في مصر.. نكاد نأكل بعضنا بعضاً من أجل السلطة والحصول علي مكاسب خاصة. وفي مصر نستخدم كل الأسلحة ضد بعضنا.. ولا يمنع ذلك من خطف جنود أو قتلهم. وفي مصر تقف السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ضد بعضها البعض في عداء مستحكم كل منها تريد أن تغتصب سلطات الأخري. وفي مصر نعاني اقتصاداً منهاراً وتدهوراً في الخدمات ونكوصاً عن العمل والانتاج. في مصر الكثير والكثير من الخطايا والأخطاء التي أفرزها المجتمع بعد قيام ثورة يناير حتي لا نكاد نشعر أننا في دولة يحكمها القانون.. بل في غابة مليئة بالسباع المتحفزة للصراع والقتال. يجري كل هذا ونحن غافلون بل لاهون عن المصائب التي تنتظرنا وخاصة من البوابة الجنوبية. معلوماتنا عن سد النهضة الأثيوبي نادرة ندرة المياه التي ستصلنا بعد إتمام بنائه.. وأبشروا أيها المصريون.. فأثيوبيا تنوي أن تبيع لنا مياه نهر النيل بعد بناء السد الذي بدأ تنفيذه بالفعل.. ولم لا؟ أليس العرب يبيعون بترولهم للعالم؟ فلماذا ننكر علي أديس أبابا بيع مياه النهر الخالد لنا بعد سنوات قليلة عندما تتحكم في إطلاقها أو حبسها عنا؟! هذه البشري جاءتنا من وزارة الموارد المائية والري بالسودان من خلال دراسة أعدتها وحذرت فيها من اتجاه أثيوبيا لبيع المياه لمصر والسودان. وأكدت أن سد النهضة سيسبب أضراراً شديدة للدولتين. قالت الدراسة التي أعدها حيد يوسف بخيت مقرر اللجنة العليا للفيضان بالوزارة ونشرتها صحيفة الوطن إن حجم المياه التي سيتم تخزينها أمام السد الأثيوبي يقدر ب 74 مليار متر مكعب. وهي أعلي من الإيراد الطبيعي للنيل الأزرق الذي يبلغ 48 مليار متر. وهذا سيؤثر علي خفض الإيراد الشهري لهذا النهر. ويعني أن أثيوبيا تؤكد أن مياه النيل ملك لها وتستطيع التحكم فيها. ولم تكتف أثيوبيا بذلك بل أعدت لمصر مفاجأة أخري تستقبل بها الرئيس الدكتور محمد مرسي الذي وصل إلي أديس أبابا بالأمس علي رأس وفد يضم وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد بهاء الدين للمشاركة في الاحتفال بمرور 50 عاماً علي انشاء منظمة الوحدة الأفريقية التي تحولت فيما بعد إلي الاتحاد الأفريقي. ولكن ماهي هذه المفاجأة؟ لقد أسندت الحكومة الأثيوبية إلي شركة إسرائيلية عملية إدارة وتوزيع ونقل الكهرباء في أثيوبيا ومنها الكهرباء المنتجة من سد النهضة الذي يجري تنفيذ مرحلته الأولي الآن.. ما يعزز الوجود الإسرائيلي في منابع النيل ويؤثر علي الأمن القومي المصري. قالت مصادر موثوقة لصحيفة "الأهرام" إن أثيوبيا ماضية في إقامة السد بصرف النظر عن النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة الثلاثية لتقييم آثاره. والتي ستنتهي من عملها مع نهاية مايو الحالي. المفاجأة الأخيرة التي نقلتها "الأهرام" عن مصادرها الموثوقة أن هناك عدة دول كبري وبعضها خليجية تقدمت بمقترحات لاقامة استثمارات زراعية كبري في مئات الآلاف من الهكتارات تعتمد علي المياه في البحيرة التي ستتكون أمام السد بما يؤثر علي حصة مصر من مياه النيل. هكذا تعمل الدول.. وهكذا تتصرف للنهوض باقتصادها وبما يعود علي شعبها بالخير لا تلوي علي شيء إلا ما يحقق مصالحها فقط!! ويكفينا ما نحن لا هون فيه.. نتطاحن ونتنابذ ونتقاتل ويتم خطف جنودنا.. ونقيم الأفراح والليالي الملاح للافراج عنهم. ونكتفي بالفقر وخلق المشاكل لبعضنا البعض. نحن في واد.. والعالم في واد آخر. وعلينا أن ننتظر ما تسفر عنه زيارة الرئيس لأثيوبيا.