استقرار مصر ليس مطلباً مصرياً فقط بل هو مطلب عربي ودولي وهذا ما أدركته قيادة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حين أعلنت ترشيح الرئيس مبارك لولاية سادسة لأنها بذلك اختارت فعلا استمرار مسيرة البناء والاستقرار علي الصعيدين السياسي والاقتصادي وحسنا فعل الرئيس مبارك بموافقته علي هذا الترشيح. لقد تنفسنا الصعداء هنا في الخليج بعد هذا الاعلان لما لمصر من روابط ودور في المنطقة إذ إن أي قلقلة سياسية أو أمنية مصرية لا شك أنها ستلقي بظلالها علي العالم العربي كله خصوصاً وان الرؤية لم تكن واضحة مما جعل البعض يتخيل ان مصر ذاهبة إلي الفوضي أو أقله إلي حكم التطرف العبثي المتأسلم بقيادة "الاخوان المسلمين" وأخذ هؤلاء يروجون ان الدول العربية الفاشلة ستزيد واحدة وهذه المرة ستكون الدولة الأكبر من حيث الدور وعدد السكان. في الأشهر الأخيرة رأينا بعض نماذج الخطاب السياسي لقوي مصرية لم تقدم طوال تاريخها غير السعي إلي تخريب كل ما انجز في العقود الثلاثة الماضية بل إنها استغلت مساحة الحرية في تشويهها والدفع بالغوغاء والابرياء إلي الشوارع في تظاهرات لم يكن الهدف منها إلا محاولة ابتزاز الدولة وخلق المتاعب لها لكن القيادة المصرية عرفت كيف تتعاطي مع هذه القوي وتركت للناس ان تحكم علي اصحاب الشعارات المتاجرين بهم لمآرب خاصة وتخطت بحكمة واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخها الحديث واستطاعت ابعاد كأس الانزلاق إلي بازار الميليشيات والصراع العبثي من دون ان تتخلي عن نهجها في الانفتاحين السياسي والاقتصادي وتحقيق المزيد من الازدهار. لقد خطت مصر في العقود الثلاثة الماضية خطوات عدة في تطوير اقتصادها عبر إقامة المدن السكنية وتنويع القاعدة الاستثمارية ودخول مصارف جديدة إلي السوق وبناء الموانئ والمصانع والمطارات وزيادة دخل الفرد ولم تتخل عن دورها الرعائي إذ استطاعت ان تحدث البني التحتية سواء أكان في المجال الصحي أم الخدماتي وترافق ذلك مع انجازات سياسية وباتت هناك تعددية حزبية وحرية صحافة وزاد الاستثمار في الاعلام بالاضافة إلي التعليم مما جعلها الدولة الأكثر حضوراً وقوة نتيجة العمل الدءوب للرئيس مبارك علي تحديثها وكل ذلك تحقق بفضل الاستقرار الذي لم يفهم معناه اصحاب الرؤية المتشائمة. بعض تلك القوي الغوغائية استخدمت اسلوباً جميلاً في الحديث والشعارات وحاولت ان تظهر الصورة بوجهها السلبي حتي تخفي الحقيقة عن العالم ولذلك كان مستهجناً الحديث عن المس بالحريات هذه الحريات التي أرادتها تلك القوي مساحة للشتم والسب وسوق الاتهامات الباطلة إلي الناس من دون رقيب أو حسيب ولا ندري أي حرية يريد هؤلاء بعد ان سقط القناع عن وجوههم؟ ولا شك انهم يحتاجون إلي فهم المعني الحقيقي للديمقراطية والحرية حتي لا يصبحوا وبالاً علي وطنهم وأمتهم كما هي الحال مع بعض العرب.. والمشهدان العراقي واللبناني ماثلان للجميع كما ان المشهد في غزة واليمن ليس بعيداً عنهما. هكذا كان البعض قد تخيل المشهد المصري المزعج والسلبي للحظة لكن نقولها مرة أخري حسناً فعل الرئيس حسني مبارك بالترشيح لولاية جديدة لأن مصر القوية تعني خليجاً قوياً وعالماً عربياً قوياً وقوة مصر من قوة رئاستها التي استطاعت ان تشكل ضمانة استراتيجية للعالم العربي كله. نقلاً عن جريدة السياسة الكويتية العدد الصادر أمس السبت