فإننا نطالب العمال والفلاحين اليوم بأن يستردوا وعيهم.. ويقطعوا الطريق علي من يريد خداعهم من جديد.. فالمرحلة القادمة تعني الانفتاح الكامل علي كل القضايا دون حصر الانتماء في طبقة أو فئة. لم تعد نسبة ال 50% مجدية في الدفاع عن مصالحهم.. بعد أن تم تزييفها وسرقتها واستغلالها في خداعهم.. والأفضل اليوم أن تلغي تماماً. ويتم عوضاً عن ذلك بتأسيس حزب للعمال والفلاحين يكون مفتوحاً لجميع فئات الشعب للاشتراك فيه.. علي طريقة حزب العمال البريطاني.. ومن يدري.. لعل هذا الحزب يصل إلي الحكم في يوم قريب. قولوا معنا : لا كوتة بعد اليوم.. لا كوتة للمرأة ولا كوتة للعمال والفلاحين.. ومجلس الشعب للأصلح.. والأصلح فقط.