* د. علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق في الفترة من 4 سبتمبر 1985 وحتي 9 نوفمبر 1986 حاصل علي دكتوراه في الاقتصاد من جامعة لوزان. كما عمل وزيرا للمالية في عهد الرئيس السادات وله أكثر من ثلاثين بحثا باللغات العربية والانجليزية والفرنسية في المجال الاقتصادي ومنها: التطور الاقتصادي ومؤشرات التخلف الاقتصادي. والتخطيط الاقتصادي والتنمية الاقتصادية وغيرها. حصل د. علي لطفي علي كثير من الجوائز والأوسمة منها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 1992. كما منحته فرنسا والسويد كثيرا من الجوائز. "المساء الأسبوعية" حاورت د. علي لطفي في قضايا الساعة وعلي رأسها الأزمة الاقتصادية. * في البداية سألناه: ما المؤشرات التي تؤكد علي الوضع الصعب والخطر علي اقتصاد مصر حاليا والتي أشرتم إليها في بداية حواركم معنا؟ ** هناك 16 مؤشرا هي علي التوالي: عجز الميزان التجاري الذي وصل لأكثر من 30 مليار دولار. عجز ميزان المدفوعات الذي وصل لنحو 11 مليار دولار حتي نهاية 2012. عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 140 مليار جنيه ومتوقع وصوله إلي 200 مليار جنيه بنهاية هذا العام. انهيار السياحة. توقف الاستثمار الأجنبي المباشر. توقف الاستثمار العربي والأجنبي بالبورصة. انخفاض سعر الصرف للجنيه المصري أمام الدولار وباقي العملات. تزايد البطالة لنسبة 13%. إغلاق العديد من المصانع الذي وصل لعدد من 2000 إلي 3000 مصنع. انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار إلي 13 ملياراً ونصف المليار دولار رغم زيادته في الأيام الأخيرة بما حصلنا عليه من تحويلات قطرية وليبية. زيادة الدين العام الخارجي حتي وصل إلي 42 مليار دولار. تخفيض التصنيف الائتماني لمصر 5 مرات حتي وصل إلي "C). تزايد حالات الإفلاس. وأخيرا تناقص مساحة الرقعة الزراعية بسبب البناء عليها. * وما هي الأسباب التي أدت لصعوبة الوضع الاقتصادي وتفاقمه؟ ** هناك 6 أسباب أهمها وأخطرها الانفلات الأمني فمنذ 28 يناير 2011 خرج الأمن ولم يعد حتي الآن. وقد كان لهذا الانفلات الأثر الخطير جدا علي الاقتصاد. فغياب الأمن يعني انه لا سياحة ولا استثمار ولا مشروعات جديدة. أيضا من الأسباب عدم الاستقرار السياسي نتيجة لوجود انقسام سياسي بالمجتمع. وكذلك كثرة الوقفات الاحتجاجية مما أثر علي الإنتاج. وكثرة المطالب الفئوية لتثبيت العاملين المؤقتين ولزيادة المرتبات والحوافز مما زاد من عجز الموازنة الذي اقترب من 200 مليار جنيه بنهاية العام الحالي حسب التقديرات. هناك أيضا سوء الإدارة للمشاكل الاقتصادية خلال المرحلة الانتقالية وعدم وجود رؤية واضحة ومحددة لدي الحكومة لحلها وآخر هذه الأسباب تأخر علاج بعض المشاكل الاقتصادية مما زاد من تراكمها. * وكيف الخروج من هذا الوضع الخطير؟ ** هناك روشتة للخروج من تلك الأزمة وهي عبارة عن خطة طريق عاجلة ومحددة لابد من اتباعها ويسعدني أن الحكومة بدأت تستجيب لبعض ما جاء بتلك الخطة أخيرا حيث استجابت بالفعل لتطوير قانون الضرائب وزيادة الإعفاء الضريبي فيما يتعلق بالكسب من العمل من 9 إلي 12 ألف جنيه رغم علمي بأن ذلك سيكلف الدولة 4 مليارات جنيه. كما أقرت الحكومة اتباع نظام الضريبة التصاعدية وقد وافق أعضاء الشوري علي فرضها بشرائح تدريجية بحد أقصي 30% للشريحة الأخيرة بدلا من 25% كما كان مقترحا أيضا قامت الحكومة أخيرا بزيادة رسوم استغلال الثروة المعدنية والمحجرية من مناجم ومحاجر وطفلة بعد أن كانت أسعارها محددة منذ الخمسينيات بملاليم وقد قدم رئيس هيئة الثروة المعدنية الحالي الأسعار الجديدة بالفعل بما سيؤدي لزيادة العائد منها بمقدار 25 مليار جنيه. * ما الخطوات التي لم تتخذها الحكومة بعد في خريطة الطريق ولابد من تنفيذها عاجلا؟! ** علي الحكومة أن تضع خطوات جادة فعالة لمحاربة التهرب الضريبي الذي يضيع علينا 30 مليار جنيه سنويا وأن تضع خطة محكمة لتحصيل المتأخرات الضريبية التي تصل إلي 60 مليار جنيه سنويا وسرعة تفعيل إضافة الضريبة العقارية بعد أن أجلته الحكومات المتعاقبة بعد الثورة دون داع رغم أن المطلوب هو تعديل مادتين فقط الأولي هي زيادة الإعفاء الضريبي للمسكن الخاص من نصف مليون جنيه إلي مليون جنيه حسب اقتراحي. ولكني علمت أن بعض أعضاء الشوري يطالبون برفع قيمة الإعفاء إلي مليوني جنيه لأنهم لا يريدون الدفع علي ما يبدو. أما المادة الثانية وهي انني أعارض تماما بعض محاولات أعضاء الشوري إعفاء المسكن الخاص بصفة مطلقة من الضريبة العقارية وأنا ضد هذا الكلام لأنه يعد باباً خلفيا للتهرب من الضريبة العقارية.. فلو أن شخصا يمتلك قصرا وشقة سيدعي أن القصر هو سكنه الخاص ليتهرب من الضريبة. هناك أيضا خطوة مهمة وهي ترشيد النفقات الحكومية ولا أدري لماذا لم تنفذ الحكومة فيها شيئا حتي الآن رغم انها أسرع خطوة يمكن أن توفر لنا عشرات المليارات دون أن تتكلف الدولة شيئا.. وتتمثل بنود ترشيد النفقات الحكومية في الآتي: السيارات الحكومية. السفر للخارج. الأدوات الكتابية والمطبوعات. خطوط التليفونات الخاصة بالمسئولين والموظفين. نفقات التمثيل الدبلوماسي التي وصلت لحد السفه فلا يعقل أن يكون لدينا 160 سفارة بينما أمريكا لديها عدد أقل لم يتخط 100 سفارة هذا بخلاف عدد القنصليات الذي وصل لحد فتح أكثر من قنصلية لنا في ولاية أمريكية واحدة بالإضافة لعدد مكاتب التمثيل الدبلوماسي وأنواعها المبالغ فيها من مكتب عسكري وثقافي وعمالي وعلمي وغيرها وهي جميعا أبواب خلفية للإنفاق ببذخ فالفراش في بعض هذه المكاتب يتقاضي ثلاثة آلاف دولار شهريا فهل هذا يعقل. * هل هناك خطوات أخري للخروج من الأزمة؟! ** لابد من سرعة الإعلان عن مناقصة رخصة المحمول الرابع ولكن للأسف د. هشام قنديل يبدو انه متخوف من ضغوط رؤساء شركات المحمول الثلاث. ايضا لابد من سرعة علاج مشاكل المصانع التي أغلقت فبدلا من إنشاء مصانع جديدة تستغرق وقتا وجهدا وأموالا وتحتاج أراضي.. لماذا لا يتم تشكيل لجان لحل مشاكل أصحاب المصانع المغلقة وأخذ قرارات عاجلة بشأنها ايضا لابد من ترشيد الاستيراد ليس عن طريق زيادة الجمارك فقط كما فعلت الحكومة ولكن بمنع استيراد السلع الاستفزازية والكمالية كاستيراد لحوم القطط والكلام ولعب الأطفال. * ماذا عن استرداد الأموال المهربة؟! ** من الأشياء التي تضع علامات استفهام كبري اننا وبعد سنتين من الثورة لم نسترد دولارا واحدا من الأموال المهربة للخارج وهو أمر كان يحتاج لأناس متخصصين وذوي خبرة وفهم.. وكان يجب البدء باختيار الدول المهمة مثل انجلترا وسويسرا وألمانيا وأمريكا واليابان. وكان يجب علي الحكومة الاستعانة بمكتب محاماة دولي متخصص في هذا الشأن ولم يكن ليكلف الحكومة شيئا خاصة ان العقد معه كان سيشترط فقط إعطاءه نسبة بسيطة من تلك الأموال في حالة نجاحه في استردادها ولكن الحكومة لم تفعل!! * ماذا عن التصالح مع رجال الأعمال؟! ** أثمن خطوات التصالح مع بعض رجال الأعمال المخالفين بشرط ألا تكون أياديهم ملوثة بدماء أو متهمين في قضايا قتل ومن هؤلاء بالتحديد رشيد وبطرس غالي وحسين سالم وقد وافق الأخير علي التنازل عن نصف ثروته هو وأولاده في مصر وخارج مصر بما سيوفر مليارات الدولارات للدولة. * هل ثمة شروط لابد من توافرها حتي تحقق الحكومة النجاح في خريطة الطريق المقترحة؟! ** لابد من تحقيق ثلاثة شروط هي: عودة الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي وإيجاد كفاءات قادرة علي التنفيذ.. وفيما يتعلق بعودة الأمن علي وزير الداخلية أن يقدم خطة لاستعادة الأمن بجدول زمني وعلي الحكومة توفير متطلباتها له وإذا فشلت خطته عليه أن يرحل أو تتم استقالته وتعيين غيره فورا. اما الاستقرار السياسي فيتم بدعوة رئيس الجمهورية لجميع رؤساء الأحزاب والطوائف والثوريين ليجلس معهم بناء علي توجيه دعوة مكتوبة لهم جميعا شرط توافر أجندة للحوار وجدول أعمال وتحديد المكان والموعد. وعلي الطرفين أن يتنازلا ويقترب كل منهما لبعضهما البعض ولا مجال لتمسك طرف ب "لا" من أجل لا تطبيقا لنظرية سيب وأنا أسيب التي يتبعها الطرفان معا والتي لن توصلنا لأي حل. كما يجب توعية المواطنين وإبلاغهم بالحقائق بمنتهي المصارحة والمكاشفة لأن الحكومة وحدها لن تنفذ خطة الطريق للإصلاح الاقتصادي دون تفهم المواطن لهذه الخطة لينفذها أفراد الشعب كل في مكانه عاملا كان أو مهندسا أو معلما أو طبيبا.