أؤيد تماماً تغليظ عقوبات الاعتداء علي الشرطة وتجريم قطع الطرق بعد أن زاد هذا وذاك إلي درجة مفزعة لا تطاق. لكني في نفس الوقت .. أطالب أيضاً بتغليظ عقوبات الاعتداء علي المتظاهرين السلميين سواء من الشرطة أو من أي فصيل معارض لهم. لقد ذقنا جميعاً المر والحنضل بعد جمعة الغضب في 28 يناير 2011 عندما سقطت الشرطة وانهار الأمن تماماً وهرب أكثر من 30 ألف سجين جنائي عاثوا في أرض الكنانة فساداً وافساداً. شاهدنا بأنفسنا وسمعنا بآذاننا وقرأنا بأعيننا كيف كانت المولات والمحلات والمؤسسات تقتحم وتحرق. وكيف كان المارة يتم تثبيتهم في وضح النهار وبالشوارع الرئيسية المكتظة. وكيف تخطف النساء وتغتصب والأطفال ويطلب فيهم فدية وتسرق السيارات تحت تهديد السلاح. وكيف تهاجم مديريات الأمن وأقسام الشرطة ويتعرض أفرادها للضرب بالمولوتوف والسلاح الناري والأبيض وغيرها.. كيف عشنا بلا أمن أو أمان.. بلا "ظهر" يحمينا ويصد عنا اجرام المجرمين وانفلات المنفلتين وأمراض واغراض المرضي والمغرضين. كان البديل الذي لم تستفت عليه أو تؤخذ مشورتنا فيه هو الجيش.. وكان ما كان من اخطاء للمجلس العسكري وكان ما كان من تطاول البعض علي هذه المؤسسة الوطنية الشريفة. وكان ما كان من عودة القوات المسلحة إلي ثكناتها بعد ان استردت الشرطة الجزء الأكبر من عافيتها. مع هذا.. مازال الهجوم مستمراً علي الشرطة.. البعض يريد إذلالها واهانتها. والبعض الآخر يسعي لاسقاطها من جديد.. وهم لا يدركون ان الاذلال والاهانة لن يكونا في صالح الشعب وان الاسقاط هذه المرة سيكون "لمس أكتاف" ونهاية أبدية لأمن هذا البلد وأمان مواطنيه. وهناك أمر آخر لا يدركون عواقبه. وهو ان البديل الطبيعي الذي سيحل محل الشرطة وقتها وفق الدستور هو الجيش ثانية.. وبالطبع سيكون بديلاً محفوفاً بالمخاطر للدولة والشعب. أنا شخصياً ضد نزول الجيش .. ليس كراهية فيه بل حباً وعشقاً وهياماً فيه وغيرة عليه للدرجة التي لا أحب ان يتطاول عليه ثانية كائن من كان.. نعم نحبه.. ولكن لا نريده بديلاً للشرطة في الشوارع. من حق كل مواطن ان يعبر عن رأيه بصراحة وفي أمان بالتظاهر السلمي دون ان يعتدي عليه شرطي أو معارض. ومن حق كل مواطن ان ينهي مصالحه ولا يتعطل بسبب مظاهرة أو قطع طريق أو حتي امكانية تعرضه لمخاطر. ومن واجب الشرطة ان تطبق القانون علي الجميع.. ومن حقها الا يعتدي أحد عليها ولا علي منشآتها ولا أي منشأة عامة أو خاصة.. والا يقطع طريق مما يتسبب في اضرار جسيمة لجموع الناس. لقد آن الأوان لكي ينضبط الشارع ويأمن الناس علي حياتهم وممتلكاتهم دون انتقاص من حقوقهم في ابداء الرأي بسلمية.. وهذا لن يكون الا اذا غلظت عقوبات الاعتداء علي الشرطة وعلي المتظاهرين وجرم قطع الطرق. يجب أن يشعر الجميع بأنهم يعيشون في دولة تحترم المؤسسات والحريات وتطبق القانون .. لا في غابة وفوضي.