24 مايو جمعية عمومية لأطباء الإسكندرية    رئيس الوزراء: النهضة الصناعية تبدأ من التعليم الفني والتكنولوجي    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    «حماة الوطن» يبحث سبل التعاون بين الحزب ومشيخة الأزهر    محافظ القاهرة يتفقد المحاور الجديدة    صندوق النقد الدولي: البنوك القطرية تتمتع برأس مال جيد وسيولة وربحية    مدير التعاون الدولي بمكتب رئيس وزراء اليابان: مستمرون في دعم الأونروا    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    الزمالك يرد على بيان كاف بشأن سوء تنظيم مراسم التتويج بالكونفدرالية    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    التحفظ على الفنان عباس أبو الحسن في واقعة دهس سيدتين بالشيخ زايد    ياسمين صبري تتصدر تريند "X" عقب ظهورها بمهرجان كان    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    «السرب» درس في الوطنية المصرية    دراسة علمية تكشف أضرارا جديدة للتدخين    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    وكيل صحة الشرقية يتفقد أعمال التطوير بمستشفى سنهوت التخصصي    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    لاعبو المشروع القومي لرفع الأثقال يشاركون في بطولة العالم تحت 17 سنة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    وزيرة الهجرة: الحضارة المصرية علمت العالم كل ما هو إنساني ومتحضر    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكري: هل يعود 'الجيش' إلي السلطة من جديد
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 07 - 03 - 2013


هل يعود الجيش إلي السلطة من جديد؟
تطورات الأحداث لن تبقي الجيش متفرجاً.. و'السيسي' يؤكد: 'الأمن القومي' خط أحمر
عندما سأل 'كيري' 'السيسي' عن تصريحات رئيس الأركان؟ رد عليه وزير الدفاع: ماذا إذا تعرض أمن أمريكا للخطر؟!
'الفورين بوليسي': تصريحات 'البرادعي' بعودة الجيش لها دلالاتها و'الإخوان' لن يستطيعوا مقاومة الجيش
'السيسي' هو الذي طلب من الرئيس نزول الجيش لمدن القنال خوفاً من التهديدات الموجهة لقناة السويس
مكتب الإرشاد يدرس السيناريوهات المتوقعة.. وتحذيرات الجيش دفعت الرئيس إلي 'الارتباك'
هل يفعلها الجيش؟!
إنه السؤال الأهم، داخلياً وخارجياً، تحليلات وأبحاث، خبراء، وعسكريون، صحف غربية وأمريكية تسرب معلومات نقلاً عن أجهزة استخبارات.. كل الطرق تؤدي حتماً إلي تدخل الجيش لإنقاذ البلاد من خطر الفوضي والحرب الأهلية، التي راحت نذرها تلوح في الأفق، لتطيح بالنظام وأركان الدولة!!
عندما جاء جون كيري إلي القاهرة، مساء السبت الماضي، كان يحمل ملفاً كاملاً يتضمن سيناريوهات وتوقعات عدد من خبراء الخارجية الأمريكية للوضع في مصر، ناقش مع الرئيس باستفاضة، واستمع كثيراً إلي الفريق أول عبدالفتاح السياسي، وزير الدفاع..
كان سؤال جون جيري المباشر إلي وزير الدفاع المصري: ماذا يعني تصريح رئيس الأركان المصري، الفريق صدقي صبحي 'إذا احتاج الشعب الجيش فسيكون في الشارع بعد ثانية واحدة'؟.. كان السؤال المقابل للفريق السيسي: ماذا إذا تعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر؟!
استرسل الفريق أول السيسي في حديثه: 'الجيش المصري لا يرغب في العودة إلي لعب دور سياسي، لقد أدينا مهمتنا في المرحلة الانتقالية وكنا أوفياء، لكن عندما يتعرض أمن البلاد للخطر سيكون من الصعب علي الجيش المصري أن يقف متفرجاً.. بالقطع سنتدخل لحماية الدولة من السقوط..
كان جون كيري يعرف جيداً تفاصيل مسار العلاقة بين الجيش المصري ومؤسسة الرئاسة، لقد تدهورت العلاقة كثيراً منذ قرار الرئيس بإصدار الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر 2012، دون استشارة المؤسسة العسكرية، رغم خطورة هذا الإعلان وتداعياته..
منذ هذا الوقت، وتحديداً منذ إصدار الجيش لبيانه القوي في 8 ديسمبر، أي في أعقاب أحداث الاتحادية، التي أدت إلي سقوط عشرة قتلي وجرح المئات، بدأت بوادر الأزمة.
كان بيان الجيش يحمل إشارات محددة، ويحمل الأطراف جميعها مسئولية تردي الأوضاع، ويطالبها باللجوء إلي مائدة الحوار ويهدد بأنه لن يسمح أبداً بسقوط الدولة وانتشار الفوضي.. ويعلن انحيازه إلي الشعب والحرص علي وحدته.
في هذا الوقت حاول الرئيس مرسي استيعاب غضبة الجيش، خاصة أن جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها، كانت هي وراء التصعيد الذي تمثل في صدور تعليمات إلي كوادر الجماعة بالزحف إلي الاتحادية لتأديب المعارضين السلميين للرئيس مرسي..
لقد وافق الرئيس مرسي علي اقتراح من الفريق أول عبدالفتاح السيسي يقضي برعاية حوار تدعو إليه القوات المسلحة لكافة الفرقاء علي الساحة، بدأت الدعوة يوم 11 ديسمبر، جرت الاتصالات بكافة الأطراف لعقد مائدة الحوار في الثالثة من عصر الأربعاء 12 ديسمبر.
أدركت جماعة الإخوان أن الجيش سوف ينجح في دعوته، انتظرت علي أمل أن ترفض جبهة الإنقاذ المشاركة في الحوار، إلا أن الجبهة أعلنت مشاركتها في وقت مبكر من صباح الأربعاء، الجماعة أعلنت علي الفور موقفها الرافض، مارست ضغوطها علي الرئيس، قالوا له 'إن إجماع الكافة وتلبيتهم لدعوة الجيش هي إشارة تعني أنه محل إجماع، بينما ترفض بعض من هذه القوي المشاركة في الحوار الذي دعا إليه الرئيس'.
لقد وضع الرئيس قيادة القوات المسلحة في موقف لا تحسد عليه، عندما طالبها بإلغاء الدعوة لهذا الحوار، وراح المتحدث باسم الرئاسة يدلي ببيان يؤكد فيه أن المكان الوحيد للحوار الوطني هو مؤسسة الرئاسة وليس غيرها..
منذ هذا الوقت أدرك الفريق أول عبدالفتاح السيسي أنه لا توجد نوايا جادة لوضع حد للأزمة المتصاعدة بين جبهة المعارضة، وخلفها قطاع كبير من فئات الشعب، وبين جماعة الإخوان، وحولها العديد من التيارات الإسلامية الحليفة.
ومع تصاعد العنف وانتشار الدعوة للعصيان المدني، لم يكن هناك من خيار سوي إطلاق المزيد من التصريحات التي تؤكد أن الجيش لن يترك الدولة تنهار، وأنه سيقف دوماً مع الشعب ولن يتخلي عنه..
ومع تزايد حالة الانفلات الأمني وسقوط العشرات من الشهداء ومئات الجرحي في السويس والإسماعيلية وبورسعيد، كان طبيعياً أن يتحرك الجيش، لوقف تردي الأوضاع في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة، طلب وزير الدفاع من رئيس الجمهورية ضرورة الموافقة علي نزول الجيش إلي المحافظات الثلاث لحفظ الأمن فيها جنباً إلي جنب مع الشرطة وحفظ أمن قناة السويس من أي مخاطر متوقعة.. ولم يكن أمام الرئيس من خيار بديل فقرر الموافقة علي الطلب.
كانت تعليمات وزير الدفاع للقادة والضباط والجنود حذارِ من الصدام وإطلاق الرصاص علي المواطنين مهما كانت الأحوال.
استقبل سكان المحافظات الثلاث القوات المسلحة التي انتشرت في هذه المناطق بارتياح كبير، غير أن التصعيد الذي جري بين الشرطة والمواطنين، وضع الجيش في موقف لا يحسد عليه، فراح يلعب دور الفصل بين المتظاهرين والشرطة، ومع تصاعد الأحداث، راح الجيش يقوم بدور الحماية للمتظاهرين، وهو الأمر الذي عبر عنه العقيد أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، بالقول: 'إن تأمين مدينة بورسعيد الباسلة عهد قطعه رجال القوات المسلحة علي أنفسهم مهما كانت التضحيات'.
غضب الرئيس من موقف الجيش، كأنه كان يريد منهم مواجهة هذا الجمهور الغاضب، وهو الأمر الذي سبق أن رفضه أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة جميعاً خلال لقاء الرئيس مرسي بهم في 5 فبراير الماضي، والذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات، وخرج منه الرئيس مرسي غاضباً!!
كان الجيش قد حسم أمره منذ البداية، لن نتورط في أي أحداث عنف، ولن نقف مع طرف ضد طرف آخر، وهو أمر لم يرض الرئيس مرسي الذي حاول الاستعانة بالجيش في أحداث الاتحادية فلم يجد استجابة، كما فشل وقتها في دفع الشرطة إلي الدخول لساحة المواجهة، مما اضطره بعد ذلك إلي إبعاد اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، وإقالته من منصبه.
ومنذ هذا الوقت، يبدو أن هناك قراراً قد اتخذ بممارسة الضغط علي الفريق أول السيسي، عبر الشائعات وتسريب أخبار عن قرب إقالته، كانت بالونات اختبار الهدف منها معرفة ردود الأفعال، فكان الرد قوياً، الجيش لن يسمح بتكرار سيناريو خروج المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، مع الفريق أول عبدالفتاح السياسي، والمساس بقادة القوات المسلحة خلال الفترة الراهنة سيكون أشبه بحالة انتحار للنظام السياسي القائم بأكمله.
لقد سادت حالة من الغليان والغضب صفوف القادة والضباط والجنود، أدركوا أن الهدف هو أخونة الجيش وإبعاد قادته الذين أعلنوا تمسكهم بالعقيدة الوطنية وانحيازهم للشعب، فاضطر الرئيس مرسي إلي الخروج ليثني علي الفريق أول عبدالفتاح السيسي وعلي قادة الجيش، ورجاله.
لقد بدا الرئيس قلقاً من حالة الغضب التي سادت الجيش، حاول تهدئة المشاعر سريعاً، وجه الشكر إلي القوات المسلحة علي دورها في حفظ الأمن بالقمة الإسلامية بعد مرور نحو 15 يوماً علي انتهاء أعمال القمة، التقي وزير الدفاع، وراح البعض يسرب ادعاءات كاذبة وينسب لوزير الدفاع أقوالاً لم تحدث، بل تجرأ البعض منهم وقال: 'إن الرئيس أدب الفريق أول السيسي في هذا اللقاء'، وهو أمر استفز الجيش الذي راح يرد بسرعة علي هذه الأكاذيب.
ومع تصاعد الأزمة في مدن القنال وفي العديد من المحافظات الأخري، طلب الفريق أول السيسي من الرئيس مرسي ضرورة البحث عن حل سياسي ينهي الأزمات المتصاعدة ومن بينها تأجيل الانتخابات البرلمانية لحين التوصل إلي حل توافقي مع جبهة الإنقاذ وقوي المعارضة، إلا أن الرئيس رفض الاستجابة، واعتبر أن ما يجري في المحافظات هي أعمال بلطجة يقوم بها صبية، وسرعان ما تنتهي.
وعندما أطلق رئيس الأركان، صدقي صبحي، تصريحه المدوي 'عن استعداد الجيش لتلبية مطلب الشعب والنزول إلي الشارع إذا ما احتاجه بعد دقيقة واحدة'، غضب الرئيس، وأجري اتصالاً بوزير الدفاع يسأله عن معني ودلالات هذا التصريح، فما كان من الفريق أول السيسي إلا أن أكد أن خيار الجيش هو مع الشعب دائماً، وأن هناك قلقاً وغضباً داخل الجيش من جراء تصاعد العنف في البلاد وعدم الاستجابة لأي مبادرة سياسية لحل الأزمة المتفاقمة.
بعد هذا التصريح الذي أطلقه الفريق صدقي صبحي، عقد مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، اجتماعاً تدارس فيه معني هذه التصريحات، وتولد لدي الجميع قناعة بأن هذا التصريح قد جاء بموافقة كاملة من الفريق أول عبدالفتاح السيسي، بدليل أنه لم يصدر أي رد أو توضيح من وزير الدفاع علي هذا التصريح رغم معرفته بغضب الرئيس مما حدث.
كان الفريق أول السيسي قد أدلي بتصريحات مهمة ولها دلالتها خلال لقائه بطلاب الكلية الحربية في 29 يناير الماضي، وهو أمر أثار أيضاً قلق الجماعة والرئيس، ووضعوا هذه التصريحات جنباً إلي جنب مع تصريحات أخري أطلقها وزير الدفاع في أوقات سابقة.
لقد أكد الفريق أول السيسي في هذا اللقاء 'أن التحديات والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجه مصر حالياً تمثل تهديداً حقيقياً لأمنها وتماسك الدولة المصرية وأن استمرار هذا المشهد دون معالجة من كافة الأطراف يؤدي إلي عواقب وخيمة تؤثر علي ثبات واستقرار الوطن، وهو أمر خطير يضر بالأمن القومي ومستقبل الدولة'.
وقال: 'إن الجيش المصري سيظل هو الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود القوي الذي ترتكز عليه أركان الدولة المصرية، وهو جيش كل المصريين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم'.
لقد أصبحت هناك قناعة لدي الرئيس وجماعته بأن وزير الدفاع يسعي إلي خلق مؤسسة موازية لمؤسسة الرئاسة، وأنه يرفض الخضوع لتعليمات القائد الأعلي ورئيس الجمهورية، وأن ذلك وضع من شأنه أن يثير القلق لدي صناع القرار ويمهد الطريق أمام مفاجآت غير متوقعة في مسار الصراع المكتوم بين الطرفين.
خيارات الجيش:
إن القراءة الموضوعية للبيانات الصادرة عن المؤسسة العسكرية، تظهر أن الجيش لم يعد يراهن علي مؤسسات الحكم في إنقاذ البلاد من خطر الفوضي والانهيار، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب سياسات التخبط والعشوائية.
ويدرك المتأمل أيضاً أن هناك شعوراً لدي الجيش بأن مساحة الخطر تتزايد، وأن البلاد باتت علي شفا حرب أهلية، سيتحمل النظام القائم مسئوليتها في الأساس، خاصة بعد إصداره للإعلان الدستوري في 21 نوفمبر الماضي، والذي كان بداية الغضب الشعبي الكبير الذي أوصل البلاد إلي العنف والعصيان.
وهناك شعور متزايد لدي الجيش بأن هناك محاولات لعزله عن القيام بدوره الوطني والتربص به، وانتظار الفرصة لأخونة قياداته الرئيسية وعزل القيادات الحالية، وهو شعور أصبح يتنامي بفعل المعلومات التي تصل إلي قيادة الجيش عن اتصالات واجتماعات وشائعات تجري من خلف ستار.
وخلال الأيام الماضية تصاعدت حدة الخلافات في ضوء إصرار قيادة الجيش علي هدم الأنفاق بين سيناء وغزة وهو الأمر الذي أثار غضب الرئيس، إلا أن عمليات التهريب والتسلل والمخاوف الأمنية كانت وراء إصرار الفريق أول السيسي علي الاستمرار في خطته.
كانت المعلومات التي وصلت إلي الجيش مؤخراً أكدت أن هناك عناصر فلسطينية متشددة قد دخلت إلي البلاد عبر هذه الأنفاق، يحمل المئات منهم بطاقات الرقم القومي المصرية، خاصة بعد ثبوت تمكن بعض من هذه العناصر في سرقة وتهريب ماكينة طباعة الرقم القومي من مصلحة الأحوال المدنية في سيناء، أثناء فترة الثورة.
وقد بدأت جهات استخبارية داخل الجيش والأمن في مطادرة هذه العناصر التي تم القبض علي بعضها في مناطق قريبة من ميدان التحرير وغيرها من مناطق وسط العاصمة وقيل إن هذه العناصر المدربة تدريباً عسكرياً متميزاً قد جاءت لمساندة جماعة الإخوان في أي صدامات متوقعة في الفترة القادمة، وهي أيضاً خطوة تثير حساسية خاصة لدي الجماعة ضد السيسي!!
وإذا كان قرار هدم الأنفاق قد اتخذ لحسابات تتعلق بالأمن القومي للبلاد فإن القرار أثار ارتياحاً أمريكياً كبيراً لموقف الجيش المصري، حيث رأت الإدارة الأمريكية أن رفض الرئيس مرسي لإغلاق الأنفاق رغم وجود المعابر إنما يعني تراجعاً عن الوعد الذي قطعته الجماعة للإدارة الأمريكية وللمسئولين الإسرائيليين بإغلاق الأنفاق من الجانب المصري بعد فتح المعابر مباشرة.
وهناك قضية تمليك الأراضي الحدودية في سيناء، وقد عقد الرئيس أكثر من لقاء مع بعض مشايخ وعواقل سيناء، إلا أنه حمل الجيش والفريق السيسي مسئولية إصدار قرار حظر التملك في الأراضي الحدودية، وهو ما رد عليه الجيش بأنه لا تراجع في ضوء مقتضيات الأمن القومي.
ويبدو أن أحداث مدن القنال، وما يجري في بورسعيد تحديداً ربما يكون من أهم العوامل التي سوف تدفع إلي المزيد من الخلاف في الفترة المقبلة، فالرئيس يري بضرورة أن يأخذ الجيش موقف الشرطة بهدف إعادة الأمن والاستقرار إلي بورسعيد وبقية مدن القنال، والفريق أول السيسي يري أن المعالجة الأمنية خاطئة، ولن تؤدي إلي شيء، بل ستزيد من الأوضاع احتقاناً، ومع تصاعد الأمور خلال الأيام الثلاثة المقبلة، ربما يؤدي الأمر إلي تأزم كبير في الموقف، لا يعرف أحد مداه.
ووفقاً لرؤية محللين غربيين فإن الجيش قد يضطر إلي التدخل حال تدهور الأوضاع الأمنية خلال الفترة المقبلة، ولكن لا أحد يعرف مدي هذا التدخل وأبعاده، وعما إذا كان مرتبطاً بحل شامل للأوضاع، أم هو حل جزئي هدفه ضبط الأمور في البلاد وإلزام الفرقاء بالتوصل إلي حل يمثل خروجاً من الأزمة الراهنة.
مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكية قالت مؤخراً 'إنه إذا تدخلت القوات المسلحة فإن ذلك لا يمكن اعتباره نزهة في حديقة'.
وقالت صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور': عندما يحذر الجيش المصري من انهيار الدولة فقد حان وقت القلق!!
أما ستيفن كوك، المحلل السياسي، والمتخصص في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، فقد قال معلقاً: 'إن عودة الجيش المصري إلي ثكناته لا تعني أبداً أنه ابتعد عن النظام السياسي، حيث إن تحذير السيسي من انهيار الدولة مثير للانتباه'، وقال: 'إذا تطور الوضع لن يجد الجيش أمامه اختياراً، كما أنه من المرجح أن يجد استقبالاً حاراً، والرأي العام لن يعارض هذه العودة'.
وعندما دعا د.محمد البرادعي إلي تدخل الجيش وقال إنه سيكون القرار الصحيح لتحقيق الاستقرار حتي يمكن استئناف العملية السياسية، وإن الواجب الوطني يحتم عليه التدخل إذا كانت مصر علي شفا التراجع، فإن مجلة 'الفورين بوليسي'، علقت علي ذلك برؤية تحليلة تتضمن سبع نقاط، هي:
1- إن البرادعي عندما تحدث عن خطورة إجراء الانتخابات البرلمانية في أبريل المقبل، فهو قد أصاب، لأن ذلك سوف يجعل البلد حقاً في حالة من الفوضي وعدم الاستقرار الكاملين خلال المرحلة القادمة.
2- إن ما عبر عنه البرادعي من دعوة الجيش، إنما جاء كنتيجة طبيعية لأداء الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين خلال المرحلة الانتقالية، وهو الذي جعل عملية الانتقال إلي الديمقراطية فوضوية، وبذلك يكون قد فشل في مهمته والاضطرابات والانقسامات خير دليل.
3- إن الكارثة الاقتصادية التي توشك أن تحل بمصر، سوف تكون ببساطة النتيجة المنطقية لكل هذا، وسوف تجعل تدخل الجيش لإنقاذ البلد أمراً مؤكداً.
4- إنه في حال تدخل الجيش، فإن الإخوان ربما يقاومون قليلاً، لكنهم سيمتثلون سريعاً، كي يضمنوا لأنفسهم مستقبلاً سياسياً في مصر، وإذا قاتلوا قليلاً، فالجيش لن يتركهم، وسوف يعودون إلي العمل تحت الأرض لتنتهي بذلك التجربة السيئة للإسلام السياسي في حكم مصر للأبد.
5- إن الجيش المصري تعلم من أخطائه في عهد المشير طنطاوي وسيكون أكثر ذكاء هذه المرة، وسيمهد الساحة لإصدار دستور جديد وانتخابات رئاسية جديدة قبل أن يغادر المشهد.
6- إنه ربما يصدر عن المجتمع الدولي ما يشبه 'صياح الديكة' لكنه سيكون راضياً، فالمجتمع الدولي لم يكن أبداً يريد صعود نظام إسلامي والمعارضة ستقدم حينها قيادة بديلة يمكنها أن تمضي بمصر للأمام.
7- إن المجتمع الدولي سوف يحصر في النهاية ردود أفعاله في الاستمرار في الصياح حال تدخل الجيش، لكنه سيتفرج علي تطورات الأوضاع، ما دامت مصر ظلت مستقرة ففشل مصر ليس خياراً مسموحاً به لاعتبارات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة.
كانت تلك هي الرؤية التي طرحتها مجلة 'الفورين بوليسي' وثيقة الصلة بصناع القرار في الولايات المتحدة، وهي رؤية تنطلق من قراءة أمريكية لتطورات الأوضاع في مصر والخطوات المستقبلية المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة.
لقد عقدت خلال الأسابيع الأخيرة العديد من حلقات النقاش داخل مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار في الولايات المتحدة والغرب لمناقشة السيناريوهات المتوقعة لمسار الأحداث في مصر، وقد خلصت الأبحاث المختلفة إلي عدد من الحقائق المهمة، أبرزها:
أولاً: إن الأوضاع في مصر تزداد تدهوراً وإن البلاد سوف تشهد المزيد من القلاقل الأمنية التي سيكون لها انعكاساتها الخطيرة علي أحوال المصريين ومعيشتهم، وإن ذلك قد يدفع الجيش إلي الإسراع بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة أن انفلات الأوضاع في بلد بحجم مصر وعدد سكانها لن يكون سهلاً السيطرة عليه، خاصة إذا ما امتدت رقعة الحريق إلي أماكن أخري في البلاد.
ثانياً: إن تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة المصرية والاستجابة لفاتورة صندوق النقد الدولي، بما يفضي إلي رفع الدعم عن المواد البترولية وبعض المواد الغذائية، من شأنه أن يمهد الطريق أمام ثورة الجوع في بلد يعيش فيه تحت خط الفقر أكثر من نصف السكان، كما أن إمكانية علاج هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في ظل ندرة الموارد السياحية والاستثمارية قد يضع البلاد أمام الفرصة المستحيلة للنهوض مرة أخري في الأمد المنظور، ما لم يكن هناك مشروع خليجي - غربي، يشبه مشروع 'مارشال' لدعم الاقتصاد المصري، وهو أمر لن يتحقق بسبب المواقف الرافضة للعديد من دول الخليج لحكم جماعة الإخوان.
ثالثاً: إن النظام الحاكم والذي يستند إلي مرجعية دينية ليس في مقدوره إعطاء حل ناجع للأزمات التي يعيشها المجتمع المصري والتي تهدد بحرب أهلية وتآكل سلطة الدولة، بسبب الاعتقاد يقيناً أن الإقرار بالديمقراطية وتداول السلطة لن يكون في صالح الرئيس أو جماعته، وأن البديل عن ذلك ربما يكون أشد خطورة وقد يؤدي إلي انهيار جماعة الإخوان والزج بأعضائها إلي السجون مرة أخري بسبب تورطهم في الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد.
رابعاً: إن الموقف الدولي وتحديداً الأمريكي لم يعد متحمساً لاستمرار حكم الإخوان المسلمين بعد فشلهم الذريع، وتحميل إدارة أوباما المسئولية عن دعم هذه الجماعة ووصولها إلي السلطة، وأن هذا الأمر يخضع الآن لمراجعة شاملة داخل مؤسسات صنع القرار في أمريكا والغرب، خاصة بعد أن أثبتت الأحداث أن وصول الإخوان للحكم لم ينجح في احتواء تيارات التطرف المعادية للغرب ولقيم الديمقراطية، بل كان سبباً في ازدياد حدة التطرف في مناطق مثل سيناء ومالي وجنوب الجزائر، وأن ذلك ربما كان أحد الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية إلي التراجع بعض الشيء عن إمداد المعارضين الإسلاميين لنظام بشار الأسد بالأسلحة، والسعي من خلف ستار إلي إيجاد حل سلمي يبقي علي حكم بشار مع إجراء إصلاحات ديمقراطية شاملة في نظام الحكم، تؤدي إلي مشاركة سياسية واسعة.
خامساً: إن جماعة الإخوان أثبتت أنه لا يمكن الوثوق بها، بعد انقلابها علي كافة تعهداتها بمجرد تسلمها السلطة كاملة في مصر، وهذا أيضاً يجعل التزاماتها بعملية السلام والمحافظة علي الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل ولجم حركة حماس في غزة في مهب الريح، خاصة أن لدي العديد من الدوائر الغربية معلومات عن تنسيق مشترك بين جماعة الإخوان وحركتي حماس والجهاد وأن عمليات تهريب واسعة قد جرت من داخل الأنفاق التي لا يزال الرئيس مرسي وجماعته يصرون علي بقائها مفتوحة أمام حركة التجارة والأسلحة بين البلدين..
لكل هذه الأسباب وغيرها، بات الغرب في انتظار حدث ما علي الساحة المصرية، الحسابات معقدة، والسيسي يتميز بالصمت والتكتم الشديد، لكنه في نفس الوقت يبدو أكثر حزماً، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي للبلاد..
من هنا يظل السؤال المطروح.. هل يفعلها السيسي، متي، وكيف، ووفق أي سيناريو، ماذا عن الجماعة، وماذا عن صياح الديكة في الغرب؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.