منذ قيام ثورة 25 يناير بدأ تساقط رموز الفساد من العهد السابق والمسئولين السابقين بداية من قمة السلم حيث الوزراء وكبار رجال الأعمال.. سقوطهم كشف أرقاماً خيالية ليس للأموال فقط بالداخل والخارج لكن أيضاً لممتلكات مثل القصور والمنتجعات والطائرات والشركات وغير حامين الأصول التي تحوم الشبهات بشدة حولها.. ومن أنها تحققت بطرق غير مشروعة وباستغلال النفوذ وثغرات القوانين بل وأيضاً بتفضيل القوانين واللوائح لتتفق مع نزوات هؤلاء في التملك للأراضي ولغيرها!! لنسمع جملاً مثل الفساد المقنن أو المنظم!! مما أثار سؤالاً لدي الكثيرين هو هل يمكن مصادرة هذه الممتلكات أو تأميمها ليسترد الشعب أمواله وممتلكاته؟ البعض تحمس لفكرة المصادرة الفورية من خلال لجنة تتم تشكيلها تقوم بفحص المستندات والتأكد من التلاعب والاستغلال والبعض الآخر تحفظ علي ذلك رافضاً الإجراءات الاستثنائية ومطالباً بالتحقيق من خلال النيابات والمحاكمة أمام القاضي لطريق وحيد لاسترداد الحقوق. يقول د. جودة عبدالخالق- أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: بقيام الثورة سقط نظام وقام نظام جديد يستمد شرعيته من الثورة أي من الشعب الذي قام به وقدم الشهداء ومازال يقدم التضحيات.. ومن حقه أن يسترد حقوقه من اللصوص المتمثلين في رموز النظام السابق والمسئولين السابقين والذين تملكوا القصور والمنتجعات والأراضي والأصول متعددة الأوجه باستغلال النفوذ. يضيف أن الاسترداد يكون بالمصادرة الفورية وبمجرد التحقيق وتقديم المستندات.. فمثلاً من يمتلك قصراً منيفاً نطالبه بكشف ما لديه من مستندات للملكية فإذا كان اشتراه بمبلغ معين وقيمته الحقيقية أضعاف هذا المبلغ وقت الشراء نرد له ما ندفعه ونصادره لصالح الشعب. يوضح أن هذه الإجراءات يمكن أن تتم من خلال لجنة تشكلها وزارة العدل من خبراء ورجال قانون وقضاة وبشرط أن تسبق العدالة كل شيء حتي لا يؤخذ الصالح والكادح كما يقولون.. فالشرعية الجديدة يجب أن تراعي التحقق وفحص المستندات قبل الإدانة. عبدالله خليل المحامي والخبير في حقوق الإنسان يؤكد أنه رغم تعطل الدستور لفترة مؤقتة إلا أن الأحكام الدستورية تنص علي عدم جواز المصادرة إلا بحكم قضائي يثبت من خلاله أن تلك الأملاك ناتجة عن تربح أو اختلاس أو أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو أي قوانين أخري ثم تقضي المحكمة بمصادرتها لصالح الخزانة العامة ولابد أن تطالب النيابة بالمصادرة. يري أن التحقيقات التي تتم حالياً في قضايا الفساد المتعددة تحتاج لفنية شديدة لكشف أسلوب التحايل علي القانون وتقديم الأدلة علي استغلال القانون لتحقيق مكاسب غير مشروعة.. لأن تحقيق المكاسب باستغلال القانون لا يعفي من العقاب.. وذلك رداً علي ما يتردد حالياً من أن معظم الفساد يتم بالقانون أو هو فساد منظم أو مقنن!! يضيف أن لدينا جهات منوط بها جمع المعلومات مثل البوليس.. وهناك أيضاً الرقابة الإدارية لكنها تعمل من خلال مجلس الوزراء وهذا لا يجوز لأنها من المفروض أن تكون مستقلة.. كذلك هناك الجهاز المركزي للمحاسبات وهو تابع لرئاسة الجمهورية والمفروض أيضاً أن يكون مستقلاً.. وقد طالبت بذلك مبادرة الإدارة الرشيدة الصادرة عن مؤتمر عقد في الأردن عام 2006 لكن مصر لم تأخذ بتلك التوصيات رغم حضورها المؤتمر!! رداً علي مطالبة البعض بالمصادرة الفورية أو التأميم لتلك المكالمات قال: لا يجب أن نشجع الإجراءات الاستثنائية فالعدالة لا تتحقق إلا أمام القاضي الطبيعي ووفقاً للقوانين العادية.. لكن لابد من تعديل قانون السلطة القضائية بما يتيح الاستقلال الكامل للقضاء ويمنع تدخل وزير العدل في شئون القضاة.. فيكون تبعية كرؤساء المحاكم ويتقصر دور وزير العدل علي الأعمال الإدارية.. فتكون الوزارة هي الوسيط بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية فيما يتعلق بالموازنة والمرتبات دون أن تتدخل في إدارة العدالة. منير فخري عبدالنور نائب رئيس حزب الوفد له رؤيته الخاصة في هذه القضية.. فكل المتهمين أبرياء حتي تثبت إدانتهم ولا يصح أن نصدر الأحكام المسبقة بدون تحقق.. فإذا تم التحقق من الاتهامات التي تؤكد أن هذه الأملاك جاءت باستغلال النفوذ والتربح فيجب إعمال وتطبيق أحكام القانون وفيها الكفاية من إجراءات رادعة تعيد الحق لأصحابه. من هذا المنطلق هو يرفض الإجراءات الاستثنائية التي يطالب بها النقض مثل التأميم أو المصادرة الفورية فهي أساليب عفا عليها الزمن..