أكد د.عاطف البنا استاذ القانون الدستوري وعضو لجنة تعديل الدستور أن الهجوم علي التعديلات الدستورية ليس له ما يبرره لأن تأخير الانتخابات البرلمانية لما بعد الرئاسية كما يطالب البعض سيخلق لدينا فرعوناً جديداً. أضاف لابد أن نمتلك أولاً مجلس شعب قوياً يمتلك آليات واضحة لمراقبة أداء أي رئيس قادم حتي نضمن ألا ينحرف بالسلطة ونعاني من جديد. أشار الي أن الخوف من سيطرة فلول الوطني والإخوان أوهام ليس لها سند من الواقع وتمثل كلاماً مغلوطاً ففلول الوطني مازالت في حالة انعدام للوزن ومنحها مزيداً من الوقت هو الذي سيجعلها تعيد تنظيم صفوفها. أما الإخوان فإنهم وعدوا بالمشاركة لا المغالبة وعلينا أن نثق فيهم الي أن يثبت العكس. أوضح أن بقاء المادة الثانية من الدستور والخاصة بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهي الوضع الطبيعي وأن حذفها هو الذي يفتح الباب لمخاطر جسيمة. * سألنا د.البنا.. هناك انتقادات عديدة توجه للتعديلات الدستورية التي أجريت مؤخراً والتي ستؤدي الي انتخابات مجلس الشعب أولاً ثم انتخابات الرئاسة.. فما ردك علي هذه الانتقادات؟ ** الذين يهاجمون هذه التعديلات يريدون خلق فرعون جديد ولسنا نحن.. فتنفيذ ما يطالبون به من اجراء انتخابات الرئاسة أولاً ثم نترك الفرصة للأحزاب الموجودة لكي تتفاعل مع الشارع السياسي بجانب اعطاء فرصة للأحزاب الجديدة لكي تقوم بتكوين أرضية لها هو الذي سيخلق فرعوناً جديداً حيث سيكون رئيس الجمهورية هو الآمر الناهي في هذه الحالة دون أن يكون هناك حتي مجلس تشريعي يستططيع أن يناقشه فيما يفعله أو يطالبه باتخاذ خطوات معينة للاصلاح وهذا عكس ما خططنا له كلجنة قامت بإعداد التعديلات الدستورية حيث قدمنا ما يشبه خريطة الطريق التي سوف يتم تنفيذها فبعد اجراء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية تأتي انتخابات الشعب والشوري ثم انتخاب هيئة تأسيسية لإعداد دستور جديد تماماً وستتم هذه الخطوات تحت رقابة شعبية ومشاركة فعالة واشراف قضائي كامل والتصويت بالرقم القومي. * إذن أنت مع انشاء لجنة تأسيسية لإعداد الدستور؟ ** بالتأكيد وهذه اللجنة منصوص عليها في المادة 79 مكرر التي تقول بوجوب الدعوة لانتخاب لجنة تأسيسية لإعداد دستور جديد لأن هذا الأمر لا يمكن أن يقوم به 8 أو 9 أفراد هم أعضاء اللجنة الحالية.. فكل ما نستطيع عمله وفي حدود ما كلفنا به هو اجراء تعديل علي عدد محدود من المواد المتعلقة بالضمانات الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بينما الدستور الجديد يحتاج الي حوار مجتمعي شامل يشارك الشعب بكل طوائفه من أحزاب ومجتمع مدني ومؤسسات ونقابات ومثقفين وعمال حتي يكون هناك توافق مجتمعي علي الدستور الجديد أما ما نفعله الآن فهو وضع أنفسنا علي عتبة الديمقراطية بعد أن أزال الشعب في 25 يناير حاجز الخوف وقرر أن تدار مصر من خلال ديمقراطية حقيقية. مجرد أوهام * وما حقيقة ما يقال من أن الاسراع باجراء انتخابات مجلس الشعب سيؤدي الي سيطرة فلول الوطني والإخوان بسبب قدرتهما علي التنظيم والحشد خاصة في ظل ضعف الأحزاب الأخري؟ ** هذه مجرد أوهام واسهام مغلوط يردده البعض والعكس هو الصحيح.. ففلول الحزب الوطني الآن في حالة انعدام وزن وخوف من مواجهة الجماهير ولا تستطيع في هذه المدة البسيطة منذ سقوط النظام السابق أن تقوم باعادة تنظيم صفوفها.. أما الانتظار لوقت أطول فهو الذي سوف يعطيها الفرصة لأن تعيد تجميع صفوفها إما من خلال بث دعاية مضادة أو اعادة الظهور في شكل مختلف وبالتالي يمكن أن تحقق انتصاراً في الانتخابات القادمة. أما فيما يخص الإخوان المسلمون فيجب ألا نعطيهم أكثر مما يستحقون فقد حصلوا في آخر انتخابات علي 88 مقعداً صحيح أنه كانت هناك بعض حالات التزوير ضدهم ولكن بصفة عامة أن أعلي نسبة يمكن أن يحصلوا عليها في أي انتخابات يتم اجراؤها بنزاهة وحيادية تامة هي 30% من عدد المقاعد ومن ثم فلا داعي لأن نظل نستخدم الإخوان كفزاعة مثلما كان يفعل النظام السابق وأعوانه خاصة وأن الإخوان أعلنوا صراحة أنهم سوف يشاركون في الحياة السياسية من باب المشاركة لا المغالبة ومن ثم لن يسعوا للترشيح في كافة الدوائر ولكن في عدد محدود منها وعلينا أن نثق فيهم الي أن يثبت العكس وبصفة عامة فنحن اذا كنا نسعي الي اقامة نظام ديمقراطي سليم فعلينا أن ننصاع جميعاً لحكم الصندوق الانتخابي ونتقبل ما يفرزه لنا سواء إخواني أو ليبرالي أو شيوعي أو يميني أو يساري طالما أن هناك فهما لقواعد إدارة الحكم ومراعاة للظروف الداخلية وعلاقاتنا ومصالحنا الخارجية. أما فيما يخص ضعف الأحزاب القائمة فليس منطقياً أن نظل منتظرين حتي تقوي هذه الأحزاب فقد مر علي قيام بعضها ما يقرب من 34 عاماً حيث نشأت في عام 77 ولم تثبت وجودهاا في الشارع السياسي وليس مطلوباً أن ننتظر نفس المدة مرة أخري حتي تقوي هذه الأحزاب لأنني بصراحة أشك في ذلك حتي لو انتظرنا 50 عاماً أخري لأن هذه الأحزاب نشأت بقرارات فوقية وليست نابعة من وسط الجماهير وظلت طوال السنوات الماضية مجرد ديكور فقط لاستكمال الشكل وإيهام البعض بوجود معارضة في مصر. الفصل في عضوية النواب * وماذا عن اعتراض البعض علي اسناد مهمة الفصل في صحة عضوية النواب للدستورية العليا؟ ** هذا الأمر دارت حوله مناقشات عديدة داخل اللجنة وتم اقرار هذا النص بأغلبية الأراء وان كنت أري أن محكمة النقض في الفترة الماضية كانت مجرد محقق حيث لا تعطي حكما نهائياً في الطعن علي صحة العضوية بل ترفع تقريراً الي مجلس الشعب وأيضاً المحكمة الدستورية يوجد بها نقص في عدد المستشارين حيث لا يتجاوز عددهم 19 مستشاراً ولهذا كنت أفضل أن يتم اسناد الأمر الي القضاء الإداري وخاصة الإدارية العليا حيث إنه حكم عملها مطلق علي كل القضايا في مجال الانتخابات وكذلك هي أفضل من يفصل في الطعن وهناك رأي آخر لا أمانع في الأخذ به وهو تكوين مجلس أعلي من ممثلي النقض والدستورية والإدارية العليا للفصل في الطعون الانتخابية. المادة الثانية * وماذا عن الجدل الدائر في بعض الأوساط حول المادة الثانية من الدستور الخاصة بالنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع؟ ** يجب أن نتفق أولاً أنه لا يوجد كهنوت في الإسلام وليس هناك سلطة لرجال الدين علي أحد والمقصود بالمادة هنا الحضارة والثقافة الإسلامية بمبادئها الكلية التي ليس بها تضييق علي أحد أو منعه من أدائه لشعائره الدينية في حرية كاملة وهذه المادة موجودة منذ دستور 23 والذي ساهم في وضعه بعض المسيحيين واليهود في لجنة الثلاثين التي شكلها الملك ولم تحدث أية مشاكل نتيجة ذلك ولهذا أري أنه لا يجب الاقتراب من هذه المادة تحت أي ظرف من الظروف لأن بقاءها لن يؤدي مطلقاً الي أي مخاطر ولكن الخطر الحقيقي سيحدث عندما يتم تعديلها. قوانين الدستور * أخيراً ماهي القوانين المتصلة بالدستور والتي سيتم تعديلها أيضاً.. ولماذا تأخر الإعلان عنها حتي الآن؟ ** هناك قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانونا مجلسي الشعب والشوري وانتخابات رئيس الجمهورية وقد قطعنا الجزء الأكبر من تعديلاتها إلا أننا لم نعلن عنها ولم تصدر إلا بعد اقرار التعديلات الدستورية من خلال الشعب في الاستفتاء لأنها مرتبطة بالتعديلات.