عرضنا تقديم المساعدات لمصر..ولم نشعر بجدية من الحكومة

في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة جهوداً مضنية للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي الذي تعتبره المفتاح السحري لمخازن مساعدات ومنح الاتحاد الأوروبي تهدر الحكومة فرصاً متاحة للمساعدة وتغلق أبواباً مفتوحة.. كل ما تطلبه مشروعات جادة وحكومة أكثر جدية.. في مقدمتها الباب الياباني متمثلاً في وكالة التعاون الدولية اليابانية "الجايكا" والتي قدمت لمصر منحاً ومساعدات وقروضاً ميسرة بلغت نحو 8 مليارات دولار منذ السبعينيات وحتي الآن.
في حوارنا مع رئيس مكتب "الجايكا" في مصر "هيديكي ماتسوناجا" كان في انتظارنا الكثير من المفاجآت.
قال "ماتسوناجا" ان الجايكا أرادت زيادة جهودها في مصر بعد الثورة لكنها لم تجد شريكاً حقيقياً جاداً كما انها وجدت عدم قدرة علي اتخاذ القرار من جانب الحكومة وصادفت تقصيراً شديداً من جانب المسئولين لدعم التعاون المشترك.
* في البداية سألنا "ماتسوناجا" عن فرص مساعدة "الجايكا" لمصر في ظل الظروف الصعبة الحالية؟!
** أولاً "الجايكا" تقدم مساعدات مالية وفنية مع أكثر من 150 دولة في العالم وترتيب مصر بين هذه الدول يتراوح بين المركز العاشر والحادي عشر ورغم ذلك فاننا نتمني ان تصبح مصر في مركز أفضل من ذلك.
* وما الذي يحول دون ذلك؟
** بعد ثورة 25 يناير أصبح القرار الحكومي بطيئاً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً.. كما ان الحكومات التي توالت بعد الثورة لم تستطع اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة.
* هل هناك أمثلة محددة علي ذلك؟!
** نعم لقد تقدمت "الجايكا" بمشروع لمصر لانتاج طاقة نظيفة وتم الاتفاق علي إقامة مشروع لإنتاج 20 ميجاوات من الكهرباء في الغردقة من خلال استغلال الطاقة الشمسية وقدمنا الأجهزة التكنولوجية المتطورة والمعدات اللازمة لعمل الدراسات الكاملة.. ولم ترد علينا الحكومة حتي الآن.
* قلصت "الجايكا" المنح المالية التي تقدمها لمصر.. ما السبب وراء ذلك؟!
** نحن نعمل كجزء من النظام العالمي والمنح التي لا ترد تقدمها للدول الفقيرة وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها.. وقد أبلغنا صندوق النقد الدولي ان متوسط دخل الفرد في مصر بلغ 3 آلاف دولار أمريكي سنوياً.. وهذا الدخل أعلي من المستوي المتعارف عليه دولياً للبلدان التي تستحق المنح.. ومصر لم تتحرك لتصحيح هذا الرقم إذا كان غير صحيح.
* وماذا تقدم "الجايكا" لمصر؟
** تستطيع ان تقدم قروضاً ضخمة لتمويل مشروعات كبري بتسهيلات ممتازة ونحن نعتبر أكبر هيئة للمعونة الثنائية في العالم.. ونحن حالياً ندعم 33 مشروعاً في مصر من بينها علي سبيل المثال "المتحف المصري الجديد" بقرض ميسر قيمته 430 مليون دولار يسدد علي 30 سنة بفائدة 1.5% ومشروع آخر ضخم للطاقة النظيفة وهو عبارة عن محطة رياح بالزعفرانة بقرض قيمته 150 مليون دولار بفائدة 0.75% ويسدد علي 40 عاماً بخلاف فترة سماح مدتها 10 سنوات بالاضافة إلي مشروع تحديث مطار برج العرب الدولي بقرض قيمته 64 مليون دولار بفائدة 1.5% ويسدد علي 25 عاماً.
* وماذا عن دوركم في انشاء الخط الرابع لمترو الانفاق؟!
** نشارك في هذا المشروع الهام وسوف يربط الخط الرابع بين مدينة السادس من أكتوبر ومحطة الملك الصالح بطول 17 كيلو متراً وسيضم 18 محطة مترو علي أحدث النظم العالمية.
* عادة ما تحيط المساعدات الدولية بعض التخوف من بعض قوي المجتمع حول احتمال وجود أهداف أخري غير معلنة للجهات المقدمة لهذه المساعدات مثل ما يثار حول "المعونة الأمريكية" مثلاً هل لديكم اهتمام خاصة بمصر؟!
** "الجايكا" أكبر هيئة معونة ثنائية في العالم كما سبق وأكدت ونحن نعمل بأكثر من 150 دولة ونهدف إلي دعم الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بهدف مساعدة الدول النامية علي الاعتماد الذاتي والتنمية المستدامة.. وأهدافنا من وراء ذلك معلنة ومشروعة وهي أهداف اجتماعية وتنموية بالمقام الأول ولكن ذلك لا يمنع من تقديم شروطاً جيدة للشراكة الاقتصادية مع قطاعات معينة في حالة استخدام التكنولوجيا والمعدات اليابانية بشكل أساسي.
* باعتباركم هيئة اقتصادية عالية كبري بماذا تنصحون الحكومة المصرية في هذه المرحلة الحرجة اقتصادياً؟!
** أطالب الحكومة بالجدية الشديدة وسرعة اتخاذ القرار ومد يدها لمن يمد لها يده. أيضاً أنصحها بسرعة الانتهاء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي سيكون مؤشراً جيداً علي ان الاصلاح الاقتصادي يسير في الطريق الصحيح وهو ما سيكون عاملاً مشجعاً ودافعاً للمؤسسات الدولية والمستثمرين للتوجه إلي مصر.