في خضم الأحداث التي نعيشها هذه الأيام وتلك الآلام التي تعصر الفؤاد وتثير الأسي وتحرك المشاعر نتيجة الاختلافات وذلك التشرذم خاصة بين أبناء التيارات الاسلامية رغم أن الانتماء للاسلام يحفز كل مسلم نحو الوحدة والابتعاد عن الانقسام "ان هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" "92 الانبياء". نترك هذا الجو الملبد بالانقسامات ونلجأ الي ساحة رجال ضربوا المثل في الالتزام بالعمل الصالح فيما يفيدهم وما ينعكس علي مجتمعهم بالخير الكثير.. لم ينشغلوا كثيرا بالاقوال والحوارات وغير ذلك مما تموج به الساحة وانطلقوا يعبرون بسلوكياتهم الطيبة أفضل النماذج التي تؤكد ترجمة مافي صدورهم من ايمان بالله ورسله وملائكته الي اعمال علي أرض الواقع تطبيق لقيم الاسلام وسماحته في حدود قول الله تعالي: فأتقوا الله ما استطعتم" لم يتقاعسوا عن فعل خير أو اقدام علي صلة الجار والتراحم مع كل من يتعاملون معهم. وحتي لاتكون هذه الاشارات وتلك العبارات نسيج من الخيال فإنني اضع بعض هذه النماذج من رجالات في القديم والحديث اثروا الحياة بافعالهم وسلوكياتهم التي كانت مثار حديث الكثيرين ممن عايشوهم وشاهدوا أعمالهم وسط الناس دون ميل للشهرة او الشو الاعلامي كما نقول بلغة عصرنا هذه الايام ان شغلهم الشاغل هو العمل والزام النفس به دون نظر الي الاخرين. فكانوا قدوة بحق واستحقوا ان يجري تسجيل اعمالهم وكتابة اسمائهم في سجلات الشرف كما يقول شيخنا الجليل عبدالحميد كشك رحمه الله خاصة أننا في أيام تحتاج فيها الاجيال الي قدوة تتأسي بها في العمل الجاد وبذل اقصي الجهد من اجل نهضة الامة وتشييد قلاع الصناعة والتجارة وغيرها مما يساهم في دعم المجتمع وتقوية بنيانه. في مقدمة هؤلاء الرجال اذكر رجلا زاده الله بسطة في العلم والجسم يعيش بيننا هذه الايام يعاصر كل مايجري في مصر من احداث ومجادلات رجل يؤدي عمله علي أكمل وجه خلق طيب وسلوكيات تتضاءل الكلمات في وصفها لا يلتفت الي اقوال مثبطي الهمم ولم يركن الي التكاسل ولم يعبأ بما يشاع عن الحاسدين يرتدي افضل الملابس وأكملها اناقة يستلفت النظر بما افاء الله عليه من بسطة في الجسم وبهاء في المظهر المتواضع يبدو في مشيته الابتسامة لاتفارقه كل همه كثرة الخطوات الي المسجد تراه قبل حلول وقت اي صلاة ينطلق الي بيت الله بسكينة تضفي عليه بهاء وتزيده قوة في اسراع الخطي ورجاء يتردد في داخله بأن يتقبل الله عمله دون رياء او انشغال بالبشر. هذا الرجل اردت منافسته في الاتجاه الي المسجد لكنه غلبني فحينما كنت اذهب قبل موعد الصلاة مثلا بربع ساعة اجده قد سبقني وفي الفجر لايستطيع احد منافسته ومكأنه في الصف الاول دائما حتي اصبح علامة بارزة بطول جسمه الفارع بشرته تميل الي الحمرة بصدق في حقه قول الله تعالي "سيماهم في وجوههم من اثر السجود" قلبه يفطر رحمة يحرص علي زيارة جاره والاحسان اليه وقد التقيت به صدفه مع هذا الجار وجري بينهما حديث ودي حول المرض الذي الم بهذا الجار نتيجة الافراط في التدخين ومن بين ما قاله له نصحتك كثيرا وتحملت كثافة الدخان الذي كان ينطلق ليلا فيصيبنا بالاذي وكم دعونا الله ان يخلصك من هذه العادة واذا بالجار يبتسم قائلا. لقد صحوت بعد فوات الأوان وياليتني استجبت لنصائحك انني لم اقلع عن التدخين الا بعد عملية قلب مفتوح وجراحات نتيجة هذا العمل والحمد لله لقد تخلصت من كل ذلك. ثم شكر هذا الرجل الذي تحمل وصبر ولم يبخل بالنصيحة. انه نموذج من أبناء مصر الطيبين وفي أحد اللقاءات جري بيننا حوار قلت له: ان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قال: اذا رأيتم الرجل يرتاد المسجد فاشهدوا له بالصلاح وأتت والحمد لله كثيرا الخطوات مبكرا الي بيت الله لكنه بادرني قائلا: انني ابذل هذا الجهد وفي داخلي رجاء الي ربنا سبحانه ان يتقبل هذا العمل وان يجعله خالصا لوجهه الكريم. ثم اردف قائلا: انني اعمل لنفسي قبل انتظار عطاء الاخرين كلمات عبر بها عن مدي الايمان الذي استقر في القلب وملأ وجدانه. في قرارة نفسي قلت: ان الحكمة نعمة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده وتركت الرجل ولساني يلهج بالدعاء له مردداً ان لله رجالا نذروا انفسهم للعمل الطيب انه نموذج وقدوة طيبة لاجيال هذه الايام. علي نفس الطريق كان السلف الصالح فقد تركوا لنا آثارا طيبة وكانوا نجوما اهتدي بسلوكياتهم كثير من العباد انهم استحقوا بجدارة ان يطلق عليهم لقب السلف الصالح وليس الذين يتمسحون بهؤلاء الرجال دون التزام باسلوبهم في السماحة وحسن الخلق او التعامل بالحسني. من هؤلاء النجوم رجل اسمه ايوب السخيتاني قال عنه الحافظ ابونعيم عبدالله الاصبهاني في كتابه "حلية الاولياء" هو فتي الفتيان سيد العباد والرهبان المنصور باليقين والايمان عن الخلق آيسا بالحق انسا قال عنه سعيد بن راشد وغيره ومن الرجال ان الامام الحسن بن علي بن ابي طالب قال: ان ابا ايوب سيد شباب اهل البصرة وقال عنه هشام بن عروة لم ار في البصريين مثل ايوب وقد افاض في الحديث عنه كثيرون ومما نقله الاصبهاني عن ايوب ان علي بن ميمون ابوحمزة قال حين قدم لصلاة الجمعة انه رأي البارحة في المنام ابوبكر وعمر رضي الله عنهما فقال لهما ما جاء بكما؟ قالا جئنا لنصلي علي ايوب السختياني وقد اخذ الرجل يقول لمحدثه تفاصيل هذا المنام ولم يكن قد علم بعد بوفاة ايوب مما يوضح ان اهل الصلاح لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الاخرة انها نعم الله يفيض بها علي من يشاء من عباده ولاحرج علي فضل الله وصدق الله العظيم اذ يقول "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم". وقوله "الا ان أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون.. الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الاخرة لاتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم" لمثل هذا فليعمل العاملون ومن الذي يجدر بنا ذكره في هذا المقام ما جاء علي لسان امير المؤمنين أبي حفص عمر رضي الله عنه: ان امير المؤمنين لايأخذ من الغنائم الا مايفرض من هذه الغنائم لبيت المال. وليس من حكم الاسلام ان يأخذ الخليفة اكير مما افترض له والا يكون قد اخذ اكثر مما يستحق وهذا يغضب الله سبحانه وتعالي. وعمر حريص كل الحرص علي عدم اغضاب ربه وقانع تمام الاقتناع بما قاله رسول الله صلي الله عليه وسلم ان الدنيا ومتاعها لاتساوي جناح بعوضة ولهذا خرج ابن الخطاب من الدنيا لا له ولا عليه وصدق حافظ ابراهيم حين قال: فمن يباري ابا حفص وسيرته.. أومن يحاول للفاروق تشبيها. هذه النماذج الطيبة هم القاعدة الاساسية في بناء مجتمع الطهر والعمل الصالح واسوة حسنة للاجيال المتعاقبة في كل زمان ومكان. ولقينا ندرك ان الله قد نبه الي حقيقة يفضل عنها كثير من الناس واشار اليها صراحة في سورة غافر "انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد "51 غافر" وقد كان النصر حليف هؤلاء الصالحين وكانوا سبب انتصار المسلمين في كل معاركهم سواء مع خصوم الاسلام او في معارك الحياة "ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم" هذا هو طريق الفلاح لكل من اراد الفوز في اي معارك يخوضها النصر والتوفيق حليف اهل الايمان ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد.