كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير من صنع الشباب هم الذين أعدوا لها وتحركوا من أجل تغيير الحياة علي الأرض المصرية بداية ما حدث تعود إلي ما قبل الحدث العظيم الكتابات التي بشرت بالثورة. يتحدث د. حسن طلب عن قصيدة كتبها في عام 2005 عقب فوز الرئيس مبارك في الانتخابات ورغم تخوف أصدقائي من نشرها فقد نشرتها في جريدة الدستور وثمة إبداعات كتبت عن الحرية مثل صنع الله إبراهيم ال ذي عري- في أعماله- النظام السابق وكشف الشعر الذي نشر في الفترة الأخيرة فساد الواقع وزيفه والشباب علي دراية ومتابعين ولهم وعي سياسي قد يكون أنضج من يعرفهم بالأدب وهذا الشباب المتعلم والمثقف يتعامل مع وسائل التكنولوجيا المعاصرة والإعلام يستطيع أن يقدم لمن يقرأ الإبداع أن يتعرف عليه من الانترنت وعلي نماذج من الأدب الرفيع وكذلك المواقف الخاصة بالأدباء هذا أمر لا يمكن أن يمر هكذا الشباب يعرف من معه ومن الذي ليس معه واستغله النظام وكان بوقاً دعائياً له لقد نشرت الميديا الوعي الثقافي الوعي الثقافي العام لكن- كما سبق القول- لم يكن الأدب كانوا علي معرفة بالناس مواقفهم واتجاهاتهم الفكرية في مقابل من يماليء السلطة وينافقها فهم يستطيعون أن يكشفوا هذا من ذاك وللأسف فإن القائمين علي المؤسسات منذ مصادرة الروايات الثلاث سنة 2000 حجبوا دور الأدب مع ذلك فقد تسربت أجزاء من الإبداع إلي النشر فما الأمر لو كان هناك حرية تعبير أكثر؟ لقد تسبب الموظفون والمخططون التابعون لفاروق حسني مثل جابر عصفور ممن منعوا كل صوت يدعو إلي الحرية ويواجه الطغيان. ورغم الحصار المضروب علي الكلمة الحرة فقد كانت الكلمات والقصائد والقصص تصدر ويقرأها الناس . والأدب- في تقدير د. أحمد شمس الدين الحجاجي- لم يمهد للثورة كان يتكلم في استحياء عن الظلم والواقع الاجتماعي والفساد هناك صحف معارضة حاولت السلطة إسكاتها بل أسكتتها فشل الأدب في الكشف عما حدث في الانتخابات الفائتة لم يتكلم عنها أساتذة الجامعة كانوا يتكلمون شفاهة مع طلبتهم لكن كلماتهم إلي تتحول إلي أسطر مكتوبة كثير من الصحفيين كانت لهم علاقات برموز الحكم ويحاولون الآن الحديث عن الثورة وثمة أدباء تحدثوا عن فساد الحاشية كما قرأنا في رواية جبريل "رجال الظل" وعن الظلم والفساد كما قرأنا في رواية الأسواني "عمارة يعقوبيان" لكن الرمز لا يفيد أذكر أن شاعرة مغربية ألقت قصيدة أمام الملك الحسن وصفق لها الملك. وكانت القصيدة ضد الملك فخرجت وهتفت فليسقط الرمز وحده لا يفيد في مثل هذه الظروف أذكر رجلاً مثل حسن نافعة لم أتوقف عن قراءة كلمة كتبها ضد الظلم وضد التوريث وأيمن نور ودوره الفاعل في جبهة التغيير ومهما تعددت المؤاخذات علي البرادعي فقد أعطي أملاً بالتغيير وثمة ابراهيم عيسي وأسامة الغزالي حرب والكثير من الصحفيين المعارضين الذين لا أستطيع أن أعدهم قد لعبوا دوراً كبيراً أما المبدعون فلعلي أشير إلي أحدهم الذي حاول أن يقتحم الثورة وتناسي أنه كان يعمل نديماً للحاكم من تحرك للثورة هم الناس والظلم الاجتماعي البادي للكل وقد تصورت أن الحكاية ستتأخر إلي سبتمبر عندما يعلنون عن جمال مبارك كمرشح للرئاسة ورجال الرئيس كانوا يقولون كلاماً متناقضاً كل واحد يختلف مع الآخرين وهناك شخصيات مهدت بتصرفاتها السلبية للثورة مثل أحمد عز وجمال مبارك الثورة لم تعد للشباب فقط إنما أصبحت لكل المصريين والفقراء والمعدومين . ويجد د. حسين حمودة أن دور الأدب لم يكن كبيراً جداً في التمهيد لثورة 25 يناير هناك بعض الأعمال الأدبية التي كشفت الكثير. لكن لم يكن الأدب دور كبير في التمهيد لهذه الثورة لأن قراء الأدب- كما نعرف- ليسوا أعداداً غفيرة ولأن هذه الأعمال التي أشرت إليها لم يكن لها الدور المؤثر الكبير طبعاً هناك في بعض المراحل التاريخية إمكانية لقيام بعض الأعمال الأدبية بدور كبير في تغيير المجتمعات تغيراً كبيراً أو أساسياً ولعلنا نذكر رواية "كوخ العم توم" التي أسهمت بدور كبير في تحرير الزنوج وفي تغيير وجه الحياه الأمريكية كلها لكن هذا الوضع ليس متاحاً دائماً في كل المجتمعات وفي كل الفترات التاريخية أتصور أن الدور الأكبر لهذة الثورة التي تطالب بالتغيير يرتبط أكثر ما يرتبط بالإفادة من وسائط الاتصال الحديثة الممثلة في الانترنت إذ قامت هذه الوسائط بالدور الأكبر في جمع كل هؤلاء المتجتمعين ثم الدفع بهم إلي الجهر بما ظلوا يحلمون به لسنوات طويلة ولا يستطيعون الإفصاح أو الاعلان عنه. ويشير د. رمضان بسطاويسي إلي عوامل كثيرة ما يمكن أن نسميه بالواقع الافتراضي لأنه يزيح محدودية الواقع ويفتح آفاق الواقع أمام التجربة الانسانية ويجعل الانسان قادراً بالتالي علي ممارسة الحرية حركة الإبداع والخيال في الإبداع يتضح من خلال تلك المشاركات الفاعلة عبر العالم الافتراضي ومن ثم نتعرف علي إطار جديد للواقع قامت بتشكيل الواقع حيث يكشف عن الامكانيات الداخلية لا يمكن ان ننكر دور إبداع الأدباء الجدد حيث أدخلوا اليومي وما يشبه في تجربة ونسيج الكتابة لم يعد الانسان يخجل من الأفعال اليومية بكل ما فيها وصارت البطولة لكل ما هو عادي وواقعي ويومي وكل ما يمارسه المجتمع في الواقع فصار للبطولة معني جديد وسنكتشف بعد فترة أن هناك مستويات جديدة قد لا نكتشفها الآن لكن سيتم اكتشافها فيما بعد ومن الطبيعي كما يقول الروائي حسني سيد لبيب- أن يتفاعل الكاتب مع الثورة الوليدة وهذه الثورة ترجمة لحال المجتمع لما لاقاه من ظلم وكبت للحريات ولكن الإبداعات التي علا فيها صوت الفنان معبراً عن الواقع المهين الذي تعرض له ولعب الأدب دوراً مهماً في دق ناقوس الخطر وتهيئة الأجواء لقيام الثورة وكان صوت الروائي عالياً بقدر ما كان يعطي للنص الروائي من مساحة لرسم الشخصيات وتصوير علل المجتمع المصري ولعلي أشير إلي ما تضمنته قصص مجموعة "أخبار الوقائع القديمة" مثل قصة "كيف أذوق حلاوة ما لا أعرفه" و "انكسارات الرؤي المستحيلة" وثمة بعض الأعمال الأدبية- في رأي د. أحمد عتمان- قدمت حلماً يكاد يكون أمنية عن الثورة أنا شخصياً في بعض مسرحياتي تنبأت بهذا منذ زمن طويل وعلي سبيل المثال فإن مسرحيتي "الحكيم لا يمشي في الزفة" تتحدث عن الحكيم من خلال وجهة نظر نقدية وأذكر كلمة الناقد الكبير الراحل عبدالعزيز حمودة أن المسرحية لا علاقة لها بتوفيق الحكيم الحكيم مجرد ستار لتقديم نقد سياسي لاذع وشفاف وهناك أدباء كانت لهم مصالح مع النظام السابق وتهافتوا عليه وأدباء كانت لهم مواقف واضحة للجميع المفروض في الأديب أن يكون مفكراً وله وجهة نظر ويكون مع الشعب أما الأديب الذي يبحث عن منافع ومغانم فعلية أن يدفع ثمن ذلك والناس تعرف أما الضحك علي الذقون فأمر غير مقبول كنت أقول هذا في محاضراتي لطلابي وعن طريق الأدب عبرت عن رأيي ومع ذلك فهذه الأحلام والتنبؤات وكل ما أحدثه الشباب الصغار كنا نحلم به ونتنبأ بحدوثه لقد تغيرت صورة مصر.