سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زعيم جماعات الجهاد الإسلامية الشيخ نبيل نعيم: فتوي »نعم للدستور« تدخل الجنة.. »ضلال مبين«!
الليبراليون ليسوا كفارا.. وتقسيم المجتمع سيؤدي لانهياره
الرئيس كان محقاً في إلغاء الإعلان الدستوري لكن تأخر في القرار
نبيل نعيم فى حواره مع آخر ساعة سنوات طويلة قضاها خلف قضبان السجون، شكل صداعاً مزمناً في رأس الأنظمة الحاكمة في العديد من الدول التي عاش فيها، دخل السجن 20 عاماً في عهد مبارك، شارك في عملية اغتيال الرئيس السادات، وحكم عليه بالحبس 7 سنوات، أسس لتيار الجهاد الإسلامي في مصر والعالم، حتي عاد وتبني المراجعات الفقهية التي تنبذ العنف، وتحرم سفك الدماء. ظل لفترات طويلة يبحث عن الحقيقة، فتغيرت وجهة نظره في كثير من القضايا، وتراجعت أفكاره من العنف إلي الفكر، وتغيرت أدواته من الرصاص إلي الكلمات، ليثبت أن الدين الإسلامي بريء من دعاة القتل والإرهاب. الشيخ نبيل نعيم، زعيم جماعة الجهاد الإسلامي، يتحدث ل"آخر ساعة"، عن المشهد السياسي الراهن، والعلاقة بين الدين والدولة، ويكشف لنا الكثير من الحقائق الغائبة فيما يحدث بسيناء. بداية، كيف تري المشهد السياسي في مصر، ونحن نجري أول استفتاء لمصر الثورة؟ - أري وبكل صدق، أن المشهد الحالي في مصر لا ينذر بخير، فدعاوي التقسيم والتصنيف، ما بين إسلامي وعلماني وليبرالي وما إلي غير ذلك، هي أخطر ما يواجه مصر في الوقت الراهن، وهذا الأمر كفيل بأن يضيع البلاد كلها، ويذهب بها إلي طريق مسدود. برأيك، من المسئول عن تقسيم المجتمع بهذا الشكل؟ - جميعنا مسئولون عن تقسيم مصر إلي أطياف وفرق، كل من يسعي لنيل منصب أو مكسب دون وجه حق، وكل من يسعي لفرض رأيه بالقوة دون القانون، وكل من يتاجر بأرواح الشهداء والضحايا ليجني الثمار والمكاسب، كل هؤلاء مسئولون عن تقسيم مصر. وأنا هنا أدعو الرئيس الدكتور محمد مرسي، لضرورة أن يستوعب آراء ال09 مليون مصري دون انحياز لطائفة عن أخري أو تمييز حزب الحرية والعدالة، الذي كان ينتمي إليه عن بقية أحزاب الشعب. ما تعليقك علي حالة التكفير التي توجه لبعض التيارات الليبرالية؟ - حالة التكفير التي يطلقها بعض أنصار التيار الإسلامي ضد من يسمونهم بالعلمانيين والليبراليين، أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تفكيك المجتمع، وتقسيمه، وأنا أؤكد لك أن التيارات المدنية في مصر ليست كافرة، ولكنهم أصحاب مشاريع وطنية تختلف عن مشاريع التيارات الإسلامية، وبهذه الرؤية فقط يمكننا أن نستطيع لم شمل المجتمع، أما ما نعيشه الآن من حالة التشرذم فهي من أخطر الأمور علي المجتمع وتخالف مبادئ الشريعة الإسلامية تماماً. لكن بعض الإسلاميين المتشددين أصدروا فتاوي تقول إن من يصوت ب"لا" علي الدستور كافر، وسيدخل النار؟ - مثل هذه الفتاوي بعيدة كل البعد عن الإسلام وليس فيها من القرآن والسنة من شيء، وهي فتاوي الضلال المبين، وأنا أؤكد للجميع أن كلمة "نعم" أو كلمة "لا"، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالدين، وليس بكلمة "نعم" يدخل الناس الجنة، ولا بكلمة "لا" يدخل الناس النار. كما أن من يرون أن الموافقة علي الدستور انتصار للإسلام عليهم أن يعقلوا الأمور لأنهم إذا كانوا يرون أن مادة "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، هي نصرة الإسلام، فعليهم أن يعلموا أن هذه المادة موجودة منذ دستور 1791 ولا دخل للجمعية التأسيسية للدستور في إدخالها، فهي مادة قديمة، لم يحدث لها تعديل، وليس للدستور الجديد، أو من وضعوه فضل في وجودها. ما رأيك في الحصار الذي فرضه أنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامي؟ ذلك الأمر نوع غريب من أنواع الممارسات السياسية، فالاعتصامات والإضرابات والمظاهرات بشكل عام، أمر تكفله الحقوق والحريات، وأمر متاح للجميع، ولا أقول إن عليهم التظاهر بعيداً عن مؤسسات الدولة، أو عليهم عدم تعطيل مصالح الناس، كما أنني أستغرب وبشدة من محاصرتهم لمدينة الإنتاج الإعلامي، رغم أن أغلب إن لم يكن كل شيوخ السلفية وقياداتها ضيوفا دائمين بمختلف القنوات الفضائية وبرامجها المتعددة. البعض تحدث عن قوائم اغتيالات، هل تري أنها جزء من حرب نفسية أم من الممكن تنفيذها بالفعل؟ من الممكن أن تري عمليات اغتيال فعلاً، لكن بصفتي أحد الذين شاركوا في قتل السادات، وأخذت 7 سنين في هذه القضية، اكتشفت أن قتل الرأس لا يفعل شيئاً، أنت عندما تغتال مثلاً حمدين صباحي، في اليوم التالي سيكون له بديل، فالموضوع ليس في حمدين أو البرادعي، الموضوع كله في الشعب، والوضع سيتفجر ليس بموت هؤلاء بوجود أسباب تفجره، ولكن لو فعلوا ذلك سيدفعون الثمن فادحاً. كيف تري العلاقة الآن بين مؤسستي الرئاسة والقضاء؟ - دعني أهمس في أذن الرئيس الدكتور محمد مرسي، لأقول له "في تعاملك مع القضاء"، كان عليك أن تتريث ولا تصطدم بمؤسسة نعلم جميعاً أن استقلالها وحمايتها وعدم النيل منها بأي شكل من الأشكال هو أول الطريق نحو عبور المرحلة الانتقالية والوصول إلي مصر التي ننشدها جميعاً. ويجب أن نعلم جميعاً أن مؤسسات الدولة كلها بما فيها القضاء تحتاج إلي تطهير وتغيير دماء وسياسات، بعد أن ظلت طوال العقود الماضية تعمل في مناخ مليء بالفساد، فأصابها ما أصاب المجتمع كله من انهيار، ولكن الأمر لن ينصلح أبداً بتفكيك هذه المؤسسات وهدمها بالكامل، فذلك سيؤدي لا محالة لانهيار البلد كاملة، وعلينا العمل علي إصلاح هذه المؤسسات، وليس هدمها. ما تعليقك علي الأحداث التي شهدها محيط قصر الاتحادية بعد الإعلان الدستوري قبل الأخير للرئيس مرسي؟ - ما حدث في محيط قصر الاتحادية، كان أمراً خطيراً بل وكارثة اجتماعية ووطنية، تكرس لأسلوب العنف في مواجهة المعارضين، وعلي المتناحرين سياسياً أن يعلموا أن معارضيهم لن ينتهوا بالهجوم عليهم وقتلهم وهم يتظاهرون، فحتي إذا مات كل المتظاهرين المعارضين في مظاهرة واحدة، سيخرج الآلاف غيرهم ممن يؤيدونهم ويطالبون بالقصاص لهم ولن تنتهي المعارضة أبداً ما دمنا ارتضينا السياسة والديمقراطية. وأنا في هذه الأحداث أعيب وبشدة علي جماعة الإخوان المسلمين، التي يجب أن تدرك أن التحارب والانقسام الحادث في المجتمع سيؤدي لانهياره، ولم يكن من الحكمة والسياسة أن تنزل جماعة الإخوان والسلفيين لحماية مؤسسات الدولة، حتي وإن كانت مهددة، فالحرس الجمهوري هو المسئول الوحيد عن حماية القصر الرئاسي، وليس جماعة الإخوان المسلمين. ونزول الإخوان لمحيط قصر الاتحادية كان يمثل إلغاء لدور الدولة، ومؤشر خطير في تعامل الإخوان مع معارضيهم، وتحول الأمر من مجرد خلاف قانوني علي إعلان دستوري أو قرارات رئاسية إلي تناحر طائفي واقتتال بالدم. وكيف تري تعامل الرئيس مرسي مع الهجوم الضاري علي إعلانه الدستوري الأول؟ - كان منطقياً أن يتراجع الرئيس محمد مرسي عن ذلك الإعلان تحت أي حال من الأحوال، حتي وإن كان تراجعاً سياسياً فقط وليس عملياً، ولكن كان يجب أن يحدث ذلك من البداية، فإلغاء الإعلان جاء متأخراً، خاصة بعد أن أصيب الناس بتخوف شديد من حكم جماعة الإخوان، بسبب ما فعله أنصارهم من هجوم علي معتصمي الاتحادية، ولو كان استمع الرئيس مرسي من البداية لشيوخ محكمة النقض كان سيلغي هذا الإعلان منذ صدوره. كيف تري موقف المؤسسة العسكرية من الوضع الحالي؟ - القوات المسلحة تعلمت من تجربة طنطاوي، ولن يكرر ما حدث في الماضي، لهذا أطالب الشعب المصري كله بالالتفاف حول الجيش، لو انهار الجيش مصر ستصبح مثل الصومال، سنتحول إلي الفوضي العارمة وسنقاتل بعضنا البعض وسيصبح كل شخص مسئولاً عن حماية نفسه ولا دولة تحميه، وهذا ما يحدث هناك الآن، فالمؤسسة العسكرية هي صمام الأمان الوحيد للمصريين اليوم، لكن الحالة النفسية للمصريين في الدخول في معترك الصراع الأهلي أصبحت مهيأة تماماً، فالحرب أولها الكلام والشحن وهو ما نعيشه، وأعتقد أن الجيش يتحسس طريقه الآن في انتظار الضوء الأخضر في اللحظة المناسبة. ما تقييمك لأداء حكومة الدكتور هشام قنديل؟ - لم يحدث أي تطور في السياسات المتبعة للدولة وأجهزتها المختلفة، فهي نفس السياسات حيث الغلاء والفوضي وتدني الأجور والبطالة والغياب الأمني ، أما علي مستوي السياسة الخارجية فما زلنا نشجب ونستنكر وغيرها من ما كان يقوم به النظام السابق، وعدم حدوث تغييرات جذرية في مستوي الأداء والخدمات هو ما أدي لعدم رضي الناس عن تلك الحكومة. ما تعليقك علي بعض الفتاوي مثل هدم أبوالهول، والأهرامات؟ - هذه الفتاوي إن دلت فإنها تدل علي شيء واحد، وهو أن من أصدروها جهلاء غير مؤتمنين علي الفتوي وكلهم ليسوا أهلاً للعلم وليس فيهم عالم متخصص، فهم مجموعة من الهواة، لذلك تخرج هذه الفتاوي منهم، فليس كل من يقرأ في علم الطب يصبح طبيباً، فالفتوي لها أصول ويجب أن تكون مع القراءة عالم يعلم ويفسر المسائل الدينية وفتوي أبوالهول والأهرامات غير صحيحة فصاحب الفتوي ليس نبياً مثل إبراهيم عليه السلام الذي زار مصر والأهرامات وأبوالهول موجودون فيها، ولا موسي وعيسي عليهما السلام وأيضاً الصحابة الذين جاءوا إلي مصر وهي بها الأهرامات وأبوالهول. ماذا عن الفتنة الطائفية ومحاولات البعض تأجيج مشاعر الفرقة بين المسلمين والأقباط؟ ؟ - المصريون عاشوا أكثر من 41 قرنا مسلمين وأقباطا، ولم يحدث ما يعكر الصفو بين الطرفين، لكن ما يحدث الآن من طرح تصورات مريضة من فتاوي زعزعت المجتمع، علي سبيل المثال الجزية التي يفتي بها بعض التيارات أن يدفعها الأقباط مقابل الدفاع عنهم لأن الجهاد فريضة إسلامية، هذه الفتوي غير صحيحة والدليل علي ذلك ما قام به أبو عبيدة بن الجراح حينما كان حاكماً للشام قام بتحصيل الجزية وبعد علمه أن الروم حشدت جيشاً كبيراً لدخول الشام قام بردها إليهم لعدم قدرة المسلمين الدفاع عن النصاري، وكذلك خالد بن الوليد وغيرها من الأمثلة، فالمصريون طوال تاريخهم نسيج واحد لا فرق بين مسلم أو نصراني. كيف تري المشهد في سيناء الآن؟ - أريد أن أؤكد أن مجموعة خالد مساعد الهاربين من السجن عقب أحداث الثورة أعادت تشكيل الجماعات الجهادية واستغلت الانفلات الأمني وقامت بالاتصال ببعض الفصائل الفلسطينية في غزة مثل جيش الإسلام ولواءات صلاح الدين وتبادلا التجارة والخبرات القتالية ثم تم الإفراج عن مجموعة الجهاد مؤخراً بقرار من الرئيس مرسي والتي لها علاقات مع هؤلاء وارتباطات بخلية مدينة نصر التي تم ضبطها مؤخراً بالإضافة إلي خلية 6 أكتوبر والعبور.. وأنا أشدد علي أن هذه التيارات تنظر إلي الحكومة والشعب علي أنه كافر، وأغلب هذه العناصر تنتمي إلي القبائل في سيناء وهناك مواجهات من قبل الدولة ضد هذه العناصر التكفيرية والتي تتعاون مع التكفيريين في غزة وهؤلاء لهم علاقات مع الموساد الإسرائيلي لذلك يجب أن تعمل الدولة علي توعية القبائل عن خطورة هذه التيارات حتي إذا تم قتل أبناء القبائل المنضمين لهذه التيارات لا تكون هناك مواجهة أخري بين القبائل والنظام بالإضافة إلي توعية شباب القبائل لكي لا يتم تجنيد شباب جديد. وأؤكد أن التيارات التكفيرية التي تقوم بعمليات في سيناء الآن يتم تحريكها من التيارات التكفيرية في غزة، وهذه الحركات تمتلك القدرة علي المواجهة لعلمها بطبيعة المكان. ما الذي تحتاج إليه مصر حالياً للعبور من مشكلاتها الحالية؟ - البلد المتطلع إلي تنمية حقيقية لن يقوم إلا علي ترابط عناصره، وعلي حياة مشتركة فيما بينهم، واستيعاب لجميع تياراته وأطيافه، أما مسألة التكفير للمخالفين فستؤدي إلي حالة تشكيك، وبالتالي تعطيل البلاد، والحقيقة أن التيارات المدنية في مصر ليست كافرة، ولكنهم كما ذكرت أصحاب مشاريع وطنية تختلف عن مشاريع التيارات الإسلامية، أما ما نعيشه الآن حالة من التشرذم وهي من أخطر الأمور علي المجتمع وتخالف مبادئ الشريعة الإسلامية لأن المبدأ الأساسي هو المحافظة علي وحدة المجتمع، وما حدث في عهد عمر بن الخطاب دليل علي ذلك حينما رفضت نصاري تغرب دفع الجزية وامتنعوا عن دخول الإسلام، صالحهم عمر علي أن يدفعوا للدولة ما استطاعوا دفعه، ولم يفرض عليهم الجزية، والسبب في ذلك أنهم كانوا علي علم كبير بفنون الحرب، وحتي يفوت الفرصة عليهم في الانضمام إلي معسكر الروم.