تجارة القناة تعلن قواعد القبول بالبرامج الجديدة بنظام الساعات المعتمدة للعام الجامعي 2026    عاجل من الضرائب، إلزام فئات جديدة بإصدار إيصالات إلكترونية في هذا الموعد    قيادي بحماس: تعاملنا بمسؤولية ومرونة في المفاوضات وطالبنا بضمان تدفق المساعدات    تطورات مهمة في عرض قاسم باشا التركي لشراء لاعب الأهلي    محاكمة ربة منزل بالمرج بتهم الترويج للأعمال المنافية والنصب على المواطنين    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    مفاوضات مع مايلي سايرس وآريانا جراندي لتقديم عرض مشترك في Super Bowl    باحث أكاديمي ينفي عن توفيق الحكيم صفة البخل ويكشف تفاصيل مساهمته في تأسيس معهد الموسيقى    «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 15 مليون خدمة طبية مجانية خلال 10 أيام    تجديد حبس سائق بتهمة سرقة 6 ملايين جنيه من مالك شركة يعمل بها بالعمرانية    الأرصاد تحذر من ذروة موجة حارة تضرب القاهرة    تنسيق 2025.. موعد المرحلة الأولى لطلاب الثانوية العامة وأسماء الكليات المتاحة لكل شعبة (تصريحات خاصة)    أسعار الخضروات اليوم السبت 26 يوليو في سوق العبور للجملة    مطار مرسى علم يستقبل 184 رحلة من 15 دولة أوروبية الأسبوع الجاري    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    كيم جونج أون لجيشه: يجب الإستعداد ل«حرب حقيقية في أي وقت»    الكونجرس الأمريكي: 75% من سكان غزة يواجهون مجاعة عقب الحصار الذي فرضه نتنياهو    تعرف شخصية ليلى زاهر في مسلسل وادي وبنت وشايب    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    قائمة الجامعات الأهلية المعتمدة في تنسيق 2025.. دليل شامل للطلاب الجدد    «لو ابنك بلع مياه من حمام السباحة؟».. خطوات فورية تحميه من التسمم والأمراض    «خبراء يحذرون»: لا تغلي «الشاي مع الحليب» لهذا السبب    «لماذا ينصح بتناول لحم الديك الرومي؟»... فوائد مذهلة لهذه الفئات    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    اكتشاف حفرية ديناصور عمرها 67.5 مليون عام تحت موقف سيارات متحف دنفر    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    أبو حلاوة يا تين.. عم محمود أقدم بائع تين شوكى فى مصر عمره 65 سنة.. فيديو    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    برج الحوت.. حظك اليوم السبت 26 يوليو: رسائل غير مباشرة    إيطاليا: الاعتراف بدولة فلسطين ليس ممكنا إلا باعترافها بإسرائيل    2 مليار جنيه دعم للطيران وعوائد بالدولار.. مصر تستثمر في السياحة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الجزار: الأهلي تواصل معي لضمي.. وهذا موقفي من الانتقال ل الزمالك    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    حماس: لم نُبلغ بوجود أي إشكال بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ونستغرب تصريحات ترامب    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى بكرى يكتب:هل يعود «الجيش» إلى السلطة من جديد
نشر في الوطن يوم 06 - 03 - 2013

تطورات الأحداث لن تبقى الجيش متفرجاً.. و«السيسى» يؤكد: «الأمن القومى» خط أحمر
عندما سأل «كيرى» «السيسى» عن تصريحات رئيس الأركان؟ رد عليه وزير الدفاع: ماذا إذا تعرض أمن أمريكا للخطر؟!
«الفورين بوليسى»: تصريحات «البرادعى» بعودة الجيش لها دلالاتها و«الإخوان» لن يستطيعوا مقاومة الجيش
«السيسى» هو الذى طلب من الرئيس نزول الجيش لمدن القنال خوفاً من التهديدات الموجهة لقناة السويس
مكتب الإرشاد يدرس السيناريوهات المتوقعة.. وتحذيرات الجيش دفعت الرئيس إلى «الارتباك»
هل يفعلها الجيش؟!
إنه السؤال الأهم، داخلياً وخارجياً، تحليلات وأبحاث، خبراء، وعسكريون، صحف غربية وأمريكية تسرب معلومات نقلاً عن أجهزة استخبارات.. كل الطرق تؤدى حتماً إلى تدخل الجيش لإنقاذ البلاد من خطر الفوضى والحرب الأهلية، التى راحت نذرها تلوح فى الأفق، لتطيح بالنظام وأركان الدولة!!
عندما جاء جون كيرى إلى القاهرة، مساء السبت الماضى، كان يحمل ملفاً كاملاً يتضمن سيناريوهات وتوقعات عدد من خبراء الخارجية الأمريكية للوضع فى مصر، ناقش مع الرئيس باستفاضة، واستمع كثيراً إلى الفريق أول عبدالفتاح السياسى، وزير الدفاع..
كان سؤال جون جيرى المباشر إلى وزير الدفاع المصرى: ماذا يعنى تصريح رئيس الأركان المصرى، الفريق صدقى صبحى «إذا احتاج الشعب الجيش فسيكون فى الشارع بعد ثانية واحدة»؟.. كان السؤال المقابل للفريق السيسى: ماذا إذا تعرض الأمن القومى الأمريكى للخطر؟!
استرسل الفريق أول السيسى فى حديثه: «الجيش المصرى لا يرغب فى العودة إلى لعب دور سياسى، لقد أدينا مهمتنا فى المرحلة الانتقالية وكنا أوفياء، لكن عندما يتعرض أمن البلاد للخطر سيكون من الصعب على الجيش المصرى أن يقف متفرجاً.. بالقطع سنتدخل لحماية الدولة من السقوط..
كان جون كيرى يعرف جيداً تفاصيل مسار العلاقة بين الجيش المصرى ومؤسسة الرئاسة، لقد تدهورت العلاقة كثيراً منذ قرار الرئيس بإصدار الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر 2012، دون استشارة المؤسسة العسكرية، رغم خطورة هذا الإعلان وتداعياته..
منذ هذا الوقت، وتحديداً منذ إصدار الجيش لبيانه القوى فى 8 ديسمبر، أى فى أعقاب أحداث الاتحادية، التى أدت إلى سقوط عشرة قتلى وجرح المئات، بدأت بوادر الأزمة.
كان بيان الجيش يحمل إشارات محددة، ويحمل الأطراف جميعها مسئولية تردى الأوضاع، ويطالبها باللجوء إلى مائدة الحوار ويهدد بأنه لن يسمح أبداً بسقوط الدولة وانتشار الفوضى.. ويعلن انحيازه إلى الشعب والحرص على وحدته.
فى هذا الوقت حاول الرئيس مرسى استيعاب غضبة الجيش، خاصة أن جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها، كانت هى وراء التصعيد الذى تمثل فى صدور تعليمات إلى كوادر الجماعة بالزحف إلى الاتحادية لتأديب المعارضين السلميين للرئيس مرسى..
لقد وافق الرئيس مرسى على اقتراح من الفريق أول عبدالفتاح السيسى يقضى برعاية حوار تدعو إليه القوات المسلحة لكافة الفرقاء على الساحة، بدأت الدعوة يوم 11 ديسمبر، جرت الاتصالات بكافة الأطراف لعقد مائدة الحوار فى الثالثة من عصر الأربعاء 12 ديسمبر.
أدركت جماعة الإخوان أن الجيش سوف ينجح فى دعوته، انتظرت على أمل أن ترفض جبهة الإنقاذ المشاركة فى الحوار، إلا أن الجبهة أعلنت مشاركتها فى وقت مبكر من صباح الأربعاء، الجماعة أعلنت على الفور موقفها الرافض، مارست ضغوطها على الرئيس، قالوا له «إن إجماع الكافة وتلبيتهم لدعوة الجيش هى إشارة تعنى أنه محل إجماع، بينما ترفض بعض من هذه القوى المشاركة فى الحوار الذى دعا إليه الرئيس».
لقد وضع الرئيس قيادة القوات المسلحة فى موقف لا تحسد عليه، عندما طالبها بإلغاء الدعوة لهذا الحوار، وراح المتحدث باسم الرئاسة يدلى ببيان يؤكد فيه أن المكان الوحيد للحوار الوطنى هو مؤسسة الرئاسة وليس غيرها..
منذ هذا الوقت أدرك الفريق أول عبدالفتاح السيسى أنه لا توجد نوايا جادة لوضع حد للأزمة المتصاعدة بين جبهة المعارضة، وخلفها قطاع كبير من فئات الشعب، وبين جماعة الإخوان، وحولها العديد من التيارات الإسلامية الحليفة.
ومع تصاعد العنف وانتشار الدعوة للعصيان المدنى، لم يكن هناك من خيار سوى إطلاق المزيد من التصريحات التى تؤكد أن الجيش لن يترك الدولة تنهار، وأنه سيقف دوماً مع الشعب ولن يتخلى عنه..
ومع تزايد حالة الانفلات الأمنى وسقوط العشرات من الشهداء ومئات الجرحى فى السويس والإسماعيلية وبورسعيد، كان طبيعياً أن يتحرك الجيش، لوقف تردى الأوضاع فى هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة، طلب وزير الدفاع من رئيس الجمهورية ضرورة الموافقة على نزول الجيش إلى المحافظات الثلاث لحفظ الأمن فيها جنباً إلى جنب مع الشرطة وحفظ أمن قناة السويس من أى مخاطر متوقعة.. ولم يكن أمام الرئيس من خيار بديل فقرر الموافقة على الطلب.
كانت تعليمات وزير الدفاع للقادة والضباط والجنود حذارِ من الصدام وإطلاق الرصاص على المواطنين مهما كانت الأحوال.
استقبل سكان المحافظات الثلاث القوات المسلحة التى انتشرت فى هذه المناطق بارتياح كبير، غير أن التصعيد الذى جرى بين الشرطة والمواطنين، وضع الجيش فى موقف لا يحسد عليه، فراح يلعب دور الفصل بين المتظاهرين والشرطة، ومع تصاعد الأحداث، راح الجيش يقوم بدور الحماية للمتظاهرين، وهو الأمر الذى عبر عنه العقيد أحمد محمد على، المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة، بالقول: «إن تأمين مدينة بورسعيد الباسلة عهد قطعه رجال القوات المسلحة على أنفسهم مهما كانت التضحيات».
غضب الرئيس من موقف الجيش، كأنه كان يريد منهم مواجهة هذا الجمهور الغاضب، وهو الأمر الذى سبق أن رفضه أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة جميعاً خلال لقاء الرئيس مرسى بهم فى 5 فبراير الماضى، والذى استمر لأكثر من ثلاث ساعات، وخرج منه الرئيس مرسى غاضباً!!
كان الجيش قد حسم أمره منذ البداية، لن نتورط فى أى أحداث عنف، ولن نقف مع طرف ضد طرف آخر، وهو أمر لم يرض الرئيس مرسى الذى حاول الاستعانة بالجيش فى أحداث الاتحادية فلم يجد استجابة، كما فشل وقتها فى دفع الشرطة إلى الدخول لساحة المواجهة، مما اضطره بعد ذلك إلى إبعاد اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، وإقالته من منصبه.
ومنذ هذا الوقت، يبدو أن هناك قراراً قد اتخذ بممارسة الضغط على الفريق أول السيسى، عبر الشائعات وتسريب أخبار عن قرب إقالته، كانت بالونات اختبار الهدف منها معرفة ردود الأفعال، فكان الرد قوياً، الجيش لن يسمح بتكرار سيناريو خروج المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، مع الفريق أول عبدالفتاح السياسى، والمساس بقادة القوات المسلحة خلال الفترة الراهنة سيكون أشبه بحالة انتحار للنظام السياسى القائم بأكمله.
لقد سادت حالة من الغليان والغضب صفوف القادة والضباط والجنود، أدركوا أن الهدف هو أخونة الجيش وإبعاد قادته الذين أعلنوا تمسكهم بالعقيدة الوطنية وانحيازهم للشعب، فاضطر الرئيس مرسى إلى الخروج ليثنى على الفريق أول عبدالفتاح السيسى وعلى قادة الجيش، ورجاله.
لقد بدا الرئيس قلقاً من حالة الغضب التى سادت الجيش، حاول تهدئة المشاعر سريعاً، وجه الشكر إلى القوات المسلحة على دورها فى حفظ الأمن بالقمة الإسلامية بعد مرور نحو 15 يوماً على انتهاء أعمال القمة، التقى وزير الدفاع، وراح البعض يسرب ادعاءات كاذبة وينسب لوزير الدفاع أقوالاً لم تحدث، بل تجرأ البعض منهم وقال: «إن الرئيس أدب الفريق أول السيسى فى هذا اللقاء»، وهو أمر استفز الجيش الذى راح يرد بسرعة على هذه الأكاذيب.
ومع تصاعد الأزمة فى مدن القنال وفى العديد من المحافظات الأخرى، طلب الفريق أول السيسى من الرئيس مرسى ضرورة البحث عن حل سياسى ينهى الأزمات المتصاعدة ومن بينها تأجيل الانتخابات البرلمانية لحين التوصل إلى حل توافقى مع جبهة الإنقاذ وقوى المعارضة، إلا أن الرئيس رفض الاستجابة، واعتبر أن ما يجرى فى المحافظات هى أعمال بلطجة يقوم بها صبية، وسرعان ما تنتهى.
وعندما أطلق رئيس الأركان، صدقى صبحى، تصريحه المدوى «عن استعداد الجيش لتلبية مطلب الشعب والنزول إلى الشارع إذا ما احتاجه بعد دقيقة واحدة»، غضب الرئيس، وأجرى اتصالاً بوزير الدفاع يسأله عن معنى ودلالات هذا التصريح، فما كان من الفريق أول السيسى إلا أن أكد أن خيار الجيش هو مع الشعب دائماً، وأن هناك قلقاً وغضباً داخل الجيش من جراء تصاعد العنف فى البلاد وعدم الاستجابة لأى مبادرة سياسية لحل الأزمة المتفاقمة.
بعد هذا التصريح الذى أطلقه الفريق صدقى صبحى، عقد مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، اجتماعاً تدارس فيه معنى هذه التصريحات، وتولد لدى الجميع قناعة بأن هذا التصريح قد جاء بموافقة كاملة من الفريق أول عبدالفتاح السيسى، بدليل أنه لم يصدر أى رد أو توضيح من وزير الدفاع على هذا التصريح رغم معرفته بغضب الرئيس مما حدث.
كان الفريق أول السيسى قد أدلى بتصريحات مهمة ولها دلالتها خلال لقائه بطلاب الكلية الحربية فى 29 يناير الماضى، وهو أمر أثار أيضاً قلق الجماعة والرئيس، ووضعوا هذه التصريحات جنباً إلى جنب مع تصريحات أخرى أطلقها وزير الدفاع فى أوقات سابقة.
لقد أكد الفريق أول السيسى فى هذا اللقاء «أن التحديات والإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التى تواجه مصر حالياً تمثل تهديداً حقيقياً لأمنها وتماسك الدولة المصرية وأن استمرار هذا المشهد دون معالجة من كافة الأطراف يؤدى إلى عواقب وخيمة تؤثر على ثبات واستقرار الوطن، وهو أمر خطير يضر بالأمن القومى ومستقبل الدولة».
وقال: «إن الجيش المصرى سيظل هو الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود القوى الذى ترتكز عليه أركان الدولة المصرية، وهو جيش كل المصريين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم».
لقد أصبحت هناك قناعة لدى الرئيس وجماعته بأن وزير الدفاع يسعى إلى خلق مؤسسة موازية لمؤسسة الرئاسة، وأنه يرفض الخضوع لتعليمات القائد الأعلى ورئيس الجمهورية، وأن ذلك وضع من شأنه أن يثير القلق لدى صناع القرار ويمهد الطريق أمام مفاجآت غير متوقعة فى مسار الصراع المكتوم بين الطرفين.
خيارات الجيش:
إن القراءة الموضوعية للبيانات الصادرة عن المؤسسة العسكرية، تظهر أن الجيش لم يعد يراهن على مؤسسات الحكم فى إنقاذ البلاد من خطر الفوضى والانهيار، خاصة مع تردى الأوضاع الاقتصادية بسبب سياسات التخبط والعشوائية.
ويدرك المتأمل أيضاً أن هناك شعوراً لدى الجيش بأن مساحة الخطر تتزايد، وأن البلاد باتت على شفا حرب أهلية، سيتحمل النظام القائم مسئوليتها فى الأساس، خاصة بعد إصداره للإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر الماضى، والذى كان بداية الغضب الشعبى الكبير الذى أوصل البلاد إلى العنف والعصيان.
وهناك شعور متزايد لدى الجيش بأن هناك محاولات لعزله عن القيام بدوره الوطنى والتربص به، وانتظار الفرصة لأخونة قياداته الرئيسية وعزل القيادات الحالية، وهو شعور أصبح يتنامى بفعل المعلومات التى تصل إلى قيادة الجيش عن اتصالات واجتماعات وشائعات تجرى من خلف ستار.
وخلال الأيام الماضية تصاعدت حدة الخلافات فى ضوء إصرار قيادة الجيش على هدم الأنفاق بين سيناء وغزة وهو الأمر الذى أثار غضب الرئيس، إلا أن عمليات التهريب والتسلل والمخاوف الأمنية كانت وراء إصرار الفريق أول السيسى على الاستمرار فى خطته.
كانت المعلومات التى وصلت إلى الجيش مؤخراً أكدت أن هناك عناصر فلسطينية متشددة قد دخلت إلى البلاد عبر هذه الأنفاق، يحمل المئات منهم بطاقات الرقم القومى المصرية، خاصة بعد ثبوت تمكن بعض من هذه العناصر فى سرقة وتهريب ماكينة طباعة الرقم القومى من مصلحة الأحوال المدنية فى سيناء، أثناء فترة الثورة.
وقد بدأت جهات استخبارية داخل الجيش والأمن فى مطادرة هذه العناصر التى تم القبض على بعضها فى مناطق قريبة من ميدان التحرير وغيرها من مناطق وسط العاصمة وقيل إن هذه العناصر المدربة تدريباً عسكرياً متميزاً قد جاءت لمساندة جماعة الإخوان فى أى صدامات متوقعة فى الفترة القادمة، وهى أيضاً خطوة تثير حساسية خاصة لدى الجماعة ضد السيسى!!
وإذا كان قرار هدم الأنفاق قد اتخذ لحسابات تتعلق بالأمن القومى للبلاد فإن القرار أثار ارتياحاً أمريكياً كبيراً لموقف الجيش المصرى، حيث رأت الإدارة الأمريكية أن رفض الرئيس مرسى لإغلاق الأنفاق رغم وجود المعابر إنما يعنى تراجعاً عن الوعد الذى قطعته الجماعة للإدارة الأمريكية وللمسئولين الإسرائيليين بإغلاق الأنفاق من الجانب المصرى بعد فتح المعابر مباشرة.
وهناك قضية تمليك الأراضى الحدودية فى سيناء، وقد عقد الرئيس أكثر من لقاء مع بعض مشايخ وعواقل سيناء، إلا أنه حمل الجيش والفريق السيسى مسئولية إصدار قرار حظر التملك فى الأراضى الحدودية، وهو ما رد عليه الجيش بأنه لا تراجع فى ضوء مقتضيات الأمن القومى.
ويبدو أن أحداث مدن القنال، وما يجرى فى بورسعيد تحديداً ربما يكون من أهم العوامل التى سوف تدفع إلى المزيد من الخلاف فى الفترة المقبلة، فالرئيس يرى بضرورة أن يأخذ الجيش موقف الشرطة بهدف إعادة الأمن والاستقرار إلى بورسعيد وبقية مدن القنال، والفريق أول السيسى يرى أن المعالجة الأمنية خاطئة، ولن تؤدى إلى شىء، بل ستزيد من الأوضاع احتقاناً، ومع تصاعد الأمور خلال الأيام الثلاثة المقبلة، ربما يؤدى الأمر إلى تأزم كبير فى الموقف، لا يعرف أحد مداه.
ووفقاً لرؤية محللين غربيين فإن الجيش قد يضطر إلى التدخل حال تدهور الأوضاع الأمنية خلال الفترة المقبلة، ولكن لا أحد يعرف مدى هذا التدخل وأبعاده، وعما إذا كان مرتبطاً بحل شامل للأوضاع، أم هو حل جزئى هدفه ضبط الأمور فى البلاد وإلزام الفرقاء بالتوصل إلى حل يمثل خروجاً من الأزمة الراهنة.
مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية قالت مؤخراً «إنه إذا تدخلت القوات المسلحة فإن ذلك لا يمكن اعتباره نزهة فى حديقة».
وقالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»: عندما يحذر الجيش المصرى من انهيار الدولة فقد حان وقت القلق!!
أما ستيفن كوك، المحلل السياسى، والمتخصص فى دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، فقد قال معلقاً: «إن عودة الجيش المصرى إلى ثكناته لا تعنى أبداً أنه ابتعد عن النظام السياسى، حيث إن تحذير السيسى من انهيار الدولة مثير للانتباه»، وقال: «إذا تطور الوضع لن يجد الجيش أمامه اختياراً، كما أنه من المرجح أن يجد استقبالاً حاراً، والرأى العام لن يعارض هذه العودة».
وعندما دعا د.محمد البرادعى إلى تدخل الجيش وقال إنه سيكون القرار الصحيح لتحقيق الاستقرار حتى يمكن استئناف العملية السياسية، وإن الواجب الوطنى يحتم عليه التدخل إذا كانت مصر على شفا التراجع، فإن مجلة «الفورين بوليسى»، علقت على ذلك برؤية تحليلة تتضمن سبع نقاط، هى:
1- إن البرادعى عندما تحدث عن خطورة إجراء الانتخابات البرلمانية فى أبريل المقبل، فهو قد أصاب، لأن ذلك سوف يجعل البلد حقاً فى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار الكاملين خلال المرحلة القادمة.
2- إن ما عبر عنه البرادعى من دعوة الجيش، إنما جاء كنتيجة طبيعية لأداء الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين خلال المرحلة الانتقالية، وهو الذى جعل عملية الانتقال إلى الديمقراطية فوضوية، وبذلك يكون قد فشل فى مهمته والاضطرابات والانقسامات خير دليل.
3- إن الكارثة الاقتصادية التى توشك أن تحل بمصر، سوف تكون ببساطة النتيجة المنطقية لكل هذا، وسوف تجعل تدخل الجيش لإنقاذ البلد أمراً مؤكداً.
4- إنه فى حال تدخل الجيش، فإن الإخوان ربما يقاومون قليلاً، لكنهم سيمتثلون سريعاً، كى يضمنوا لأنفسهم مستقبلاً سياسياً فى مصر، وإذا قاتلوا قليلاً، فالجيش لن يتركهم، وسوف يعودون إلى العمل تحت الأرض لتنتهى بذلك التجربة السيئة للإسلام السياسى فى حكم مصر للأبد.
5- إن الجيش المصرى تعلم من أخطائه فى عهد المشير طنطاوى وسيكون أكثر ذكاء هذه المرة، وسيمهد الساحة لإصدار دستور جديد وانتخابات رئاسية جديدة قبل أن يغادر المشهد.
6- إنه ربما يصدر عن المجتمع الدولى ما يشبه «صياح الديكة» لكنه سيكون راضياً، فالمجتمع الدولى لم يكن أبداً يريد صعود نظام إسلامى والمعارضة ستقدم حينها قيادة بديلة يمكنها أن تمضى بمصر للأمام.
7- إن المجتمع الدولى سوف يحصر فى النهاية ردود أفعاله فى الاستمرار فى الصياح حال تدخل الجيش، لكنه سيتفرج على تطورات الأوضاع، ما دامت مصر ظلت مستقرة ففشل مصر ليس خياراً مسموحاً به لاعتبارات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة.
كانت تلك هى الرؤية التى طرحتها مجلة «الفورين بوليسى» وثيقة الصلة بصناع القرار فى الولايات المتحدة، وهى رؤية تنطلق من قراءة أمريكية لتطورات الأوضاع فى مصر والخطوات المستقبلية المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة.
لقد عقدت خلال الأسابيع الأخيرة العديد من حلقات النقاش داخل مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة والغرب لمناقشة السيناريوهات المتوقعة لمسار الأحداث فى مصر، وقد خلصت الأبحاث المختلفة إلى عدد من الحقائق المهمة، أبرزها:
أولاً: إن الأوضاع فى مصر تزداد تدهوراً وإن البلاد سوف تشهد المزيد من القلاقل الأمنية التى سيكون لها انعكاساتها الخطيرة على أحوال المصريين ومعيشتهم، وإن ذلك قد يدفع الجيش إلى الإسراع بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة أن انفلات الأوضاع فى بلد بحجم مصر وعدد سكانها لن يكون سهلاً السيطرة عليه، خاصة إذا ما امتدت رقعة الحريق إلى أماكن أخرى فى البلاد.
ثانياً: إن تردى الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة المصرية والاستجابة لفاتورة صندوق النقد الدولى، بما يفضى إلى رفع الدعم عن المواد البترولية وبعض المواد الغذائية، من شأنه أن يمهد الطريق أمام ثورة الجوع فى بلد يعيش فيه تحت خط الفقر أكثر من نصف السكان، كما أن إمكانية علاج هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فى ظل ندرة الموارد السياحية والاستثمارية قد يضع البلاد أمام الفرصة المستحيلة للنهوض مرة أخرى فى الأمد المنظور، ما لم يكن هناك مشروع خليجى - غربى، يشبه مشروع «مارشال» لدعم الاقتصاد المصرى، وهو أمر لن يتحقق بسبب المواقف الرافضة للعديد من دول الخليج لحكم جماعة الإخوان.
ثالثاً: إن النظام الحاكم والذى يستند إلى مرجعية دينية ليس فى مقدوره إعطاء حل ناجع للأزمات التى يعيشها المجتمع المصرى والتى تهدد بحرب أهلية وتآكل سلطة الدولة، بسبب الاعتقاد يقيناً أن الإقرار بالديمقراطية وتداول السلطة لن يكون فى صالح الرئيس أو جماعته، وأن البديل عن ذلك ربما يكون أشد خطورة وقد يؤدى إلى انهيار جماعة الإخوان والزج بأعضائها إلى السجون مرة أخرى بسبب تورطهم فى الأحداث الأخيرة التى شهدتها البلاد.
رابعاً: إن الموقف الدولى وتحديداً الأمريكى لم يعد متحمساً لاستمرار حكم الإخوان المسلمين بعد فشلهم الذريع، وتحميل إدارة أوباما المسئولية عن دعم هذه الجماعة ووصولها إلى السلطة، وأن هذا الأمر يخضع الآن لمراجعة شاملة داخل مؤسسات صنع القرار فى أمريكا والغرب، خاصة بعد أن أثبتت الأحداث أن وصول الإخوان للحكم لم ينجح فى احتواء تيارات التطرف المعادية للغرب ولقيم الديمقراطية، بل كان سبباً فى ازدياد حدة التطرف فى مناطق مثل سيناء ومالى وجنوب الجزائر، وأن ذلك ربما كان أحد الأسباب التى دفعت الإدارة الأمريكية إلى التراجع بعض الشىء عن إمداد المعارضين الإسلاميين لنظام بشار الأسد بالأسلحة، والسعى من خلف ستار إلى إيجاد حل سلمى يبقى على حكم بشار مع إجراء إصلاحات ديمقراطية شاملة فى نظام الحكم، تؤدى إلى مشاركة سياسية واسعة.
خامساً: إن جماعة الإخوان أثبتت أنه لا يمكن الوثوق بها، بعد انقلابها على كافة تعهداتها بمجرد تسلمها السلطة كاملة فى مصر، وهذا أيضاً يجعل التزاماتها بعملية السلام والمحافظة على الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل ولجم حركة حماس فى غزة فى مهب الريح، خاصة أن لدى العديد من الدوائر الغربية معلومات عن تنسيق مشترك بين جماعة الإخوان وحركتى حماس والجهاد وأن عمليات تهريب واسعة قد جرت من داخل الأنفاق التى لا يزال الرئيس مرسى وجماعته يصرون على بقائها مفتوحة أمام حركة التجارة والأسلحة بين البلدين..
لكل هذه الأسباب وغيرها، بات الغرب فى انتظار حدث ما على الساحة المصرية، الحسابات معقدة، والسيسى يتميز بالصمت والتكتم الشديد، لكنه فى نفس الوقت يبدو أكثر حزماً، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومى للبلاد..
من هنا يظل السؤال المطروح.. هل يفعلها السيسى، متى، وكيف، ووفق أى سيناريو، ماذا عن الجماعة، وماذا عن صياح الديكة فى الغرب؟!
الحلقة الثانية: غداً الخميس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.