علي مقهي "بعرة" الشهير يجلس العشرات من "الكومبارس" يوميا لساعات طويلة أملاً في حصولهم علي دور صامت أو متكمل أمام نجم كبير حتي يضمنوا العودة الي بيوتهم بنقود تكفي لمواجهة مرارة الحياة.. وكانت المفاجأة ان كثيرا منهم ترك المهنة وأخذ يبحث عن عمل آخر فمنهم من أصبح يعمل بائع جرائد وآخر ماسح أحذية ومنهم من باع أثاث منزله حتي يجتاز أزمة داهمته.. ووسط حالة من الاحباط وخيبة الأمل وضيق الحال وصعوبة العيش.. كانوا يأملون بعد الثورة مثل غيرهم ان تتحسن الأحوال وتدور عجلة الانتاج الدرامي والسينمائي لكن بكل أسف حدث الكساد لفترة طويلة عندما فضل عدد كبير من المنتجين متابعة المشهد من بعيد انتظارا لاستقرار المشهد السياسي. "المساء" رصدت مشاكل الكومبارس ومطالبهم المشروعة التي أجمعوا عليها في انشاء نقابة تضمن حقوقهم أو ضمهم إلي نقابة الممثلين وضمهم الي مشروع العلاج. بالاضافة إلي احترام بعض المخرجين ومديري الانتاج لهم طالبين معاملة آدمية. تقول سحر عبدالمحسن: أتقاضي 40 جنيها في اليوم ولا يوجد لدي دخل آخر فضلاً عن ان هناك فتيات كثيرات ينمن في الشوارع وعربات المترو ولا يجدن الجنيه علي الرغم من أحلام النجومية والشهرة مازالت تلوح أمامهن. أضافت: تواجهني مشكلة "المساومة" من قبل بعض المخرجين والمنتجين الذين ينظرون إلينا وكأننا "لحم رخيص" فإما أن أتنازل وأقبل عرضه وأصبح نجمة وأمتلك شقة وسيارة فخمة أو أخرج من مكتبه ودمعتي علي خدي كالعادة.. مشيرة إلي انها شاركت في العديد من الأعمال منها مسلسل "هو وهي" وفيلم "ستة علي واحد". تتفق معها الحلوة أحمد بكر وتقول في حزن شديد. نمتلك الموهبة ولا يستطيع ممثل أو مخرج ان ينجح عمله بدوننا فنحن نكهة العمل ومن غيرنا لن يكتمل. ونحن لا نطمح الا في ان تتغير نظرة المجتمع لنا فنحن نعاني التهميش والاستغلال خاصة عندما نتعامل مع صاحب مكتب ريجسير بلا ضمير ولا انسانية. أضافت: كثيراً ما أرفض أعمالاً بسبب تأخر مواعيد تصويرها الي منتصف الليل بسبب عدم توفير وسيلة مواصلات بعد انتهاء التصوير فدائماً ما يتركنا فريق العمل في أماكن مقطوعة ومتطرفة وفي ساعات متأخرة من الليل.. بالرغم من انني في أشد الاحتياج اليه لأنني أعيش حالة من الخوف ولا أشعر بالأمن والأمان في الشارع بعد الثورة. ويقول محمد هنيدي: أعمل في السينما منذ 60 عاماً وقد أفنيت عمري من أجل الفن ولا اتقاضي سوي معاش السادات وقدره 215 جنيها بالاضافة الي 50 جنيها إعانة من صندوق احد المساجد فأنا ليس لدي دخل سوي عملي في الفن الذي أعشقه منذ زمن وأعيش الان حالة سيئة ولا أجد ثمن العلاج ولقمة العيش. مطالب مشروعة صبحي زلط يقول: مطالبنا مشروعة نريد قانوناً ينظم تلك المنظومة من خلال جهتين هي نقابة الممثلين والمنتج الفني للعمل ونطالب ب 8 ساعات عمل وساعة بريك ووجبة بالاضافة إلي توفير وسيلة مواصلات الي أماكن التصوير نظراً لأنهم يتركون الكومبارس والمجاميع وبينهم سيدات في ساعات متأخرة في أماكن متطرفة ومقطوعة مما يعرضهم للخطر والمساءلة في أقسام الشرطة علي ان توفر النقابة محاميا يدافع عن حقوق هؤلاء الغلابة. أضاف: سوق العمل قبل الثورة كان معتدلاً الي حد ما. أما الموسم الحالي فمعظمنا لا يشارك نهائياً في أي عمل وأصبحنا نمد أيدينا علي المقاهي وفي الشوارع بحثا عن لقمة العيش قائلاً: كنت أتقاضي 60 جنيها أستطيع ان أعيش بها يومين ولكن الان أتقاضي 120 جنيها ولا تكفي ليوم واحد!! وتابع قائلاً: نتعرض أثناء التصوير لمخاطر عديدة مثلما حدث مع الزميل محسن عبدالسلام عندما تعرض للحريق وبات ملازماً للفراش منذ ثلاث سنوات أثناء تصوير مشهد في فيلم "حسن ومرقص" للنجمين عادل امام وعمر الشريف كما توفيت احدي الزميلات أثناء تصوير فيلم "ظاظا" لهاني رمزي عندما صدمتها احدي لاسيارات التي كانت تتحرك أثناء التصوير وميلة أخري تعرضت الي التعذيب والاغتصاب من 6 أفراد ثم قتلوها وألقوا بها علي الطريق الدائري وكانت قد انتهت من التصوير في وقت متأخر وفي طريق عودتها للمنزل. وغيرها ولا نجد من يدافع عن حقوقهم المهدرة ولا أحد يشعر بالامهم. ويقول محمود وجدي صاحب مكتب ريجسير: طالبنا مراراً وتكراراً بحقوق الكومبارس منذ ان كان حمدي غيث نقيباً للمثلين نظراً لانني أعمل في هذه المهنة منذ 40 عاما وورثتها عن أبي. مؤكداً ان حل المشكلة يكمن في تصنيفهم وضمهم الي نقابة الممثلين تحت بند "ممثل صف ثاني" والأدوار الثانوية لضمان حقوق الكومبارس مشيراً إلي انه تم اجراء جلسات عديدة مع د. أشرف زكي نقيب الممثلين سابقاً ووعدنا بوعود كثيرة لحل مشاكلهم ولكنه لم يفعل شيئاً خاصة انهم يتعرضون لمخاطر أثناء التصوير بالاضافة الي ان معظمهم لا يجد لهم مصادر رزق سوي مهنتهم بالتمثيل وكثيراً منهم تعدي سن ال 60 ويحتاج الي علاج ومعاش شهري حيث وصل أجر الكومبارس 50 جنيها في قطاع الانتاج في اليوم ومن 75 إلي 100 جنيه في القطاع الخاص وأحياناص يتدخل مدير الانتاج و"يسمسر" مع الريجسير في الأجر وفي حالة رفض الريجيسير هذا التصرف يعلم انه لن يتعامل مع هذه الشركة مرة أخري ومن الأفضل ان نتعامل مع المنتج مباشرة. أضاف: الحال تغير عن السنوات الماضية فأصبح الآن لا يوجد احترام من بعض المخرجين ومديري الانتاج لهم. وهذا بسبب انتشار مكاتب الريجيسير التي وصلت إلي 4 الاف مكتب والتي تعد كارثة حقيقية وبؤر "للدعارة" وغيرها تحت مسمي مكتب ريجستير. منهم 6 مكاتب فقط يزاولون المهنة بشرف وأمانة. قال ان حالة الركود وعدم انتاج المسلسلات والأفلام تعد خراب بيوت علينا جميعا وأصبح الحال يسوء يوما بعد يوم لدرجة أنهم باعوا أثاث منازلهم حتي يوفرون لقمة العيش. فأنا واحد من الناس ذهبت وأخذت قرض 13 ألف جنيه بضمان معاشي من بنك ناصر حتي أستطيع ان أزوج ابني وفوجئت بسرقة المبلغ من السيارة. الانفجار الوشيك وتساءل وجدي ماذا يفعل المخرجون والمنتجون في حالة امتناع الكومبارس عن العمل ليوم واحد فقط؟ خاصة وان عملهم لن يكتمل الا بهم.. لذلك أطالب النقيب أشرف عبدالغفور ان يحل هذه المشكلة ويقف مع الحق ويحقق حلمنا جميعا ويلحقهم بالنقابة ولا يتجاهلونهم أكثر من ذلك لأنهم اذا انفجروا ستكون الخسائر جسيمة. استطرد قائلاً: معظم الذين يعملون معي هم طلبة وطالبات من معهد فنون مسرحية ومركز الابداع بالاوبرا وجميعهم مقيدون بدفتر المصنفات الفنية ويتم استخراج كارنيهات لهم لتقديمها للجهات الرقابية عند المساءلة. أتلقيت مع حسن أحمد عبدالسلام الشهير ب "حسن كفتة" الذي يبلغ من العمر 72 عاماً وشارك في أدوار عديدة مع كبار النجوم ما بين صامت ومتكلم ووجدته جالساً علي المقهي في حالة من اليأس وخيبة الأمل لتدهور الحال ونظر لي بعين حزينة وامتنع عن الحديث بلسانه غير ان مرارة نظرة باحت بما يخفيه من هموم متفاقمة.