"يكفينا أننا فرحنا بثورتنا المجيدة في 25 يناير ولا نريد أن نبكي علي أطلالها بعد أن بكينا فرحا بنجاحها. لذلك أتمني أن يهدي الله مصر بوفاق وطني ومصالحة وطنية ونظرة راشدة تعود بها مصر لريادتها.. وعلينا أن يصبر بعضنا علي بعض مع الالتزام بأدب الخلاف اهتداء بسلفنا الصالح الذين كانوا يتناظرون في خلافهم السياسي مع بقاء الحب دون أن يتهم أحدهم للآخر بكفر أو فسق وفجور ونحو ذلك من اتهامات". بهذه الكلمات بدأ الشيخ عبود الزمر القيادي البارز وعضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية حواره الخاص مع "المساء" لاستشراف آفاق المستقبل القريب وطرح رأيه في إمكانية الخروج من الأزمات والانفلات الأمني الذي تعانيه وحالة الانسداد السياسي الذي علي وشك أن يحدث في مصر. * سألته: أتستطيع المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية أن تحسن صورتكم وتمحو مصطلح الإرهاب الذي يستخدمه البعض لوضعكم كجماعة؟ فماذا تقول؟ ** عمل الجماعة الإسلامية في الممارسة السياسية والعمل الدعوي السلمي جادة فيه من منطلق قناعة شرعية تؤكد علي أن طبيعة المرحلة المقبلة لابد أن تحمل أداء سياسيا جديدا يتفق وطبيعة الثورة والأوضاع الجديدة في مصر علي المستويين الداخلي والخارجي لذلك طرحنا تصورنا المستقبلي السياسي وركزنا علي محاور العمل السلمية نظرا لأن آليات التغيير السلمي والتعبير عن الرأي أصبح متاحا فلم يعد هناك انسداد في الموقف السياسي بين النظام الحالي والجماهير بما يجعل كل مواطن له الحق في التعبير عن رأيه في إمكانية تبادل السلطة بالحق الذي كفلته القوانين. أما عن هويتنا كجماعة بمفهومها للعمل السياسي السلمي وتحقيق الاطمئنان الكامل للشعب تجاهنا فإننا سعينا لهذا الأمر بجدية ولكن هناك بعض القوي السياسية كانت ومازالت تريد أن تلحق بنا هذا الوصف الإرهابي خاصة قيادات الحزب الوطني المنحل وذلك حتي لا نستطيع تحقيق تقدم سياسي مع أن عملياتنا المسلحة كانت رد فعل لنظام مستبد أدي لانسداد سياسي بالبلاد كما ترتب عليه أن تحدث بعض المواجهات من شباب الجماعة الذي قرر أن يغضب من الأوضاع القائمة آنذاك لتصويبها. العمل السياسي * هل كان إصراركم علي عدم ترك العمل السياسي بعد تنازلكم عن العمل المسلح سببا في عدم الإفراج عنك دون بقية أفراد الجماعة الإسلامية؟ ** أحد أسباب اختيار الجماعة الإسلامية لترك العمل المسلح هو أننا لاحظنا أن النظام السابق كان مستفيدا من هذا العمل المسلح واستمرارنا في القتال علي المستويين المحلي والدولي.. كما أنه كان مستفيدا من هذا العمل أيضا في قضية التوريث حيث كان يطرح التوريث بديلا عن النموذج الإسلامي ولذلك قررنا كجماعة ترك السلاح حيث كان مبارك يتخذه غطاء سياسيا ومبررا لاستمرار النزاع في مصر ومن هذا المنطلق كان إصراري علي التمسك بالعمل السياسي والذي كان سببا في عدم إفراج مبارك عني لأنني قصدت بذلك أن أوجد بديلا للعمل المسلح الذي تنازلنا عنه ولكي تقوم قيادات وشباب الجماعة بعمل سياسي بديل. أما أن يشترط نظام مبارك علينا أن نجلس في البيوت بعد تركنا للعمل المسلح مقابل الإفراج عنا فهذا في النهاية سيؤدي للفشل وسيؤدي لخروج قواعد الجماعة عن هذا الاتفاق بما يضر في النهاية بمصلحة الوطن لذلك كان تمسكي بالعمل السياسي كآلية بديلة للعمل المسلح. أضعنا فرصتين * ما تقييمك للحراك السياسي المضطرب وما هي أسباب غياب الاصطفاف الذي شهده ميدان التحرير لكافة القوي السياسية والمدنية قبل التنحي؟ ** وجهة نظري أنه فاتتنا مرحلة خطيرة كان يمكننا أن نسوي الصف ونتحرك من خلالها نحو حوار وطني جامع ولكن هذه الفرصة والتي جاءتنا مرتين اضعناها مما ترتب عليها هذا الاضطراب في المشهد السياسي. جاءت الفرصة الأولي بعد أن أدت القوات المسلحة التحية العسكرية للشهداء حيث كان ينبغي تشكيل قيادة سياسية رئاسية مدنية فوق المجلس العسكري تعطيه التعليمات والتوجيهات لإدارة الدولة ولكن لما تأخر الوقت في اتخاذ مثل هذا القرار من قبل المحتشدين بالميدان اختلفت القيادات السياسية حول فكرة تكوين مجلس رئاسي أو العمل بترك الفرصة للمجلس العسكري وكانت النتيجة أن تصدر المجلس العسكري للمشهد السياسي وإدارة البلاد بموافقة الميدان مما أضاع فرصة اتفاق القيادات السياسية علي إيجاد مجلس قيادة ثوري موحد وبالتالي ضاعت الفرصة الأولي لتسوية الصف والتحرك الجماعي. أما الفرصة الثانية فجاءتنا حينما تولي الرئيس محمد مرسي في ظل صراع مع الفلول بقيادة شفيق حيث اجتمع الإخوان وكل من كان رافضا للوطني ورافضا لعودة النظام السابق وكانت اللحظة التي وقف فيها الرئيس مرسي في الميدان وقد كشف عن صدره للجماهير هي اللحظة الحاسمة لبدء حوار وطني صريح وللمصالحة الوطنية ثم الاتفاق حول المشروع الوطني الشامل الذي ينبغي ألا يمثل فصيلا بل يمثل الرؤية الوطنية لإصلاح هذا الوطن وجنبا إلي جنب الأخذ في الاعتبار الاهتمام بالجماهير في القرارات التي تمس احتياجات الفقراء. إلا أن هذا الطرح لم ينفذ ولم يحدث اجتماع ولا مصالحة ولا اتفاق علي مشروع وطني موحد كما لم يتم اجتماع حقيقي للقوي الوطنية من خلال حوارات وطنية جادة.. هذا بخلاف غياب طرح أي مشروعات تنموية. * برأيك ما هي أسباب الاخفاق في اتمام حوار وطني يجمع كافة القوي السياسية والوطنية؟ ** هناك عدة أسباب: السبب الأول يرجع لتصور فصيل من الفصائل وهو الإخوان أنه يستطيع أن يقوم بأعباء التركة وحده منفردا وهذا لا يمكن تحقيقه. السبب الثاني هو ظهور مقاومة كبيرة من فلول الوطني وممن يكره الوطن. أما السبب الثالث فهو حالة الاضطرابات الكثيرة والوقفات الفئوية والاحتجاجية التي ارهقت الرئاسة وحالت دون إدارتها للأمور بفكر شامل علي المستوي القومي كما أجبرت هذه الاضطرابات الرئاسة علي اتخاذ قراراتها يوما بيوم بشكل أشبه بعمال التراحيل وليس بالتخطيط الاستراتيجي لإقامة الدولة في إطار مشروع محدد وواضح. مشروع النهضة * ما تفسيركم لاختفاء مشروع النهضة الذي تبناه الرئيس مرسي في برنامجه الانتخابي ولم يظهر له أي أثر حتي الآن؟ ** لا شك أن خطة إدارة البلاد في ظرف طبيعي تختلف تماما عن خطة إدارتها في ظرف ثوري. والرئيس مرسي تسلم السلطة بشكل اعتيادي ولكن في ظرف ثوري حي نابض بالثورة ترفض فيه الجماهير كل ما يقال وتريد أن تشارك في كل ما تتخذه القيادة من قرارات بشأنها. ولا شك أيضا أن الرئيس مرسي كان متبنيا لبرنامج انتخابي قد نعتبره مقبولا في الظروف العادية ولكنه في الظرف الثوري الراهن غير قابل للتطبيق إلا بإقامة حوار بشأنه ليتفق حوله الجميع ويطوروا فيه أو يضيفوا عليه أو يحذفوا منه حتي يخرج في شكله النهائي بتوافق الجميع. * هل فاتت فرصة الاتفاق علي الحوار وتوحيد الصف من أجل الخروج من المأزق السياسي الراهن؟ ** مازال بيد الرئيس حتي هذه اللحظة احتواء الأزمة وإمكانية الخروج منها وذلك بأن تراجع الرئاسة والحكومة نفسها في خلال تجربة ستة أشهر ماضية لتعرف الأسباب التي أدت للإخفاق في تحقيق طموحات الشعب ويأتي في مقدمتها أسباب معنوية وأخري مادية. أما الأسباب المعنوية: فلابد للجميع سواء معارضة أو قيادة وفي الظرف الراهن أن يكونوا دائما في حالة اكتساب رضا الله في المقام الأول.. كما قال تعالي في كتابه الكريم: "لو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". وعلي القائمين علي الحكم رفع المظالم عن الناس لأن عدم رفعها يحدث ارتباكا واضطرابا في الحكم خاصة أن الحكم لا يدار فقط بسعة العقل والحيلة ولكن لابد من دفع المظالم ورفعها فهناك قرابة مليون قضية في القضاء الإداري تشهد نزاعا بين الشعب والحكومة ولو تمت المصالحة في مثل هذه القضايا خاصة مع الذين لم يصدر ضدهم حكم قضائي بإدانتهم بالقتل أو سفك دماء أو الإفساد أو بالاستيلاء علي المال العام في هذه الحالة سيرتاح الشعب. أيضا من الأسباب المعنوية التي لو أخذنا بها لعادت روح الاصطفاف رد الحقوق للمظاليم من أهالي الشهداء لأن الدم المهدر للشهداء يبقي نقمة علي أصحاب القرار مما يعرقل تحقيق وحدة الصف. ومسئولية إهدار دم الشهداء ترجع للدولة التي قدمت قضايا خاوية بدون أدلة أعطت الفرصة للجاني للإفلات ومادامت الدولة لا تحاسب المخطئين والجناة وتتركهم دون أن تقيم عليهم العقوبة المقررة فإن العقوبة القدرية ستقع علي الجميع ألا وهي اضطراب الحكم. حق الشهداء * هل تري أن المطالبة بحق الشهداء أدي لمزيد من إهدار الدم؟ ** المطالبة بحق الشهداء وعدم إهدار دمائهم مسئولية الجميع.. فعلي النائب العام وجهات الإحالة والتحقيق تقع المسئولية المباشرة.. أما الرئيس فمسئوليته ألا يتستر علي أحد وأن يحيل كل متهم للتحقيق والنائب العام مسئول عن أن يجري التحقيق ويحيل للقضاء والأخير مسئول أن يأتي بالحق لأصحابه والشهود مسئولون بالتقدم بشهادتهم ولا يكتمونها والشعب مسئول أن يبقي نابضا للمطالبة بحقوق الشهداء من خلال التظاهر السلمي دون الإخلال بالقانون أو التعدي علي الحقوق العامة والممتلكات دون أن يؤدي إلي مزيد من إهدار الدم. * أشرتم لأسباب مادية حول إخفاق الحكومة في تحقيق طموحات الشعب وبالتالي فشل الحوار الوطني فما هي؟ ** أهم هذه الأسباب هي أولويات الترتيب في الأداء الحكومي حيث كان ينبغي أن تأتي في مقدمة تلك الأولويات القضايا التي تهم الجماهير بالتركيز علي المشروعات الصغيرة التي تعود بالعائد السريع علي المواطن ولا تحتاج لرأسمال كبير وليس المشروعات الاستراتيجية بعيدة المدي التي تحتاج لتمويل ضخم وتأتي نتائجها بعد عشرة أو خمسة عشر عاما. كذلك علي الحكومة أن تسرع في تحقيق العدالة الاجتماعية بتوفير الغذاء للمواطنين خاصة الفقراء وأن تكفل الدولة للعاطل دخلا يكفي قوته الضروري ليعيش هذا بخلاف تحسين الرعاية الصحية ومن أمثلة المشروعات الصغيرة استيراد اللحوم من السودان بما يخفض من أسعارها والتوسع في المزارع السمكية وفي المجال التجاري الاكتفاء باستيراد الضروريات والاستغناء عن الكماليات.. علاوة علي سرعة تطبيق خفض الحد الأقصي للمرتبات للحد الذي تم الاتفاق عليه ورفع الحد الأدني تدريجيا بما يوفر مبالغ مالية تسمح بالارتفاع بالحد الأدني المطلوب. الانفلات الأمني * برأيكم ما أسباب الانفلات الأمني وعدم السيطرة عليه حتي الآن؟ ** أهم أسباب الانفلات الأمني عدم هيكلة الكثير من مؤسسات الدولة مما أدي لتعطيل الإجراءات الإصلاحية بالدولة ولعرقلة التغيير الذي انتظرته الجماهير مما أدي لإحباطها. انعكس ذلك علي الحالة الأمنية سواء في شكل مظاهرات احتجاجية واضطرابات وبتقاعس بعض ضباط الداخلية عن تأدية عملهم رفضا منهم لرئاسة مرسي وذلك حسبما بلغني من مصادر وثيقة وقد بلغ رفضهم لمرسي إلي حد عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه بعض البلاغات بدعوي أنهم في إجازة أو مضربون وهذا لا يجعلنا ننكر أن القطاع الأكبر من ضباط الداخلية يتسم بالوطنية ولهذا لابد من تفعيل مبدأ الثواب والعقاب. كذلك أدي عدم هيكلة قطاع الإعلام بعد الثورة وإفساح المجال للقيادات الثورية إلي ترك الساحة خاصة الفضائية لأبواق الحزب الوطني وفلول النظام السابق مما ساهم في تأجيج حالة الانفلات الأمني وتأليب الشعب ضد الثورة في محاولة لإعادة النظام السابق مرة أخري. ميثاق شرف إعلامي * كيف يمكن الحد من الانفلات الإعلامي وهيكلة قطاع الإعلام دون اتهام للرئاسة أو الحكومة بمحاولة السيطرة علي الإعلام وأخونته بالحد من حرية التعبير؟ ** الحل في وضع ميثاق للشرف الإعلامي بشكل متوازن تقدم فيه مصلحة الوطن علي مصلحة المواطن.. وأحذر هنا من أن هناك أناسا في الإعلام يفرحون لقتل أناس في الشوارع وحرق مقرات بينما تحزن في أحداث أخري فحينما فشل شفيق ارتدت بعض المذيعات الملابس السوداء ولهذا لابد من وضع ميثاق شرف إعلامي شامل يراعي قواعد المهنة واحترام الأخلاقيات والمباديء العامة التي لا تحتاج لقانون وإنما لذوق عام بحيث لا مجال للكلمة الجارحة أو السب والقذف أو كلمات بمعان لا تليق أن تقال. ولحين أن يتم الاتفاق أو التوافق علي مثل هذا الميثاق الشامل لابد من وضع ميثاق شرف إعلامي مؤقت ينص فيه علي مباديء الذوق العام وإذا لم تتم مراعاتها يكون الحل في القانون بما يساوي بين الجميع وذلك للحد من حجم السخرية من الرئيس والحكومة بشكل لا يمكن قبوله وبحيث لا تتم تبرئة من يسب الرئيس بينما يدان من يسب إحدي الفنانات. لذلك ناشدت القضاء ألا يدخل الصراع السياسي ويبقي القاضي قاضيا محترما لا يتولي وظيفة تنفيذية بعد انتهاء مدة ولايته لأنها نوع من الرشوة للقضاة.. فما كان متبعا في عهد النظام السابق من توظيف القاضي بعد خروجه للتقاعد في إحدي الشركات أو ترشيحه لأحد المناصب أمر لم يعد مقبولا حتي لو تم ترشيحه لمنصب وزير. * هل معني ذلك أنكم ترفضون ترشيح القاضي لمنصب وزير حتي لو كان وزيرا للعدل؟ ** أنا لست من أنصار إقامة وظيفة وزير العدل فيجب الاكتفاء بالنيابة العامة والمجلس الأعلي للقضاء ودار الإفتاء حتي لا يكون ولاء القضاة للسلطة التنفيذية كما في حال وزير العدل الذي ولاؤه للسلطة التنفيذية وليس لمنصة القضاء. تجربة مريرة * في ظل الظروف الراهنة طالبت بعض القوي السياسية بعودة الجيش للمشهد السياسي.. فهل يمكن تحقيق ذلك؟ ** القوات المسلحة أذكي من أن تعود مرة أخري للعمل السياسي لأن التجربة بالأمس القريب كانت مريرة وكان الهتاف ضد العسكريين مؤلما للغاية وكنت أشعر بحالتهم باعتباري رجلا عسكريا لأن الشارع يهتف بسقوطه ورحيله خاصة أن الجيش تم اقحامه في هذا الدور وأراد أن يدخل في الأمور السياسية لإنقاذ الوطن بقيادة المجلس العسكري ولكنه تلقي اللكمات. فالجيش دوره أن يدافع عن الوضع الخارجي والأمن القومي بصفة عامة وأن يقف محايدا بين القوي السياسية إلا أنه حينما اشتغل في السياسة تورط لأنه تدخل في إدارة الدولة. الأمر الآخر الذي يستحيل معه عودة الجيش للسياسة هو أن التحركات الاحتجاجية الموجودة بالساحة لا تسقط نظاما فهي أشبه بسحابة صيف أو أقل من ذلك بكثير لأنها تحركات تفتقد للغطاء السياسي فالغطاء السياسي والحركة السياسية الناضجة دائما تتصف بالفكر السلمي والرؤية الواضحة والاستخدام الجيد للعمل الديمقراطي. أما ما يحدث الآن من قطع طرق وحرق مقرات ومنشآت واعتداء علي الحريات والحقوق أمر يجعل هذه الصورة غير مقبولة علي الإطلاق لكائن من كان. الهروب من السجن واستطيع أن أضرب مثالا للتفريق بين استخدام الحق في الحرية والتعبير وإساءة استخدام هذا الحق وذلك بتجربة فتح السجون بعد الثورة واتيحت لي الفرصة وشقيقي طارق للخروج هربا إلا أننا رفضنا الخروج من السجن مع الجنائيين لأنني كنت قد قضيت مدتي كما أن من خرج أو من هرب كانت عناصر جنائية لا يمكن أن أسوي نفسي بها. إسقاط مرسي * ولكن هناك من يصر علي التظاهر من أجل التغيير وإسقاط الرئيس مرسي علي طريقة البلاك بلوك فما رأيكم في شرعية هذا؟ ** لو فتحنا باب التغيير علي النحو الذي يسعي له الفلول والبلاك بلوك لإسقاط مرسي فلن تستقيم الأمور ولن ينصلح الحال بالدولة لأنه لا قدر الله إذا سقط مرسي حاليا لا يمكن أن تقوم قائمة بعد ذلك لأي رئيس لأن هذا معناه أن أي فصيل بعد ذلك سيسقط الذي جاء بعده للحكم وكل واحد حسب القوة التي معه "ومفيش رئيس هيبات علي الكرسي" وسنعود لنقطة الصفر. * ولكن جبهة الإنقاذ مازالت تشترط إسقاط النائب العام وحل الحكومة واسقاط الدستور أو تغيير بعض بنوده حتي قبل انتخاب البرلمان وذلك من أجل قبولها للحوار الوطني.. فما رأيكم؟ ** جبهة الإنقاذ رفضت الحوار ووضعت الشروط كعراقيل حتي لا يتم الحوار وهذا لا يصلح ولا يمكن قبوله كما أنها تطالب بأن يتحمل الرئيس مرسي كافة المسئولية عن الدماء التي أريقت أي أن جبهة الإنقاذ تريد من مرسي أن يسلم بإدانته وهذا أمر غير مقبول لأن مسئوليته كرئيس تنتهي عنه الإحالة والإقرار بأنه لن يتستر علي مسئول أخطأ وهو ما فعله. أما وضع الجبهة لشروط معرقلة للحوار فهذا أمر مردود عليه بأن مطلب عزل النائب العام غير منطقي لأن عزله ليس من سلطة الرئيس فذلك معناه أنك تطلب منه التدخل في شئون القضاء والصواب أن يقتنع النائب العام بترك منصبه فيتقدم بنفسه بالاستقالة أو طلب النقل. * لو أصرت الإنقاذ علي مقاطعة الانتخابات البرلمانية برأيك هل يحدث ذلك حرجا محليا ودوليا للرئاسة والإخوان؟ ** في رأيي لن يحدث أي حرج لأن هناك أحزابا أخري من التيارات الإسلامية والقوي الثورية ستخوض المعركة وبالتالي أري أنهم -أي الإنقاذ- سيخسرون الفرصة في محاولة التواجد حتي ولو بنسبة ضئيلة في البرلمان القادم. رؤية واضحة * اعتبرتم أحزاب التيارات الإسلامية الأخري منافسة للإخوان في المعركة الانتخابية القادمة بينما الرأي العام يأخذ عنكم فكرة أنكم أشبه بالحزب الواحد أو "حاجة واحدة" علي حد تعبير البعض؟ ** غير صحيح علي الإطلاق فحزبنا وهو البناء والتنمية له رؤية واضحة تختلف عن رؤية الإخوان في التطبيقات.. خاصة في ترتيب الأولويات التي سبق وشرحناها وكان يجب أن يسير عليها مرسي ولكني مع ذلك أقدم النصح للإخوان وأحزن إذا فشلوا الآن لأن فشلهم سيؤثر علي الجميع ولكن رغم هذا فإن فشل التجربة الإخوانية في الحكم لا يعني بالمرة فشل التجربة الإسلامية فالطرح الإسلامي متنوع وفيه أكثر من بديل. * حزب البناء والتنمية وهو ذراعكم السياسية يظهر في بعض المواقف وكأنه زاهد في تولي السلطة التنفيذية في حالة فوزه بأغلبية البرلمان فلماذا إذا تنافسون في الانتخابات؟ ** تنازلنا كحزب بناء وتنمية في بعض المواقف الرئيسية لا يعني زهدنا أو عدم قدرتنا علي تولي السلطة التنفيذية ولكن ذلك كان من منطلق أننا عانينا كثيرا في السجون فشعرنا بأن الموقف الدنيوي أبسط بكثير وفضلنا مصلحة مصر علي مصالحنا الخاصة كحزب بدليل تركنا لمقاعدنا في الجمعية التأسيسية للدستور وفي الدورة البرلمانية السابقة تركنا رئاسة اللجان داخل مجلس الشعب وتركنا من لديه الخبرة البرلمانية لأن يتقدموا الصفوف ليختاروا من يريدون حرصا علي المصلحة العامة من منطلق رغبة جادة في أن ننهض بهذا الوطن وأن نمحوا الخوف من فكرة التغول الإسلامي لنثبت أننا كنا نريد دستورا وطنيا يعبر عن الجميع ولنعبر به وبالوطن نحو الأمن والأمان. ومن هذا المنطلق كنا نحاول دائما أن نضع التسهيلات أمام الرئيس حيث كان لنا نصيب من الوزراء في تشكيل الحكومة ومع ذلك تركنا الخيار للرئيس مرسي لأننا نري أن الرئيس إذا كان مسئولا عن الحكومة لابد أن نتركه ليختار ما يريد لا أن يدير الحكومة بفريق متشاكس وأيضا لم نعترض علي حصتنا بمجلس الشوري حيث كان مخصصا لنا 9 مقاعد ولم نحصل سوي علي 4 مقاعد فقط. اتهام حماس * ما رأيكم في الاتهامات الموجهة لحماس ومسئوليتها عن أحداث شهداء رفح؟ ** كل ما يحدث من توجيه اتهامات لحماس تشويش علي العلاقة بين الإخوان وحماس بهدف إحداث اضطرابات بين الجانبين ولكن حماس لا يمكن أن تعمل عملا يضر بمصر. * ولكن ما رأيك في إصرار البعض علي إقران اتهام حماس بالاتفاق مع الإخوان لإبعاد المشير وللتخلص من المجلس العسكري؟ ** هذه اتهامات لا مبرر لها سوي إحداث فتنة.. فعملية رفح مسألة قدرية لا دخل لمرسي أو الإخوان فيها ولكن مرسي انتهزها فرصة للإطاحة بالعسكريين في ذلك الوقت بعيدا عن المشهد السياسي وليس مدبرا لها. * كلما ظهرت في الأفق فرصة للتقارب المصري الإيراني وللتعاون الثنائي خاصة في المجال الاقتصادي.. تعالت الصيحات التحذيرية والرافضة لذلك بحجة الخوف من المد الشيعي.. فما رأيكم؟ ** لا شك أن فرصا كثيرة فاتتنا في استغلال الدور الإيراني لصالح القضية الفلسطينية وقضايانا الإسلامية العامة ونظام مبارك اختلف مع إيران لعدم رضا أمريكا وإسرائيل عليها لذلك كان يستعمل التقارب المصري الإيراني كمناورة سياسية مع أمريكا ليقوي مركزه معها لكن من وجهة نظري كان يجب أن نستثمر الموقف الإيراني باعتباره مضادا لأمريكا فلا يصح أن يقال إننا مع فك البرنامج النووي الإيراني إلا أن نقول ومعه القنبلة النووية الإسرائيلية لكننا لم نستثمر ذلك وبدأنا نقبل نزع سلاحها النووي بلا مقابل. أما الآن فأري إمكانية التعاون التجاري مع عدم السماح بالمد الشيعي الفكري والعقائدي.